مع الاستخدام الواسع للبلاستيك في حياتنا اليومية، يتزايد القلق بشأن تأثيراته الصحية، خاصة في ما يتعلق بالبلاستيكات الدقيقة (Microplastics) والجزيئات البلاستيكية التي قد تترسب في جسم الإنسان. وهذه الجسيمات الصغيرة يمكن أن تدخل إلى الجسم عبر الطعام والماء وحتى الهواء.
اكتشفت دراسات حديثة أن ترسّب الميكروبلاستيك في أنسجة المشيمة وشرايين الإنسان يرتبط بزيادة خطر الأمراض القلبية والسكتات الدماغية، وهذه الأدلة تزيد من القلق حيال الآثار الصحية للبلاستيكات.
تضاف هذه الاكتشافات الأخيرة إلى الأدلة المتزايدة بسرعة على وجود البلاستيك الشائع وفهمنا المتزايد للمخاطر الصحية التي تشكلها هذه المادة، ومن الواضح أننا في أزمة صحية ناتجة من البلاستيك.
وبحسب تقرير نشره موقع The Guardian، تقدر لجنة مينديرو-موناكو للبلاستيك والصحة البشرية لعام 2023 أن تكاليف الأمراض والإعاقات والوفيات المبكرة الناجمة عن التعرض للمواد الكيميائية تجاوزت 675 مليار دولار في الولايات المتحدة وحدها. وتربط التقارير بين الميكروبلاستيك، الالتهابات، والأمراض غير المعدية.
ومع ذلك، يقول بعض الباحثين إننا في مرحلة "الهدوء" الذي يسبق العاصفة في هذه الأزمة، وإن مستويات التلوث الحالية بالبلاستيكات الدقيقة "ليست إلا البداية"، بسبب الارتفاع الكبير في إنتاج البلاستيك منذ السبعينيات، فنحن على أعتاب نقطة محورية حيث يتحول الكثير من النفايات البلاستيكية التي تعود إلى 20 إلى 40 عاماً إلى جزيئات دقيقة جداً".
وعلى الرغم من أن البلاستيك قد يحتاج إلى ألف عام ليتحلل بالكامل، إلا أنه قد يتحول إلى جزيئات صغيرة بسرعة. مثلاً، يمكن لفتح غطاء زجاجة قد يفرج عن ميكروبلاستيك على الفور، ويبدأ العديد من أنواع البلاستيك في التحلل إلى جزيئات صغيرة خلال عقود أو حتى سنوات تحت ظروف معينة. ورغم الزيادة المحتملة في المشكلات البيئية والصحية المرتبطة بالميكروبلاستيك، إلا أننا لم نبدأ بعد في احتواء هذه المشكلة.
يشدد د. فيليب لاندريجان، الناشط ضد التلوث بالبلاستيك ومدير برنامج الصحة العامة العالمية في كلية بوسطن، على الحاجة الملحة لفرض سقف عالمي على إنتاج البلاستيك، على غرار التدابير المتخذة في بروتوكول مونتريال واتفاقية باريس المناخية. وانتقد لاندريجان خلال مشاركته في اللجنة الحكومية البينية لتلوث البلاستيك في أوتاوا مقاومة الصناعة، خاصة من قطاعات الوقود الأحفوري والبلاستيك، التي تعارض فرض حدود على الإنتاج قد تؤثر على أرباحها، مشدّداً على المخاطر الصحية الناتجة من تلوث الميكروبلاستيك، وداعياً إلى اتخاذ إجراءات عالمية أكثر صرامة للحد من تأثيرها الواسع على الصحة البشرية وفقاً لما ورد في التقرير.
الحلول المستدامة
تسعى تيزا مافيرا، المديرة التنفيذية لمبادرة سياسات المناخ في إندونيسيا والمديرة التنفيذية لمجموعة الدفاع عن بيئة دايت بلاستيك إندونيسيا، إلى استبدال تغليف البلاستيك القابل للاستخدام مرة واحدة بتغليف قابل لإعادة الاستخدام من البلاستيك أو الزجاج أو الألمنيوم. وهدفها أن يتم إعادة تعبئة هذا التغليف وتعقيمه وإعادة بيعه، على غرار زجاجات الحليب التي كانت تستخدم في الولايات المتحدة والمملكة المتحدة في الماضي.
تشكل البلاستيكات المترسبة في جسم الإنسان مخاطر صحية كبيرة، تتراوح من اضطرابات الهرمونات إلى الأمراض المزمنة والتسمم. من الضروري اتخاذ خطوات للحد من التعرض للبلاستيك والبحث عن بدائل أكثر أماناً في حياتنا اليومية. من خلال زيادة الوعي والبحث المستمر، يمكننا تقليل التأثيرات السلبية للبلاستيك على صحتنا وحماية الأجيال القادمة.