أظهرت دراسة أميركية حديثة، أنّ اكتئاب الأم التي لها أطفال يعانون التوحّد، لا يزيد حالة التوحّد سوءاً ولا الأعراض المرافقة لها. ويُعتبر هذا الاستنتاج في غاية الأهمية لإزالة الإحساس بالذنب الذي يرافق الأم التي لديها طفل تمّ تشخيص حالته بالتوحّد، لاعتبار أنّ الكآبة التي تعيشها قد تزيد حالته سوءاً، بحسب ما نُشر في medisite.
نسبة 50 في المئة من الأمهات اللواتي تمّ تشخيص حالة توحّد لدى أطفالهن تعاني حالة اكتئاب بمستويات مرتفعة خلال 18 شهراً، فيما تُعتبر الأعراض أقل حدّة بكثير لدى الأمهات اللواتي لم تُشخّص هذه الحالة لدى أطفالهن، بعد مراقبتهن خلال الفترة نفسها. هذا ما ثبت للخبراء على إثر الدراسة الأميركية. وعلى الرغم من ذلك، لا تزيد حالة الكآبة من الأعراض المرافقة لحالة التوحّد لدى الطفل، وفق ما تبين في الدراسة.
الدراسات السابقة كانت قد أشارت إلى أنّ إصابة الأهل بالاكتئاب تزيد خطر إصابة الطفل بمشكلات في الصحة النفسية واضطرابات سلوكية، إذا كانوا مصابين بالتوحّد. إلّا أنّ هذه الدراسة أتت لتؤكّد عكس ذلك، إذ تبيّن أنّ أعراض الاكتئاب الأكثر حدّة لدى الأم لا تستدعي توقّع زيادة في حدّة الاضطرابات السلوكية لدى الأطفال مع مرور الوقت. هذا ما ثبت في ما يتعلق بالأطفال عامة، اما الأطفال المصابون بالتوحّد بشكل خاص، فتعاني أمهاتهم الكثير من التوتر. فكانت هذه معلومة واستنتاجاً فيهما الكثير من الإيجابية بالنسبة للأمهات اللواتي أطفالهن مصابين بالتوحّد.
وللتوصل إلى هذا الاستنتاج، قام الباحثون بمتابعات متكرّرة، لقياس الكآبة لدى الأم والاضطرابات السلوكية لدى الأطفال، وذلك لدى 86 أماً وطفلها خلال فترة 18 شهراً. وكان نصف الأمهات أطفالهن مصابين بالتوحّد، والنصف الثاني غير مصابين. وعمر الأطفال تراوح بين السنتين والـ16 سنة. وتمّ قياس الاكتئاب لدى الأمهات بالاستناد إلى مجموعة من الأسئلة التي أجابت عنها الأمهات. أما سلوك الطفل فتمّ قياسه بالاستناد إلى أجوبة الأمهات حول سلوكه ومدة صعوبته، وتحديداً نوبات الغضب والعدوانية لديه.
أما انعدام العلاقة بين كآبة الأم والاضطرابات السلوكية لدى الطفل، فاستنتاج في غاية الأهمية، يساعد في إزالة أي إحساس بالذنب يمكن أن تعانيه الأم بسبب تأثير كآبتها على سلوك طفلها، وهي حالة شائعة بين الأمهات في مثل تلك الحالات.
في الوقت نفسه، يطمئن هذا الاستنتاج الأمهات إلى أنّ حالة الاكتئاب لديهن طبيعية بدرجات معينة، نظراً للتوتر الشديد الذي يعانينه أثناء التعامل للمدى البعيد مع طفل مصاب بالتوحّد. إلّا أنّ هذه الحالة لديهن لا تؤثر على أطفالهن. وكانت دراسات سابقة قد اكّدت على وجود هذا الإحساس بالذنب لدى أمهات أطفال التوحّد، ما يساهم في زيادة حالة الاكتئاب سوءاً مع الوقت وتراجع جودة نمط الحياة تدريجاً.