من بداية الأزمة في لبنان، تزايدت أعداد الكلاب الشاردة وتكررت القصص المرتبطة بها ما بين حوادث قتل هذه الكلاب بسبب هواجس المواطنين وتخوفهم منها، وحوادث أشخاص تعرضوا إلى عضة كلب مسعور. ويعود تزايد مثل هذه الحوادث خاصة إلى أن كثراً تخلوا عن كلابهم بسبب النفقات المترتبة عن اقتنائها خلال الأزمة أو لأسباب أخرى. وفي الوقت نفسه، تزايدت التحذيرات من داء الكلب أو السعار، خصوصاً أن الحيوانات الأليفة لم تعد تتلقى لقاحاتها المطلوبة بانتظام، كما من المفترض أن يحصل. هذا ما دعا وزارة الصحة إلى تكثيف التحذيرات من مخاطر هذا المرض الذي يمكن أن يودي بحياة الإنسان دون أن يكون من الممكن العودة إلى الوراء. وأحدث الحوادث المؤلمة كانت وفاة شاب بعمر العشرين سنة بعد تعرّضه لعضة من كلبه الخاص كونه لم يكتشف إصابته بالمرض إلا في مرحلة متأخرة، وبعد فوات الأوان، ما أدى إلى وفاته بعد شهرين من تعرضه للإصابة. هذه المأساة عززت هواجس الناس وتخوفهم من الكلاب، في ظل انتشار أخبار عديدة مغلوطة ونصائح غير علمية تزيد من الأخطاء التي يمكن الوقوع فيها بما يعرض حياة الناس والحيوانات للخطر من دون أن يكون لذلك أي مبرر علمي.
ما هو داء الكلب؟
داء الكلب هو مرض فيروسي يمكن الإصابة به جراء التعرض إلى عضة حيوان مصاب بالفيروس. وتشدد الطبيبة البيطرية الدكتورة كريستال جرجس على أن الإصابة بالمرض لا تنتج من كلب بالضرورة، بل من الممكن الإصابة به جراء التعرض لعضة قطة أو جرذ أو من الحيوانات في الغابة. وهذا ما قد يواجهه البعض أثناء المشي أحياناً في الغابات. لكن تصف ما يحصل اليوم في هذا المجال بالمأساة الحقيقية بسبب قلة الوعي وانتشار الأفكار الخاطئة. أما القتل العشوائي للكلاب الشاردة فخطأ فادح وجريمة يرتكبها البعض في لبنان من دون مبرر.
هل خطر الإصابة بداء الكلب يزيد بوجود الحيوانات الشاردة؟
مما لا شك فيه أنه في الطرق من الممكن أن يزيد الخطر لأن احتمال التعرض لعضة حيوان لم يتلق اللقاح يزيد عندها. لكن ما حصل مع الشاب الذي توفي ناتج من تعرضه إلى عضة كلبه الخاص الذي يبدو أنه لم يكن قد تلقى لقاحه من الداء، وفق ما توضحه جرجس. كما أن الشاب لم يتنبه إلى العلامات التي تدل إلى إصابة الكلب ولا إلى الأعراض التي ظهرت لديه بعد التعرض للعضة، ما سبب تفاقم الحالة ووفاته بعد شهرين. لذلك، تشدد جرجس على ضرورة تلقيح الحيوانات كافة في المنازل للحد من هذا الخطر. علماً أنه من الممكن أن يكون الكلب المعني قد تعرض إلى عضة حيوان ما مصاب بالفيروس، إضافة إلى كونه لم يتلق اللقاح الذي يحميه منه، ولم يتنبه أصحابه لذلك. كما شددت على ضرورة تلقي من يقتني حيواناً أليفاً اللقاح. ويُعتبر الأطباء البيطريون ومن يقدمون الرعاية للحيوانات عامةً من الفئات التي من الضروري أن تتلقى اللقاح ضد الكلَب. وهو يعطى كأي من اللقاحات الأخرى مع جرعات تذكيرية منتظمة.
ما الإجراءات الواجب اتخاذها بعد التعرض إلى عضة أحد الحيوانات التي من الممكن أن تكون مسعورة؟
على كل من يتعرض إلى عضة كلب أن يحرص على الحصول على حقنة كزاز، إضافة إلى حقنة الأجسام الضدية لداء الكلب. هذا ولا ينصح بتقطيب الجرح في هذه الحالة. مع الإشارة إلى أن عدم الحصول على الحقنة خلال وقت محدود، يؤدي إلى تفاقم الحالة وانتشار الفيروس في الجسم بحيث لا يكون من الممكن العودة إلى الوراء ويؤدي إلى تضرر الجهاز العصبي وصولاً إلى مرحلة الغيبوبة والوفاة. ومن العلامات التي تلاحظ على من يصاب بالفيروس التخوف الزائد من الماء وصولاً إلى درجة عدم القدرة على تحمل صوت الماء، إضافة إلى التغيير في السلوك والعدوانية وغيرها من العلامات التي تظهر نفسها لدى الحيوان المصاب. وتشير جرجس إلى أن هذا الفيروس يسبب معاناة حقيقية لكل من يصاب به قبل الوفاة، من هنا أهمية نشر الوعي حول سبل الوقاية والحد من الخطر. مع الإشارة إلى أن الحقنة المضادة للكلاب غير متوافرة في كل المستشفيات في لبنان.
كيف يمكن الحد من مخاطر انتشار داء الكلب؟
تشدد جرجس بالدرجة الأولى على ضرورة سن قوانين تحاسب الأشخاص الذين يتركون حيواناتهم الأليفة في الطرق، لأنها من الأمور التي لا يمكن أن تحصل بطريقة عشوائية، سواء لجهة اقتناء كلب أو تركه في الطريق. ومن المهم تحسين طرق التعرف إلى الكلاب وأصحابها عندما تكون شاردة، إضافة إلى أهمية الحرص على برامج التلقيح للكلاب الشاردة والقطط، وإقامة حملات إخصاء للكلاب والقطط للحد من تكاثرها بطريقة عشوائية.
ما العلامات التي يمكن أن تظهر على كلب أو حيوان ما وتدل إلى إصابته بداء الكلَب؟
يُلاحظ تغيير في سلوكيات الكلب أو الحيوان المصاب بداء الكلب تلقائياً بعد إصابته بالفيروس. فهو يبدو أكثر عدوانية ويظهر اللعاب الذي يخرج من فمه. كما أنه يهجم بسرعة رغبة في عضّ أي إنسان أو حيوان أمامه.