ثمة بعض الأشياء التي يرغب الرياضيون في حملها معهم من الأولمبياد: الميداليات والذكريات الجميلة والأصدقاء الجدد. ولكن هناك بعض الأشياء التي يأمل منظمو الأولمبياد ألا يأخذها الرياضيون معهم، وهي الأمراض التناسلية والحمل غير المرغوب فيه. ولهذا السبب، توزع اللجنة الأولمبية الدولية بالتعاون مع منظمة الصحة العالمية الواقيات الذكرية مجاناً في محيط القرية الأولمبية حيث يقيم معظم الرياضيين خلال دورة الألعاب الأولمبية في باريس في خطوة تعكس التزامها العميق بصحة الرياضيين وسلامتهم.
هذه المبادرة، التي بدأت منذ أكثر من ثلاثة عقود، تأتي ضمن سلسلة من الإجراءات التي تهدف إلى تعزيز الصحة الجنسية ومنع انتشار الأمراض المنقولة جنسياً بين الرياضيين من مختلف أنحاء العالم. ومع انطلاق الألعاب في العاصمة الفرنسية، يُسلّط الضوء على هذه الجهود باعتبارها جزءًا لا يتجزأ من الفعاليات، ما يثير النقاش حول أهمية التوعية بالصحة الجنسية في الأحداث الرياضية الكبرى.
وقد أعلنت منظمة الصحة العالمية عن توفر 200.000 واقٍ ذكريًا و 20.000 واقٍ أنثويًا في القرية الأولمبية في باريس، والتي تستضيف حوالي 14,500 رياضي، وتحمل عبارات مثل "ليس من الضروري أن تحمل الميدالية الذهبية لارتدائه"، "العب بنزاهة في ميدان الحب"، "سجل هدفًا" أو "اللعب النزيه، اللعب الآمن، الموافقة أولاً"، كما يتوفر العديد من مراكز فحص الصحة الجنسية في الموقع للرياضيين، بالإضافة إلى رسائل التوعية بالصحة الجنسية.
ويأتي ذلك في سياق مشاركة منظمة الصحة العالمية في أولمبياد باريس في مجالات متعددة، حيث تدعم اللجنة الأولمبية الدولية وفرنسا للمساعدة في جعل هذا الحدث الرياضي الرائد في العالم، والذي بدأ رسمياً يوم الجمعة الفائت، صحياً وآمناً للمشاهدين والرياضيين على حد سواء، وفقًا لما نشره الموقع الرسمي لمنظمة الصحة العالمية.
وفي كل دورة أولمبية، يثير توزيع الواقيات الذكرية على الرياضيين جدلاً ونقاشاً واسعاً حول دور الرياضة في تعزيز الصحة والسلامة الجنسية. مع وجود آلاف الرياضيين من مختلف أنحاء العالم، تتبنى اللجنة الأولمبية الدولية مبادرة توزيع الواقيات الذكرية كجزء من جهودها لتعزيز الصحة العامة ومنع انتشار الأمراض المنقولة جنسياً.
خلفية المبادرة
منذ دورة برشلونة 1992، أصبح توزيع الواقيات الذكرية على الرياضيين المشاركين في الألعاب الأولمبية جزءًا أساسيًا من جهود اللجنة الأولمبية الدولية لتعزيز الصحة الجنسية ومنع انتشار الأمراض المنقولة جنسياً.
وجرت العادة أن توفر اللجان المنظمة للأولمبياد في البلد المضيف الواقيات الذكرية والأنثوية للرياضيين. وعلى سبيل المثال، تم توفير ما يقرب 100 ألف واقي ذكري خلال الألعاب الأولميبة في لندن سنة 2012، و70 ألفا في سيدني سنة 2000 أو حتى 160 ألفا في طوكيو سنة 2021 على الرغم من وباء كورونا. وتبقى ريو في الصدارة مع الرقم القياسي لعدد الواقيات الذكرية الموفرة بما لا يقل عن 450 ألف واقي ذكري وزع خلال ألعاب سنة 2016.
الوقاية خير من العلاج
وجدت مراجعة منهجية أجرتها منظمة الصحة العالمية ومجموعة المناصرة "مشروع المتعة" أن التثقيف الجنسي الشامل للمتعة هو استراتيجية تدخل أكثر فعالية في مجال الصحة الجنسية من برامج الامتناع عن ممارسة الجنس والرسائل التي تركز على المخاطر. وتظهر النتائج أنها تزيد من استخدام الواقي الذكري وتعزز المعرفة واحترام الذات، وهما أمران حاسمان لتعزيز الخيارات الأكثر أمانًا في العلاقات.
وهذه الخطوة شجعت الرياضيين على تحمل مسؤولية صحتهم وسلامة شركائهم وأثرت إيجابياً على المجتمعات عندما نقل الرياضيون التوعية إلى بلدانهم، وساهمت في رفع الوعي بين الرياضيين حول أهمية الممارسات الجنسية الآمنة وفي الحد من انتشار الأمراض المنقولة جنسياً مثل فيروس نقص المناعة البشرية (HIV) وغيرها.
يرى المؤيدون أن المبادرة تعزز الصحة والسلامة الجنسية وتعكس التزام اللجنة الأولمبية بحماية الرياضيين. أما المعارضون فيعتبرون أن توزيع الواقيات قد يُفهم بشكل خاطئ كتشجيع على العلاقات الجنسية غير الضرورية ويفضلون التركيز على الجانب الرياضي.
إن توزيع الواقيات الذكرية في الألعاب الأولمبية يمثل جزءًا من الجهود العالمية لتعزيز الصحة الجنسية والمسؤولية الشخصية بين الرياضيين، وهو خطوة إيجابية تعكس التزام اللجنة الأولمبية الدولية بصحة وسلامة الرياضيين. وبينما يستمر النقاش حول هذه المبادرة، يبقى الهدف الأساسي هو حماية صحة الرياضيين وتوفير بيئة آمنة وصحية لهم خلال هذه الفعاليات الرياضية الكبرى.