غالباً ما يبدو التشخيص المبكر شرطاً أساسياً لمعالجة أكثر فاعلية للأمراض. إلّا أنّ هذا لا ينطبق على مرض الباركنسون الذي لا يمكن الوقاية منه، كما لا يفيد الكشف المبكر، وإن كانت هناك علامات مبكرة تنذر باحتمال الإصابة بالمرض حتى قبل ظهور أولى أعراضه الأساسية بسنوات، وفق ما يوضحه الطبيب الاختصاصي في أمراض الدماغ والجهاز العصبي في المركز الطبي للجامعة اللبنانية الأميركية-مستشفى رزق الدكتور محمد الدسوقي.
في شهر التوعية حول مرض الباركنسون، تبرز أهمية التركيز على الأعراض الأساسية التي تميز المرض لمباشرة العلاج في الوقت المناسب، ما يسمح للمريض بأن ينعم بسنوات يعيش فيها حياة طبيعية .
في أي مرحلة عمرية يظهر مرض الباركنسون؟
يظهر مرض الباركنسون بشكل عام في حوالى عمر 55 أو 60 سنة. لكن عندما يكون العامل الوراثي سبباً للإصابة به، من الممكن أن يظهر في سن مبكرة وقد يظهر لدى البعض حتى في حوالى عمر الأربعين عندها، وفق ما يوضحه الدسوقي.
ما أهمية الكشف المبكر للمرض في مراحل العلاج؟
في الواقع، خلافاً لباقي الأمراض التي يساعد فيها الكشف المبكر على معالجة أكثر فاعلية وسهولة للمرض، ليس للكشف المبكر أي أهمية في حالة مرض الباركنسون، لأنّ العلاج لا يبدأ إلّا مع ظهور أولى أعراضه الأساسية التي تميزه. يصفه الدسوقي بالمرض التنكسي الذي تتراجع فيه قدرة الخلايا على إنتاج مادة الدوبامين. مع الإشارة إلى أنّ الباركنسون مرض حركي بامتياز وليس فيه اضطرابات حسية. لكن في مراحل متقدّمة منه، ومع تطور أعراضه تظهر الأعراض المرتبطة بالخرف وتتراجع القدرات الإدراكية للمريض.
ما الأعراض التي تسمح بتمييز الباركنسون عن غيره من الأمراض؟
هناك 3 أعراض أساسية تسمح بتمييز مرض الباركنسون وتساعد في تشخيص المرض إلى جانب الفحوص والتصوير الخاص من نوع dat scan.
-رجفان اليد عند الراحة، فيما تهدأ اليد عند بذل جهد، وهذا ما يميز المرض فعلاً ويسمح بالتعرف عليه. كما يمكن أن يحصل الرجفان في الساق أو لدى البعض في الرأس أو الذقن. ويبدأ هذا الرجفان عادةً من جهة واحدة في الجسم.
-التيبس، بحيث يواجه المريض بطئاً في الحركة مع مرور الوقت. فيبدو وكأنّه بطيء الحركة وأنّه بات أقل ليونة بالمقارنة مع قيامه بجهد قبل الإصابة.
-التغيير على مستوى الحركات التي تتطلب الدقة، فقد يلاحظ المريض انّ ثمة تغييراً في خطه مثلاً. حتى انّه قد يحصل تغيير على مستوى الوجه والملامح وكأنّها تفتقد إلى التعبير. ومن الممكن أن يرمش المريض بمعدل أقل.
قد تظهر هذه الأعراض الثلاثة مجتمعة. لكن يستشير المريض الطبيب عادةً أولاً بشأن رجفان اليد، فيما يُظهر الفحص العيادي والأسئلة التي تُطرح عليه أنّه يلاحظ تغييرات أخرى في نمط حياته لم يكن قد أعارها أهمية، وهي ترتبط في الواقع بالمرض مثل التغيير في توقيعه.
هل من علامات مبكرة تنذر مسبقاً باحتمال الإصابة بالمرض؟
يبدأ الباركنسون فعلياً بهذه الأعراض الثلاثة المرتبطة بالحركة بشكل أساسي. لكن هناك علامات يمكن أن تنذر باحتمال الإصابة بالمرض وتظهر قبل الأعراض الأولى التي تميزه بسنوات، وإن كان المريض لا يستشير الطبيب من أجلها:
-الإمساك: فمن الممكن أن يعاني مريض الباركنسون الإمساك قبل حوالى 10 سنوات من ظهور أولى الأعراض التي تميز المرض
-فقدان حاسة الشم
-الأوجاع التي تصيب الكتف بشكل أساسي أو المفاصل عامةً. ومن الممكن أن يستشير المريض طبيباً اختصاصياً بأمراض العظام والمفاصل من أجلها.
لكن يوضح الدسوقي أنّ هذه الأعراض لا تميز الباركنسون كالأعراض الأولى التي تظهر في بداية مراحله، ومن الممكن ألّا يعيرها المريض أهمية لاعتبارها قد تصيب أياً كان. وفي كل الحالات لا يمكن البدء بالعلاج إلّا مع ظهور أولى أعراض المرض الأساسية المرتبطة بالحركة.
ما مدى فاعلية العلاج في مواجهة مرض الباركنسون؟
خلال حوالى 7 سنوات إلى 10 أو ربما بالنسبة للبعض 20 سنة من اتباع العلاج الذي يعيد المادة الناقصة في الدماغ، يعيش المريض حياة طبيعية ولا يشعر بإصابته بالمرض، في ما يصفه الطب بـ"شهر العسل" لمريض الباركنسون. هذا، قبل أن تحصل الانتكاسة الفعلية بعدها وتتدهور الحالة تدريجاً. في تلك المرحلة، لا بدّ من التفكير بالعملية التي تفيد أحياناً في مواجهة المرض والحدّ من تطور أعراضه. لكن بشكل عام، لا بدّ من التوضيح لأنّه ما من علاج شاف بمرض الباركنسون.
هل من اسباب معروفة للمرض؟
ليس هناك أسباب معروفة ومحدّدة للمرض، بل تتعدد الاحتمالات التي يمكن أن تكون وراء الإصابة بالمرض. بشكل عام، قد تكون هناك عوامل مساعدة في الإصابة به، فيشير الدسوقي إلى أنّ الأشخاص الذين كانوا يمارسون رياضة الملاكمة ويتعرضون لإصابات متعددة في الرأس قد يكونون أكثر عرضة للإصابة بمرض الباركنسون. كما قد يكون الأشخاص الذين يتبعون علاجات للفصام أكثر عرضة أيضاً للإصابة، وتظهر لديهم أعراض الباركنسون.
هل تساعد إجراءات معينة في نمط الحياة في إبطاء تطور المرض؟
ليس هناك أي إجراءات يمكن أن تساعد في إبطاء تطور المرض أو تحسن الحالة إلّا العلاج الدوائي وممارسة الرياضة باستمرار. لكن ينصح الدسوقي المريض بعد سنوات من اتباع العلاج بتناول الدواء على معدة فارغة. كما أنّه من الأفضل تناول عندها العيار اليومي الذي من المفترض تناوله في فترات متقاربة متعددة خلال اليوم.