النهار

لماذا تراجعت معدلات تلقيح الأطفال في لبنان والعالم؟
كارين اليان
المصدر: النهار العربي
سُجّل في السنوات الأخيرة تراجع ملحوظ في معدلات التلقيح سواءً في لبنان أو في العالم. وهذا ما يؤدي إلى عودة أمراض إلى الواجهة بعد عقود من زوالها في العالم، وفق ما حذّرت منظمة الصحة العالمية.
لماذا تراجعت معدلات تلقيح الأطفال في لبنان والعالم؟
تعبيرية
A+   A-
سُجّل في السنوات الأخيرة تراجع ملحوظ في معدلات التلقيح سواءً في لبنان أو في العالم. وهذا ما يؤدي إلى عودة أمراض إلى الواجهة بعد عقود من زوالها في العالم، وفق ما حذّرت منظمة الصحة العالمية.
 
تراجع معدلات التلقيح في العالم له أسبابه التي قد تختلف في لبنان، وفق ما يوضحه طبيب الأطفال المتخصص في طب حديثي الولادة الدكتور فادي شمس الدين.

كيف تراجعت معدلات تلقيح الأطفال في لبنان والعالم؟
في لبنان والعالم، تراجعت بالفعل معدلات التلقيح في السنوات الأخيرة لأسباب مختلفة، ما يهدّد بعودة أمراض كان من الممكن السيطرة والقضاء عليها في العقود الماضية. فالحماية التي يؤمّنها اللقاح تكون للشخص الذي يتلقّاه وللأشخاص المحيطين، انطلاقاً من مبدأ "مناعة القطيع". وهذا ما كان من الممكن تحقيقه مع الحصبة وشلل الأطفال. وحالياً يُعتبر شلل الأطفال والحصبة من الأمراض التي تعاود الظهور في بعض دول العالم، بعدما كان من الممكن السيطرة عليها. كذلك، بالنسبة للإنفلونزا، تراجعت معدلات التلقيح في مواجهتها، وبشكل خاص في لبنان، ما أدّى ذلك إلى ارتفاع معدلات الإنفلونزا وزيادة مضاعفاتها. حتى أنّ موسم الإنفلونزا مستمر إلى الآن، بحسب شمس الدين، بسبب انخفاض معدلات التلقيح إلى أدنى المستويات، وتحديداً الإنفلونزا ب. انطلاقاً من ذلك، لا بدّ من التشديد على تلقّي اللقاح في الموسم المقبل في مواجهة الفيروس.
 
وتُعتبر الأزمة الاقتصادية من الأسباب الرئيسة التي ادّت إلى تراجع معدلات تلقيح الأطفال في لبنان بشكل خاص. فبحسب شمس الدين، انعكست الأزمة على مختلف القطاعات وعلى الوضع المعيشي. فبات تركيز الناس على الأولويات في الحياة، ويعتبرون اللقاح من الكماليات، وإن كان الهدف منه تجنّب مضاعفات أي مرض يمكن أن يصيب الأطفال وحماية المجتمع كاملاً من الأمراض المعنية والحدّ من الوفيات بسببها. فعندما يكون من يتلقّى اللقاح محمياً، يكون كل من حوله محميين أيضاً، ومنهم الفئات الأكثر هشاشة، أي من يعانون أمراضاً مزمنة والأطفال والحوامل والمسنين.
 
ويشير شمس الدين، إلى أنّ 90 في المئة من الحالات، يتوجّه اللبنانيون إلى العيادات الخاصة من أجل اللقاحات، ونادراً ما يختارون المستوصفات، وهي النسبة الأعلى بين مختلف الدول. وقد ارتفعت أسعار اللقاحات إلى حدّ كبير بالدولار، ومنها ما يراوح سعرها بين 50 و80 دولاراً، ما يشكّل عبئاً على كثيرين من الأهل، وما شكّل ظلماً للطفل بشكل خاص. هذا، فيما تغطي الدولة تكاليف مثل هذه اللقاحات للمواطنين في باقي الدول. وبالتالي لم تتأثر الدول المحيطة بلبنان ولم تتراجع معدلات التلقيح فيها كما حصل في لبنان. فيما تكاليف المواصلات والتنقل إلى المستوصفات باتت تشكّل عبئاً على قسم من اللبنانيين.
 
لكن على مستوى العالم، أثّرت الحملات السلبية ضدّ هذه اللقاحات، منها لقاح كورونا وغيره، عبر وسائل التواصل الاجتماعي، وهي حملات يصفها شمس الدين بغير المنصفة، وليس لها أساس من الصحة. ومن تلك اللقاحات أيضاً التي أقيمت ضدّها حملات، لقاح الحصبة، حيث أُشيع منذ سنوات أنّه قد يسبّب التوحّد. وتبين أنّ هذا ليس صحيحاً، كما أثبت. إلّا أنّ ذلك دفع كثيرين إلى توقف تلقّي اللقاح، على الرغم من أنّها أفكار خاطئة لا أساس لها من الصحة. فلم يعد هناك ثقة باللقاح وكثيرون يشككون به.
 
ما اللقاحات التي يجب التركيز على الحصول عليها؟
من اللقاحات التي يجب التركيز عليها، إضافة إلى اللقاحات الإلزامية للأطفال، ولقاح الإنفلونزا في موسمها، يشدّد شمس الدين على أهمية تلقّي اللقاح الذي يحمي من فيروس الورم الحليمي البشري، ومن سرطان عنق الرحم. فمن الضروري أن يتلقّاه الأطفال من أولاد وفتيات، بما أنّ المرض ليس وراثياً. كما أنّ ثمة لقاحات يجب أن يتلقّاها المسنون لحماية الرئتين ومن زنار النار، إضافة إلى الجرعات التذكيرية الضرورية للراشدين كل 10 سنوات للقاحات معينة. هي لقاحات تحرص عليها الدول لاعتبار أنّ كلفة الإصابة بالمرض على النظام الصحي تتخطّى كلفة اللقاحات بأشواط.
 

اقرأ في النهار Premium