النهار

في مواجهة التّصلّب المتعدّد... لقاح للحدّ من الخطر
كارين اليان
المصدر: النهار العربي
أثبتت دراسة حديثة صادرة عن جامعة هارفرد، أن خطر الإصابة بالتصلّب المتعدد يزيد في حال الإصابة بفيروس EBV أو فيروس أبشتاين بار في مرحلة الطفولة.
في مواجهة التّصلّب المتعدّد... لقاح للحدّ من الخطر
تعبيرية
A+   A-
  • أثبتت دراسة حديثة صادرة عن جامعة هارفرد، أن خطر الإصابة بالتصلّب المتعدد يزيد في حال الإصابة بفيروس EBV أو فيروس أبشتاين بار في مرحلة الطفولة. ففي هذه الحالة يزيد خطر الإصابة بهذا المرض المناعي الذي يصيب الجهاز العصبي المركزي أي الدماغ والحبل الشوكي، بنسبة 15 في المئة.
  •  
  • هذا ما دفع الباحثين إلى بذل الجهود لتطوير لقاح ضدّ الفيروس، قد يساعد في الحدّ من خطر الإصابة بالتصلّب المتعدد، بما أنه ليس مرضاً وراثياً تلقائياً.
  •  
  • يُعتبر هذا الاستنتاج تطوراً مهماً في مجال الأبحاث حول التصلّب المتعدد الذي لم تظهر حتى اليوم أسباب مباشرة وراء الإصابة به، بل ينتج من مجموعة من الأسباب الجينية والبيئية التي تختلط مع بعضها البعض فتؤدي إلى ظهور المرض.
  • الاستعداد الجيني وراء الخلل 
    يظهر التصلّب المتعدد لدى من لديه استعداد جيني للإصابة بأمراض مناعية، وفق الاختصاصية المعتمدة في التصلّب المتعدد في المركز الطبي للجامعة اللبنانية الاميركية -مستشفى رزق الدكتورة مايا زين الدين، وتجتمع في الوقت نفسه مع عوامل بيئية تتداخل مع بعضها البعض، فتؤثر على جهاز المناعة الذي يهاجم غشاء العصب مؤدياً إلى التلف فيه. 
    ومن العوامل التي تساهم في الإصابة بالتصلّب المتعدد في حال وجود الاستعداد الجيني:
    - التدخين بما في ذلك التدخين السلبي
    - نقص الفيتامين (د) كما أُثبت في دراسات عديدة
    - السمنة التي لا تزال الدراسات مستمرة حول تأثيرها في هذا المجال
    - الإكثار من تناول الملح في الطفولة ومرحلة الرشد.
  •  
    أصعب ما في هذا المرض الذي يمكن أن يسبّب إعاقات جسدية، أنه يصيب الشباب أساساً بين عمر 20 و40 سنة، وهي المرحلة التي يكون فيها الإنسان في ذروة الإنتاج في حياته، ويأتي هذا المرض ليشكّل عائقاً أمام الحياة والتطلعات فيها. في الوقت نفسه تشير زين الدين لـ"النهار العربي"، إلى أنه من الممكن أن يصيب الأطفال أيضاً، ومن هم أكبر سناً أحياناً، وهو يأتي من دون سابق إنذار ولا تظهر علامات مسبقة للمرض، بل تظهر أعراضه مباشرة وتُجرى الفحوص لتشخيص الحالة على هذا الأساس بعد حصول "هجمة". أما أبرز الأعراض التي تترافق مع المرض وتأتي أولاً فهي:
    - عدم وضوح الرؤية لدى نسبة 40 أو 50 في المئة من المرضى
    - التنميل في الأطراف 
    - الصعوبة في المشي
    - الضعف في اليدين والرجلين
    - عدم التوازن في المشي
    - التعب الشديد
    - أعراض في التبول والمثانة
    - إمساك وإسهال دون وجود مشكلة في الجهاز الهضمي
    - تشنجات في اليدين والقدمين
    - مشكلات جنسية.
    تجدر الإشارة إلى أنه خلال الحمل تكون المرأة محمية مع ارتفاع معدلات الهرمونات لديها، فلا تتعرّض لهجمات. كما تتوقف العلاجات عندها لأنه لا يمكن أن تتناولها خلال الحمل تجنّباً لحصول تشوهات. لكن يبقى الأهم أن تتمّ إدارة المرض جيداً طوال عام قبل اتخاذ قرار الإنجاب وبداية الحمل. فيكون المرض عندها تحت السيطرة والحالة مستقرة. أما عند الإنجاب فيزيد خطر حصول هجمة، فتكون المتابعة الطبية ضرورية واللجوء إلى علاجات، بحسب ما إذا كانت الأم مرضعة أم لا. فإذا كانت مرضعة يمكن اللجوء إلى العلاج بالكورتيزون، وإلّا فيمكن العودة إلى العلاج الأساسي الخاص بالمريضة. ويختلف العلاج بحسب ما إذا كانت المريضة قد تعرّضت سابقاً إلى هجمات بعد الإنجاب.
    علاجات أكثر تطوراً
    حصل تطور كبير في مجال العلاجات الخاصة بالتصلب المتعدد. فلو عدنا سنوات إلى الوراء، كانت حقن معينة وحدها متوافرة للمريض. أما اليوم، فثمة اختيارات عديدة تساعد في كبت جهاز المناعة لتجنّب ردّة الفعل المناعية على الأعصاب ومنع الهجمات. وبفضل هذه العلاجات، تؤكّد زين الدين أنه يمكن للمريض أن يعيش حياة طبيعية يتجنّب فيها الهجمات، فيما يتعايش مع هذا المرض المزمن، وإن كان ليس هناك حتى اللحظة علاج شاف له يسمح بالمعالجة التامة. تساعد الأدوية الحديثة في منع تطور المرض وتجنّب الهجمات لاعتبارها تؤدي إلى تلف في الجهاز العصبي، يؤدي إلى إعاقات جسدية لا يمكن تصحيحها أو العودة إلى الوراء بعد حصولها. فأي تلف في الجهاز العصبي لا يكون قابلاً للتصحيح. انطلاقاً من ذلك، يبدو العلاج المبكر في غاية الأهمية للمريض تجنّباً لحصول أي تلف أو إعاقة لا يمكن تصحيحها. فعندها يكون المرض تحت السيطرة ويمكن إدارته إدارة أفضل من مراحله الأولى، ما يساعد في ضمان الاستقرار. والأهم أن الاختيارات العلاجية الفاعلة عديدة لضمان حصول المريض على العلاج الأفضل له ولحالته. مع الإشارة إلى أنه في حالات معينة، يكون المرض عدوانياً أكثر. في مثل هذه الحالات، تتوافر فحوص متطورة تساعد في تحديد مستويات المرض وطبيعته، بالاستناد إلى مؤشرات معينة. وهذا ما يسمح بالسيطرة على المرض حتى لا يعود نشطاً. وفي نسبة 80 أو 90 في المئة من الممكن إدارة المرض جيداً، لكن ثمة عوامل تعاكس العلاج مثلاً وتحدّ من فاعليته، كالتدخين مثلاً. كما أن المريض يرفض أحياناً مباشرة العلاج في أولى المراحل، ما يسبب لديه إعاقات لا يمكن تصحيحها، ويكون الأوان قد فات عندما يرغب بالبدء بالعلاج. علماً أن ثمة دراسات حالياً تهدف إلى العمل على ترميم غشاء العصب التالف. لكن حتى اليوم، هدف العلاج هو منع أي تلف أو أضرار في الجهاز العصبي، وتكثر الاختيارات الموجودة وصولاً إلى إمكان اللجوء إلى علاجات غير معترف بها لمعالجة التصلّب المتعدد لمنع تدهور الحالة في حالات معينة، كما في حال اللجوء إلى العلاج الكيميائي. كما يمكن اللجوء إلى زرع الخلايا الجذعية. 
  •  
    60 في المئة من مرضى لبنان انقطعوا عن علاجاتهم.
    ومن العلاجات الخاصة بالتصلب المتعدد ما يمكن تناوله 3 مرات في الأسبوع، ومنها ما يتمّ تناوله شهرياً أو كل 6 أشهر. وأياً كان البروتوكول العلاجي، يبقى الأهم الالتزام بالعلاج والاعتماد على تلك العلاجات الجديدة المتطورة التي لها فاعلية عالية.
  •  
  • هي مشكلة يواجهها بخاصة المرضى في لبنان بعد الأزمة، ما يجعلهم أكثر عرضةً للهجمات. فبحسب زين الدين، تُعتبر تكاليف العلاجات الخاصة بالتصلّب المتعدد مرتفعة ابتداءً من 1200 دولار شهرياً، بحيث يجد المواطن اللبناني صعوبة في تأمينها بعدما كانت مغطاة من قبل الجهات الضامنة كوزارة الصحة والصندوق الوطني للضمان الاجتماعي. وكانت أحدث العلاجات متوافرة في لبنان حتى قبل أن تتوافر في أي دولة في المنطقة. فتتوافر في الوقت نفسه مع الدول المتقدمة، وكان لبنان من الدول الرائدة في هذا المجال. لكن بدأت المشكلة عندما أقفلت شركات الأدوية في لبنان وغادرته.
  •  
  • وفي دراسة أجرتها زين الدين تبين أن نسبة 60 في المئة من مرضى التصلب المتعدد انقطعوا عن أدويتهم. أما وزارة الصحة فلم تعد تغطي سوى دواءين ليسا من تلك الأدوية الأحدث والأكثر تطوراً للحالات الأكثر حدّة والأخف. وكون المريض ليس قادراً على تسديد تكاليف العلاج، إما أن يمتنع عن تناوله فيتعرّض لهجمات، أو ثمة من لديهم أولاد خارج لبنان يرسلون الأدوية لهم، أو أن يحضروا نسخات جينيريك من تركيا أو غيرها. لكن في كل الحالات، لا يحصل المريض اللبناني على الأدوية الفاعلة الأكثر تطوراً التي باتت متوافرة في الإمارات وغيرها من الدول.
  •  
  • وانطلاقاً من ذلك، يزيد خطر الاستشفاء والتعرّض إلى مشكلات صحية، ما يزيد الفاتورة الصحية على الدولة والمرضى، خصوصاً أن الأدوية القديمة ليست متوافرة حتى. فيما ثمن دواء يمكن تناوله فقط مرّة خلال سنتين ولم يتمّ دعمه، يبلغ 20 ألف دولار. وبالتالي قلائل هم القادرون على تحمّل هذه الكلفة للسيطرة على المرض.

     

اقرأ في النهار Premium