تُصاب امرأة من ثماني بسرطان الثدي في مرحلة ما من حياتها، وفق التقديرات. ويُعتبر المشاهير تماماً كغيرهم عرضة للإصابة. حالياً لا تتردّد كثيرات في التحدث علناً عن الإصابة بالسرطان بهدف نشر الوعي في هذا المجال.
كما تجد كثيرات في ذلك أثراً إيجابياً ينعكس على صحتهن النفسية في مواجهة المرض. علماً أنه في مواجهة المرض، سواء كانت المرأة من المشاهير أم لا، هي تواجه التحدّيات نفسها. في المقابل، تشكّل الشهرة منصة تتيح لهن التحدث ونقل رسائل معينة تصل إلى شريحة واسعة من الناس. لذلك، ثمة من أعلَنَّ عن الإصابة في فترة المرض، فيما اختارت بعضهن الإقدام على هذه الخطوة بعد التعافي. في كل الحالات، أصبحت عديدات منهن قدوة في مجال نشر الوعي حول سرطان الثدي وأهمية الكشف المبكر عنه.
- أنجلينا جولي. في الواقع، لم تُصب أنجلينا جولي بسرطان الثدي، إلّا أنها تحوّلت قدوة في هذا المجال، بعدما كشفت الفحوص الجينية وجود الطفرة الجينية "بي آر سي إيه" BRCA1 التي تؤهل للإصابة بالأورام الخبيثة في الثدي والمبيض. وقد تبين لها وجود حالات عدة من تلك السرطانات في عائلتها، بما في ذلك جدّتها وعمتها ووالدتها التي توفيت جراء إصابتها بسرطاني الثدي والمبيض.
ولأن هذه الطفرة الجينية تزيد بشكل ملحوظ خطر الإصابة بالمرض، قررت أنجلينا جولي في العام 2013 الخضوع إلى جراحة استئصال الثديين كإجراء وقائي لتجنّب خطر إصابتها بالمرض، من نسبة 87 في المئة إلى 5 في المئة. وآنذاك، عبَّرَت تلك الخطوة عن جرأة بالنسبة إلى امرأة لا تزال في الثلاثينات من العمر، وتُسلّط عليها الأضواء كنجمة تُعتبر من أجمل النساء. وسرعان ما أصبحت جولي مثالاً، وكثر الحديث عن الأثر الذي تركته لدى نساء كثيرات صرن أكثر حرصاً على الكشف المبكر واللجوء إلى الفحص الجيني الذي يمكن ان يخفّض خطر الإصابة بالمرض.
- شانون دوهرتي. في العام 2015، أكّدت الممثلة التي اشتهرت بدورها في مسلسل "بيفرلي هيلز" Beverly Hills إصابتها بسرطان الثدي. وفي العام 2017، أعلنت على وسائل التواصل الاجتماعي أنها في مرحلة التعافي بعد خضوعها إلى جراحة والعلاجين الكيماوي والإشعاعي. ثم أعلنت في العام 2020 عن عودة المرض إليها، وأنه في المرحلة الرابعة لديها، قبل أن تعلن في عام 2023 أن المرض حقق انتشاراً في العظام والدماغ.
وكان لافتاً أنها حرصت دوماً على التحدث علناً عن التحدّيات التي تواجهها من جراء المرض وتطوّراته لديها، حتى أنها دعت أطباءها إلى التحدث عن العلاجات. ودأبت شانون على التحدث عن صحتها النفسية وتجاربها في رحلتها مع المرض عبر البودكاست، إضافة إلى حديثها عن جراحة الدماغ التي خضعت لها. وأعربت عن أملها في أن تتمكن من إلهام مريضات أخريات يحاربن المرض. وأشارت في إحدى المقابلات، أن الرحلة مع المرض تكون أسهل حينما نساعد مصاباً آخر به على الأقل. وتوفيّت في 13 تموز (يوليو) 2024.
- سوزان سومرز. حاربت سرطان الثدي طوال 23 عاماً قبل أن تتوفى في العام 2023. أكّدت في إحدى مقابلاتها أنها صُدمت حينما شُخّصت إصابتها، كاشفة أنها تتبع نمط حياة صحياً، فلا تدخن ولا تفرط في استهلاك الكحول وتتبع نظاماً غذائياً صحياً، ما عنى لها أن الكل عرضة للإصابة بالسرطان. وكُشِف عن إصابتها بنوع شرس من ذلك الورم الخبيث في العام 2000 وخضعت إلى العلاجات المناسبة.
وفي العام 2023 ، أعلنت أن سرطان الثدي عاود ظهوره لديها. وأشارت إلى أن المرض كرّر ضرباته لها لكنها صبرت ودأبت على محاربته المرّة تلو الأخرى، مبديةً أملها بقدرتها على هزيمته في كل مرّة بشجاعة.
- كريستينا أبلغيت. في عام 2008، جرى تشخيص المرض لديها وخضعت للجراحة وهي في عامها الـ36. لكن بعد أن اكتشفت وجود الطفرة الجينية "بي آر سي إيه 1"، قرّرت الخضوع إلى عملية الاستئصال الكامل للثدي والمبيض. وقد أدَّتْ دوراً يعبّر عن تجربتها الشخصية في فيلمها "الموت لي" Dead To Me.
-شيريل كرو. حرصت على نشر الوعي حول أهمية الكشف المبكر للمرض على إثر تشخيصه لديها في العام 2006 من دون معاناتها أعراض ذلك الورم الذي كشفته بفضل الصورة الشعاعية للثدي.
نجمات عربيات صارعن سرطان الثدي
- إليسا. شكّل إعلانها بطريقة مميزة عن إصابتها بالمرض وتعافيها منه صدمة لمحبيها. ومنذ تلك اللحظة صارت قدوة في هذا المجال، وباتت سفيرة تنقل رسائل حول أهمية الكشف المبكر وتشارك في حملات التوعية كافة حول المرض.
-بسمة وهبي: أصيبت الإعلامية المصرية بالمرض الذي اكتشفته عن طريق الصدفة كما اعلنت. وكانت لها رحلة طويلة وصعبة مع العلاج بسبب ما تعرّضت له من مضاعفات، إلّا أنها تمكنت من التغلب على المرض وأصبحت حريصة على المشاركة في حملات التوعية حول الكشف المبكر عنه.
-زهرة الخرجي. شُخِّض المرض لدى النجمة الكويتية في العام 2005، وتغلبت عليه في عامين. في العام 2014، حلقت شعرها تضامناً مع مرضى السرطان، خصوصاً أنها خاضت التجربة سابقاً وتعرف تأثير هذه المعاناة على المريضة.
-نورا رحال. أُصيبت في العام 2007 بسرطان الثدي واضطرت إلى استئصال ثدييها. وتغيبت فترة طويلة عن الساحة الفنية إلى أن تمكنت من التغلب على المرض بعد خضوعها للعلاج لأكثر من عامين.
-شادية. أصيبت الفنانة المصرية بسرطان الثدي في العام 1984 قبل أن تعتزل الفن. خضعت لعملية استئصال للثدي واستطاعت أن تهزم المرض. وبعد شفائها تبرّعت بمنزلها كي يكون مركزاً لإجراء الأبحاث حول الأمراض السرطانية.
نظرة من علم النفس
بحسب الاختصاصية في المعالجة النفسية لانا قصقص، قد يُقدم بعض المشاهير على الإعلان عن الإصابة بالسرطان، فيما قد يفضّل آخرون التكتم على الموضوع كالكثير من الناس. ومن يُقدم على هذه الخطوة يُسهم في زيادة الوعي حول المرض، وتعزيز حملات التوعية. إن طريقة تعاطي المشاهير مع هذه الأمراض فيها الكثير من القوة وتشكّل مصدر إلهام لمرضى آخرين. وحصل ذلك مع إليسا التي ركّزت على أهمية الكشف المبكر لسرطان الثدي من خلال الحملات التي شاركت فيها بعد كشفها عن إصابتها بالمرض.
لكن أياً كان الشخص الذي يعلن عن إصابته بالسرطان، يجب أن يؤخذ في الاعتبار الاستعداد الشخصي لمشاركة التجربة والمرحلة التي يتمكن فيها من القيام بهذه الخطوة. ومثلاً، أعلنت إليسا عن تجربة المرض بعد التعافي، فيما اختار آخرون الإقدام على هذه الخطوة أثناء محاربة المرض.
وترتبط تلك الأمور بالاستعداد الشخصي لهذه المواجهة، لأن الحديث علانية عن تلك الإصابة يحولها إلى قصة في متناول الكل، ما يشكّل خرقاً تلقائيّاً للخصوصية التي قد يحرص عليها المشاهير أحياناً. ومن الممكن أن تطرح أسئلة كثيرة يتوجب الاستعداد لها وتقبّلها، رغم أنها قد لا تخلو من الانتقادات السلبية والتنمر. وربما يصدر بعضها عن مرضى يعانون تجارب مماثلة لكنها أكثر صعوبة، ما قد يحرك لديهم مشاعر سلبية حيال التجارب الإيجابية لدى المشاهير الذين يُنظر إليهم في أحيان كثيرة بوصفهم أبطالاً.
انطلاقاً من ذلك، من الممكن أن تكون مشاركة الآخرين خطوة فيها الكثير من الدعم والتعاطف والإيجابية، لكنها قد تضحى عكس ذلك أحياناً. وقد تزيد الضغوط النفسية على أولئك المشاهير لأنهم ملزمون بالبقاء على مستوى القوة المتوقع من قبل الجمهور.