كشفت دراسة حديثة نُشرت في مجلة "نيتشر ميدسن" أن استبدال الدهون الحيوانية المشبعة (الزبد)، بالزيوت النباتية غير المشبعة، مثل زيت الزيتون، وزيت بذور اللفت، يمكن أن يؤدي إلى تحسينات كبيرة على تكوين الدهون في الدم، مما يؤثر إيجابياً على صحة القلب والأوعية الدموية، ويحدّ من خطر الإصابة بمرض السكري من النوع 2.
أجرى الدراسة فريق دولي من الباحثين من جامعة تشالمرز للتكنولوجيا في السويد، والمعهد الألماني لأبحاث التغذية بوتسدام-ريبروك، وجامعات أخرى. حلّل الباحثون بيانات من دراسات التدخل الغذائي، حيث أُعطي المشاركون وجبات غذائية خاضعة للرقابة، بالإضافة إلى دراسات قائمة على الملاحظة تتبعت صحتهم على مدى عدة سنوات.
وجد الباحثون أن الأفراد الذين يتبعون نظاماً غذائياً غنياً بالدهون غير المشبعة (الموجودة في الزيوت النباتية)، ومستوى منخفض من الدهون المشبعة (الموجودة في الزبد)، يتمتعون بمستويات أعلى من "درجة الدهون المتعددة" (MLS)، مما يرتبط بانخفاض خطر الإصابة بأمراض القلب والأوعية الدموية ومرض السكري من النوع 2.
الدهون المشبعة (الموجودة في الزبد) ترتبط بارتفاع خطر الإصابة بأمراض مزمنة
زيوت نباتية عالية الجودة
حول أنواع الزيوت النباتية الأكثر فائدة، أكّد فابيان إيشلمان، المؤلف الأول للدراسة من المعهد الألماني لأبحاث التغذية بوتسدام-ريبروك، في حديث خاص لـ"النهار العربي"، أن "استبدال الزبد بزيت الزيتون أو زيت بذور اللفت، له الفوائد نفسها لاستبدالها بزيت القرطم، في ما يتعلق بتحسين مستويات الدهون في الدم.
ويضيف: "يمكن تحقيق الفوائد المرجوة من استبدال الدهون المشبعة من منتجات الألبان بتحسين تركيبة الدهون في الدم، باستخدام مجموعة متنوعة من الزيوت النباتية الغنية بالدهون غير المشبعة، مثل زيت الزيتون، وزيت بذور اللفت، وزيت القرطم، وزيت عباد الشمس، وزيت الأفوكادو".
وأوضح إيشلمان أن الجمع بين زيت الزيتون (الغني بالدهون الأحادية غير المشبعة)، وزيت غني بالأوميغا 6، مثل زيت بذور اللفت، أو القرطم، أو عباد الشمس، بالإضافة إلى الدهون النباتية عالية الجودة، يوفر تركيبة دهنية ممتازة للنظام الغذائي اليومي.
ويشير الباحث إلى أن من بين الزيوت النباتية الغنية بالدهون المفيدة، يُعد زيت الزيتون، وزيت الأفوكادو، الأكثر استقراراً في درجات الحرارة المعتدلة، مما يجعلهما الخيار الأمثل للطهي والقلي.
وتشير الدراسات إلى أن زيت الزيتون البكر الممتاز، الغني بمادة البوليفينول، وزيت الجوز، وزيت بذور الكتان، الغنيان بأوميجا 3، قد يحملان فوائد صحية إضافية لم يتم التطرق إليها في هذه الدراسة.
نظام غذائي
يُعد مقياس الدهون المتعددة (MLS) مؤشراً لتأثير استبدال الدهون المشبعة في النظام الغذائي بالدهون غير المشبعة على مستويات الدهون في الدم. ويرتبط هذا الاستبدال بشكل كبير بتفضيل السمن النباتي والزيوت على الزبد في الطهي والخبز.
وقد أشارت الدراسات القائمة على الملاحظة إلى أن ارتفاع هذا المقياس يرتبط بانخفاض خطر الإصابة بالأمراض المزمنة، مما يشير إلى الفوائد الصحية المحتملة لهذا التغيير الغذائي على المدى الطويل.
تؤكد الدراسة الحالية أن الأفراد الذين يتبعون نظاماً غذائياً غنياً بالدهون المشبعة، ويتمتعون بمستويات منخفضة من مقياس الدهون المتعددة (MLS)، يستفيدون بشكل كبير من التحول إلى نظام غذائي صحي غني بالدهون غير المشبعة، مثل النظام الغذائي للبحر الأبيض المتوسط.
فابيان إيشلمان (يمين) وكليمنس ويتينبيشر
ويقول كليمنس ويتينبيشر، قائد البحث في جامعة تشالمرز للتكنولوجيا وكبير مؤلفي الدراسة في بيان صحافي: "النظام الغذائي معقد للغاية، وغالباً ما يكون من الصعب استخلاص دليل قاطع من دراسة واحدة. إن نهجنا المتمثل في استخدام علم دراسة الدهون للجمع بين دراسات التدخل مع الوجبات الغذائية الخاضعة للرقابة بدرجة عالية، ودراسات الأتراب المستقبلية مع تتبع الصحة على المدى الطويل، يمكن أن يتغلب على القيود الحالية في أبحاث التغذية".
وعن الأفق المستقبلية لهذا النهج العلمي، يقول فابيان إيشلمان: "نظراً لأن مجموعات الدراسة لدينا تتبعت في المقام الأول الأشخاص من أصل أوروبي، فإن التحقق من صحة ارتباطات درجة الدهون في المجموعات السكانية غير الأوروبية سيكون أمراً مهماً، لكننا لا نخطط لمثل هذا المشروع حتى الآن".
يشار إلى منظمة الصحة العالمية (WHO) توصي باستبدال الدهون المشبعة بالدهون النباتية غير المشبعة لتقليل مخاطر الإصابة بأمراض القلب والأوعية الدموية. وتتوافق نتائج هذه الدراسة الجديدة مع تلك التوصيات.