من داخل مستشفى "الميتافيرس" في دبي، تمكّن فريق طبّي عراقي في بغداد، يقودهم الجرّاح العراقي مهند الأنصاري في الإمارات العربية المتحدة، من القضاء على ورم في البنكرياس لمسنّة عراقية في الـ77 من عمرها، كانت تخضع لعملية الاستئصال في مستشفى الزيتون التخصصي في العاصمة العراقية.
إنجاز طبي هو الأول من نوعه في الشرق الأوسط بمساعدة الذكاء الإصطناعي، وفق ما يقول الأنصاري لـ "النهار العربي"، مضيفاً: "كانت المريضة شذرة حاوي تعاني من ورم بحجم 3x4 سنتمترات في رأس البنكرياس. كان وضع دعامة بلاستيكية في قناة الصفراء الرئيسية نتيجة الانسداد بسبب الورم وإجراء عملية جراحية تقليدية أمراً صعباً، وخطراً أيضاً، لا سيّما أنها تشكو من أمراض القلب وارتفاع الضغط وتزايد مستوى السكر الدموي".
وبحسب الأنصاري، تمّت استشارة برنامج الذكاء الاصطناعي ChatGPT لاختيار أنسب تقنية لعلاج الحالة، "فرشّح لنا تقنية الحرق الحراري للورم، وهي الأنسب والأسلم، فهي عملية سريعة لا تستغرق أكثر من 20 دقيقة، ومضاعفاتها محدودة، ونسب نجاحها عالية".
ثلاثية الأبعاد
يتابع الأنصاري: "استخدمنا تقنيات الميتافيرس المتقدمة والمعززة والمختلطة في إجراء التدخّل الجراحي، لما تتميز به من خصائص دقة الوصف التشريحي ونقل الصور والبيانات وإعادة تشكيل الورم، كما جرت العملية بتقنيات الإشراف من بُعد بالصور الرمزية للجراح (أفاتار) وبنظام الفيديو في مركز القيادة في مستشفى الميتافيرس في دبي".
تمّت العملية في ثلاث دول: العراق ودبي والولايات المتحدة. فقد تأسس المستشفى الافتراضي الجراحي في الولايات المتحدة، وافتُتح في 7 كانون الثاني (يناير) 2023، لكنه يُدار رسمياً من دبي، تحت إشراف الأنصاري، مؤسسه ورئيسه التنفيذي ورئيس الجراحين فيه.
يقول لـ "النهار العربي": "هذا المركز الطبي هو الأول من نوعه في العالم الذي يقدّم خدمات الرعاية الطبية والجراحية لمحطة الفضاء الدولية وبرامج استكشاف الفضاء ورحلات الفضاء السياحية، باستخدام تقنيات الواقع الافتراضي والروبوتات".
فقد قدّم المستشفى أخيراً عقوداً علاجية لمحطة الفضاء الدولية، ومحطات الفضاء العالمية، وشركات متخصصة في السياحة الفضائية، إضافة إلى حجوزات لإجراء عمليات جراحية في مختلف أنحاء العالم.
أقل تكلفة وخطورة
لكن، لِمَ يلجأ مريض لهذه التجربة بدلاً من الجراحة التقليدية؟ بالنسبة إلى الأنصاري، نسبة الخطأ والخطورة في هذا النوع غير التقليدي من الجراحات "صفر في المئة، فالتقنية المستخدمة تجنّب المريض المخاطر، وتكلفتها أقل، فالمريض يمكنه تلقّي العلاج على يد طبيب ماهر موجود في غير دولة من دون أن يتكبّد عناء السفر إليه، ويوفّر تكاليف السفر والإقامة، فهو لا يغادر بلده، ويبقى قريباً من عائلته، وتنتهي الجراحة سريعاً، ويتعافى منها سريعاً أيضاً"، مشدّداً على الميزة الأهم: "يمكنك اختيار طبيبك الجراح في أي بقعة كان".
لكن، هل دخلنا عصر "الأفاتار" وخرجنا من عصر الجرّاح الحقيقي؟ طبعاً لا. يقول الأنصاري مبتسماً: "الإشراف من بُعد بتقنية "الأفاتار" لا يهدّد بإلغاء دور الأطباء. بالعكس، هذه التقنية متممة لعمل الجرّاح، وهي بمنزلة الرأي الطبي الثاني، إن ساورت الجراح شكوكٌ من أي نوع خلال الجراحة".
ولمن يظن أن هذا الكلام "من غير كوكب"، أبداً. فالأنصاري يرحّب بأي مريض، "ويمكنه التواصل معنا، ونحن نصل إليه جراحياً متى احتاج إلى ذلك، بالهاتف الذكي أو كاميرات الواقع الافتراضي المعزز أو شبكة الإنترنت (ويب 3)، فنحن نستخدم أحدث التقنيات، حتى أننا نقبض أجرنا بالعملة الرقمية (بيتكوين)".