على مدى عقود، كانت ضبابية الدماغ الناتجة عن انقطاع الطمث والأرق والتقلبات المزاجية تُعتبر مجرد تهيئات تجتاح النساء في منتصف العمر، ولكن دراسة حديثة كشفت عن حقيقة مختلفة تماماً، وفقاً لتقرير نشرته صحيفة "واشنطن بوست".
تغيرات جسدية كبيرة في بنية الدماغ ووظائفه وفي استقلاب الطاقة تكشف عنها دراسة حديثة أجريت على النساء قبل وأثناء وبعد انقطاع الطمث. وهذه التغييرات لا تظهر فقط في الفحوصات، بل يمكن أيضاً أن يشعر بها العديد من النساء، كما أوضحت ليزا موسكوني، عالمة الأعصاب ومؤلفة كتاب "ذا منوبوز برين".
وأضافت موسكوني قائلة: "إن انقطاع الطمث يؤثر على الدماغ بشكل كبير".
وقامت موسكوني وفريقها بإجراء دراسات الرنين المغناطيسي لأدمغة النساء، واكتشفوا أن حجم المادة الرمادية ينخفض في مناطق الدماغ المسؤولة عن الانتباه والتركيز واللغة والذاكرة. وتحدث تغيرات في الاتصال بين المناطق، مما يعني أن بعض المناطق المسؤولة عن الوظائف التناسلية تصبح أقل اتصالاً، بينما تصبح مناطق أخرى أكثر اتصالاً. وتنخفض مستويات الطاقة في الدماغ، مما يعني أن الدماغ يستهلك الغلوكوز بشكل أبطأ أو أقل كفاءة، وفقاً لموسكوني.
ولكن هناك بعض الأخبار الجيدة في هذا السياق، حيث تتجه الأعراض لدى معظم النساء إلى التحسن بعد انقطاع الطمث، مما يشير إلى أن "الدماغ يتكيف مع حالته الجديدة"، وفق تعبير موسكوني.
قائد الأوركسترا في دماغك
يلعب الإستروجين دوراً مهماً في تنظيم السلوك والوظائف الإدراكية وصحة الخلايا العصبية. وخلال فترة انقطاع الطمث، يحدث انخفاض كبير في هذا الهرمون.
ويؤدي انخفاض مستويات الإستروجين في الجسم إلى ظهور هبات ساخنة، ويمكن أن يؤثر أيضاً على الذاكرة والإدراك.
وقالت موسكوني إن انخفاض هرمون الإستروجين يمكن أن يعطل اللوزة الدماغية التي تؤثر على الاستجابات العاطفية وقشرة الفص الجبهي التي تلعب دوراً في اتخاذ القرار والانتباه وتعدد المهام واللغة، وحتى جذع الدماغ الذي ينظم دورات النوم والاستيقاظ.
وشبهت موسكوني هرمون الإستروجين بقائد الأوركسترا: "عندما ينسحب (الإستروجين) بعد انقطاع الطمث، يستمر الدماغ في العمل وتستمر الأوركسترا بالغناء، لكن اللحن ليس هو نفسه تماما، ويمكن للعديد من النساء الشعور بالتغييرات".
لماذا يتغير الدماغ أثناء انقطاع الطمث؟
إن الخلايا العصبية في الدماغ التي كانت ضرورية في السابق للدورة الشهرية والحمل لم تعد هناك حاجة إليها، لذلك يمر الدماغ بعملية "تجديد"، حسب ما قالت موسكوني.
ومن غير المعروف بالضبط ما إذا كانت هناك طريقة لمنع أو توقيف أو عكس هذه التغييرات. ومع ذلك، يبدو أن بعضها قد يكون موقتاً، فعندما قامت موسكوني وزملاؤها بمتابعة المشاركات بعد عامين، وجدوا أن النشاط الأيضي يميل إلى الاستقرار في بعض مناطق الدماغ وأن حجم المادة الرمادية يمكن أن ينتعش لدى بعض النساء بعد انقطاع الطمث.
تخفيف الأعراض لانقطاع الطمث
يتفق خبراء صحة المرأة على أن الجمع بين نمط حياة صحي وتدخلات دوائية، عند الضرورة، قد يسهم في التخفيف من الأعراض التي يمكن أن تصاحب انقطاع الطمث.
وقالت شارون مالون، كبيرة المستشارين الطبيين في مؤسسة "ألوي" لصحة المرأة ومؤلفة كتاب "غرون ووممن توك": "في الفترة التي تسبق انقطاع الطمث، يمكن للأطباء وصف حبوب منع الحمل لتثبيت الدورة الشهرية ومنع الحمل غير المرغوب فيه وتخفيف الأعراض".