النهار

"مسحة الخد" تتنبأ بخطر الوفاة... ما قصة الساعة اللاجينية الجديدة؟
"النهار العربي" تحدث عبر البريد الإلكتروني إلى الدكتور مكسيم شوخيريف، المؤلف الأول للدراسة، ورئيس قسم علم الأحياء الحسابي وعلوم البيانات في شركة "تالي هيلث" في نيويورك
"مسحة الخد" تتنبأ بخطر الوفاة... ما قصة الساعة اللاجينية الجديدة؟
مسحة من الفم تفعل ساعة لاجينية جديدة للتنبؤ بمخاطر الوفاة
A+   A-

منذ فجر الحضارة، ثمة سؤال ملح يطارد الإنسان؛ متى يأتي الموت؟ قديماً تصدى للإجابة عن هذا السؤال المنجمون والعرافون، الذين لم يصيبوا الحقيقة إلا مصادفةً. لكن في عصر العلم، اتخذ السعي نحو الإجابة عن هذا السؤال نمطاً أكثر جدية وموثوقية، فهناك إجابات علمية رصينة قدمها الباحثون، مثل تحديد احتمالية الوفاة في فترة زمنية معينة، لكنها لم تحدد الموعد الدقيق لساعة الموت بعد.

 

وفي ورقة علمية جديدة نُشرت في مجلة Frontiers in Aging مطلع هذا الشهر، أعلن الباحثون عن تطوير CheekAge، وهي ساعة لاجينية ثورية تستخدم لتقدير خطر الوفاة "بدقة"، من خلال تحليل خلايا الخد، دون الحاجة لسحب الدم. وتعد هذه التقنية من الجيل الجديد، حيث تتفوق على الطرق التقليدية في التنبؤ بمخاطر الوفاة، لكنها لا تُحدد توقيتها.

 

"النهار العربي" تحدث عبر البريد الإلكتروني إلى الدكتور مكسيم شوخيريف، المؤلف الأول للدراسة، ورئيس قسم علم الأحياء الحسابي وعلوم البيانات في شركة "تالي هيلث" في نيويورك، الذي أجاب بدوره عن تساؤلات حول الساعة اللاجينية الجديدة.

 

أكثر دقة وراحة

في المعتاد تتأثر سرعة شيخوختنا بعوامل وراثية وبيئية. فبينما يتمتع بعض المعمرين ببطء استثنائي في الشيخوخة بفضل "الجائزة الكبرى الوراثية"، تُسرّع عوامل مثل: الإجهاد، سوء النوم، سوء التغذية، والتدخين، والكحول عملية الشيخوخة لدى معظمنا.

 

تؤثر هذه السلوكيات على "جينومنا" وتطبع عليه "علامات لاجينية"؛ حيث يمكن قياس الشيخوخة الجزيئية من خلال تحليلها في الحمض النووي. وقد طور العلماء "ساعات لاجينية" تقيس هذه العلامات، وكان معظمها يعتمد على خلايا الدم، مما قد يسبب بعض الإزعاج. لكن مؤخراً، طورت CheekAge، التي تسهل قياس الشيخوخة الجزيئية.

 

وفي مطلع حديثه يصف الدكتور شوخيريف CheekAge بكونها طريقة جديدة ومبتكرة لقياس العمر البيولوجي تعتمد على أخذ مسحة من خلايا الخد، وهو ما يترتب عليه عدم الحاجة إلى الذهاب إلى العيادة وسحب عينة دم لإجراء هذه العملية كما كان معتاداً، مما يجعلها أسهل وأكثر راحة للاستخدام.

 

ويتابع: "ترتبط CheekAge ارتباطًا وثيقاً بـ "خطر الوفاة"، والأمر المثير للدهشة أنها أظهرت دقة مذهلة حتى مع استخدام بيانات ناقصة! فهي طريقة متطورة تتفوق في دقة التنبؤ بخطر الوفاة مقارنة بعمرك الزمني وحده، أي أنها تُساعد على تحديد "احتمالية" الوفاة خلال فترة زمنية محددة. مع ذلك، من المهم ملاحظة أن CheekAge لا تستطيع التنبؤ بموعد وفاة شخص معين أو تحديد العمر الذي يعيشه".

 

يمكن القول إن هذه الساعة اللاجينية لديها قدرة كبيرة على قياس دقيق للعمر البيولوجي، وهو مقياس يعكس مدى تقدمك في العمر على المستوى الجزيئي، ويتأثر بعوامل مثل نمط حياتك وصحتك العامة.

 

بمعنى آخر، قد يكون عمرك الزمني 40 عاماً، لكن عمرك البيولوجي ربما يكون أقل أو أكثر من ذلك بناءً على عوامل مختلفة. وCheekAge تساعد على قياس هذا العمر البيولوجي بدقة، وبالتالي تقدم تقديراً أفضل لاحتمالية الوفاة مقارنة بعمرك الزمني وحده.

 

منهجية الدراسة

شارك 1513 شخصاً (ولدوا عامي 1921 و1936) في دراسة طبية طويلة في جامعة إدنبرة اسكتلندا، تسمى "برنامج أفواج الولادة لوثيان". كان هدف الدراسة هو فهم كيف تؤثر عوامل مثل أسلوب الحياة والبيئة والجينات على صحة الدماغ والذاكرة مع التقدم في العمر.

 

قام الباحثون بفحص "علامات كيميائية" معينة في دم المشاركين كل ثلاث سنوات. هذه العلامات، التي تشبه "ملصقات" صغيرة على الحمض النووي، تساعد على معرفة العمر الحقيقي للجسم. قام فريق البحث بقياس هذه العلامات في حوالي 450,000 موقع في الحمض النووي.

 

بعد ذلك، استخدم الباحثون هذه المعلومات، مع بيانات عن وفيات المشاركين من سجلات صحية وطنية، لحساب "CheekAge" (طريقة جديدة لتقدير العمر البيولوجي) ومعرفة مدى دقتها في التنبؤ بخطر الوفاة.

 

يقول شوخيريف: "في هذه التقنية استخدمنا طريقة إحصائية لدراسة تأثير اختلاف العمر على احتمالية الوفاة، مع الأخذ في الاعتبار عوامل أخرى مثل العمر، الجنس، وتاريخ الميلاد. ساعدنا هذا النموذج على فهم تأثير كل عامل (مثل اختلاف العمر الذي تظهره CheekAge) على احتمالية الوفاة. لذلك، لا نستطيع تحديد موعد الوفاة، لكننا نؤكد أن CheekAge تقدم معلومات مهمة حول احتمالية الوفاة".

 

يسعى الباحثون الآن إلى استكشاف المزيد من ارتباطات CheekAge بمتغيرات صحية مهمة، مثل "مدى الصحة" - أي فترة الحياة التي يتمتع فيها الشخص بصحة جيدة وخالية من الأمراض المزمنة والإعاقة - بالإضافة إلى كشف ارتباط الساعة اللاجينية بأمراض معينة؛ مما قد يساهم في تطوير استراتيجيات جديدة لإطالة هذه الفترة والوقاية من الأمراض.

 

يجدر الإشارة إلى أن "تالي هيلث" المطورة للساعة اللاجينية الجديدة هي شركة أميركية تعمل في مجال التكنولوجيا الحيوية، وتُعنى بتطوير أدوات علمية تهدف إلى تحسين الصحة وإطالة "المدى الصحي".

اقرأ في النهار Premium