تُعتبر كندة علوش آخر المشاهير اللواتي أحدث خبر إصابتهن بالسرطان صدمة، بعدما أعلنت عنه في إحدى المقابلات. لكنها لم تكن النجمة الوحيدة التي اتخذت قرار مشاركة معجبيها بخبر إصابتها بالمرض، بل كثيرات سبقنها وأعلنّ عن مرورهن بتجربة المرض في فترة سابقة أو في الوقت نفسه، سواء كان المرض هو السرطان أو غيره من الأمراض. فكانت إليسا قد أعلنت عن إصابتها السابقة بالمرض، قبل أن تصبح من الناجين الذين ينشرون الوعي حوله، فأصبحت مثالاً لمن يمرّون بالتجربة ذاتها. كما أعلنت سيلين ديون عن ابتعادها عن الفن بسبب إصابتها بمتلازمة الشخص المتيبس، ولاقت تعاطفاً واسعاً حول العالم، خصوصاً بعدما نشرت وثائقياً ينقل لحظات صعبة تعيشها في تجربتها هذه. كذلك بالنسبة إلى الأميرة كايت ميدلتون التي أعلنت عن إصابتها بالسرطان بعد ابتعادها لفترة عن الحياة العامة. فشكّل هذا الخبر أيضاً صدمة وتعاطف الكل مع الأميرة، وأصبحت متابعة حالتها الشغل الشاغل لكثيرين حول العالم.
صحيح أن إعلان أحد المشاهير عن إصابته بالمرض ينعكس إيجاباً على المرضى الذين يعيشون التجربة نفسها في معظم الأحيان، فيكونون مصدر إلهام لهم، لكن ذلك قد لا يكون إيجابياً دائماً بالنسبة لهم، وتحمل هذه الخطوة الكثير من المحاذير بعد أن يتمّ اختراق الخصوصية.
اتخاذ قرار مشاركة الآخرين بالتجربة الخاصة بالمرض هو قرار شخصي حتماً، بحسب الاختصاصية في المعالجة النفسية لانا قصقص. فقد يُقدم بعض المشاهير على هذه الخطوة، كما قد يفضّل آخرون التكتم على الموضوع. وينطبق ذلك على أي شخص آخر. مما لا شك في ذلك، أن من يُقدم على هذه الخطوة يساهم في زيادة الوعي حول هذه الأمراض وحول كيفية التعامل معها. وقد يساهم ذلك في تعزيز حملات التوعية، ويضفي وجود المشاهير فيها إضافة جيدة تساهم في رواجها. فطريقة تعاطي المشاهير مع هذه الأمراض تظهر الكثير من القوة، وتشكّل مصدر إلهام لمرضى آخرين حول طريقة التعاطي مع هذه الأمراض.
بشكل عام، كمثل تلك الخطوة تُعتبر تشجيعاً للأشخاص المعنيين الذين يحاربون المرض. هذا ما حصل مع إليسا التي استطاعت أن تساهم في التركيز على أهمية الكشف المبكر لسرطان الثدي من خلال الحملات التي شاركت فيها، وبعد الإعلان عن إصابتها بالمرض.
هل تُعتبر مشاركة المشاهير تجربة المرض مع الآخرين إيجابية دائماً؟
في الواقع، تشير قصقص إلى أن ثمة اعتبارات معينة على أي من المشاهير الذي يتخذ قرار مشاركة تجربة المرض مع الآخرين، أن يأخذها في الاعتبار. فبالدرجة الأولى، يجب أن يؤخذ في الاعتبار الاستعداد الشخصي لمشاركة التجربة. على سبيل المثال، أعلنت إليسا عن تجربة المرض بعد التعافي ولم تختر القيام بهذه الخطوة في مرحلة مبكرة، فيما اختار آخرون الإقدام على هذه الخطوة أثناء محاربة المرض، كما بالنسبة إلى كايت ميدلتون وكندة علوش وسيلين ديون وأخريات. فهذا ما يرتبط بالاستعداد الشخصي لهذه المواجهة. هي مسألة في غاية الأهمية، لأنه بمجرد التحدث علناً عن هذا الموضوع، تتحول إلى قصة في متناول الكل، وعندها تلقائياً يتمّ اختراق تلك الخصوصية التي قد يحرصون عليها. فهي لا تعود قصة خاصة بهم وحدهم، ومن الممكن أن تكثر التساؤلات وقد تُطرح أسئلة متنوعة لا بدّ من الاستعداد لها وتقبّلها كيفما كانت، لأن منها ما قد يكون سلبياً أو فيه شيء من الانتقادات والتنمّر. كما قد ترتبط بعض هذه التعليقات بمرضى يعيشون تجارب مماثلة لكنها أكثر صعوبة. فقد تستفزهم سلبياً مشاركة المشاهير التجربة بهذه الطريقة الإيجابية.
من الممكن أن تكون مشاركة الآخرين خطوة فيها الكثير من الدعم والتعاطف والإيجابية، وأن تكون مصدر إلهام لأي مريض، كما يمكن أن تكون عكس ذلك أحياناً في حال التعرّض للتنمر أو للتعليقات السلبية، ولا بدّ من الاستعداد النفسي لأي من الاحتمالات. لذلك، يتابع المشاهير عادة معالجون نفسيون يرافقونهم في هذه التجربة ليتأقلموا مع وضعهم الشخصي، ومع أي انتقادات أو تنمّر يمكن أن يتعرّضوا له. فاختراق الخصوصية للمشاهير مسألة تضعهم تحت وطأة ضغط نفسي كبير جداً لا يمكن الاستخفاف فيه. قد يجعلهم ذلك يعيشون المأزق الصحي بطريقة غير سلسة، وقد تتطور لديهم بعض الصدمات النفسية والاضطرابات النفسية أمام ردود فعل غير متوقعة. من هنا أهمية تلقّيهم الدعم النفسي، خصوصاً أن الناس يتوقعون من أي من المشاهير عند الإعلان عن تجربة المرض أو في أي ظرف كان أن يكون بطلاً. وهذا قد لا ينطبق على الحالات التي يمرّون فيها بتجربة المرض. فهم يمرّون بلحظات من الضعف واليأس كأي مريض آخر. لذلك، تزيد الضغوط النفسية عليهم لأنهم ملزمون بالبقاء على مستوى من القوة المتوقع من قبل المعجبين والمتابعين.
ومن المعايير التي يجب أن يأخذها المشاهير في الاعتبار عند الإعلان عن إصابتهم بالمرض، التوقيت الذي يُقدمون فيه على هذه الخطوة. فيكون الوضع الصحي والمشاعر والحالة النفسية تحت السيطرة في فترة الإعلان عن الإصابة بالمرض. كما يجب أن يضعوا حدوداً صحية مع من حولهم ليحموا أنفسهم في الوقت نفسه، إلى جانب وجود معالجين نفسيين، حفاظاً على صحتهم النفسية ليكونوا مرتاحين في هذه التجربة.