في ظلّ غياب اللقاحات، سُجّلت أول حالة شلل أطفال في غزة لرضيع يبلغ من العمر 10 أشهر، بعد أن كانت خالية من المرض منذ 25 عاماً. ولم يكن الرضيع قد تلقّى أي جرعة من اللقاح الخاص بشلل الأطفال، وظهرت عليه أعراض المرض، ثم أُجريت الفحوص التي أكّدت إصابته بالمرض. وعلى مستوى العالم، كانت الإصابات بشلل الأطفال قد أصبحت محدودة، وكان من الممكن القضاء عليه تماماً في معظم دول العالم بفضل حملات التلقيح، فيما بقي موجوداً في بعض الدول مثل أفغانستان وباكستان والهند ونيجيريا. أما عودة المرض إلى غزة، فيُعتبر مقلقاً، مع احتمال انتقاله إلى دول عربية أخرى، خصوصاً أنه من الأمراض الفيروسية الشديدة العدوى.
ما هو فيروس شلل الأطفال؟
ينتج شلل الأطفال من الإصابة بفيروس البوليو الذي يُعتبر من الفيروسات الشديدة العدوى التي تنتقل من شخص مصاب إلى آخر، والتي يمكن الإصابة بها بسبب التعرّض لإفرازات شخص مصاب أو المياه والطعام الملوثين بالفيروس. وهذا ما يمكن أن يحصل بشكل خاص في الحروب، لعدم توافر شروط النظافة أيضاً. علماً أن الفيروس يمكن أن يدخل إلى الجسم عبر الفم أو الأنف، ثم يتكاثر في الحلق والأمعاء قبل أن ينتقل في الدم إلى أعضاء اخرى.
ما خطورة فيروس شلل الأطفال؟
وفق ما يوضحه طبيب الأطفال في المركز الطبي للجامعة اللبنانية الأميركية -مستشفى رزق الدكتور آلان صياد، في معظم الحالات لا يؤدي شلل الأطفال إلى مضاعفات خطيرة، ولا يسبّب الشلل، إلّا أن خطورته الكبرى تكون عادةً على الأطفال الأصغر سناً والرضع. من هنا أهمية الالتزام بتلقّي اللقاح لتوفير الحماية اللازمة والمناعة لتجنّب الإصابة بالمضاعفات. وفيما لا يزال الفيروس موجوداً في الدول التي لا تلتزم ببرامج التلقيح، كان من الممكن السيطرة عليه في معظم دول العالم. وبحسب صياد، ظهرت في سوريا حالات قبل سنوات، كان من الممكن السيطرة على المرض أيضاً بفضل التلقيح. حتى أنه في لبنان، في بداية الأزمة مع انقطاع اللقاحات، كان هناك تخوف من ظهور المرض مجدداً، لكن بعد تأمين اللقاحات التي أصبحت متوافرة بشكل طبيعي، لم تعد هذه المشكلة مطروحة، وهناك التزام تام بالتلقيح. انطلاقاً من ذلك، لا يمكن أن ينتشر المرض طالما أن هناك التزاماً ببرنامج التلقيح.
هل يؤمّن اللقاح المناعة التامة؟
من يتلقّى اللقاح لا يُصاب بالفيروس ويكون محمياً بشكل تام. هو يؤمّن مناعة تامة. وفي حملات التلقيح الواسعة التي تُجرى، يعطى عادة اللقاح عن طريق الشرب، ويحتوي عندها على الفيروس الحي المخفف، ويكون أقوى بعد ويؤمّن مناعة قوية. أما في العيادات فيعطى بطريقة الحقن ويكون أخف.
ما أعراض فيروس شلل الأطفال؟
-ارتفاع في الحرارة
-إسهال
-ألم في الحلق والاحمرار
-الشعور بالتعب.
في مرحلة أولى، ولدى معظم المصابين به، لا يتطور المرض ولا تحصل مضاعفات. كما من الممكن ألّا يعرف المريض والمحيطون عن إصابته بشلل الأطفال. لكن يزيد خطر الإصابة بمضاعفات المرض لدى الأطفال الصغار، فيما لا يُعتبر الخطر موجوداً ً لاحقاً . لذلك، لا تجرى الجرعات التذكيرية بعد عمر 15 سنة، لأنه ما من خطر في الإصابة بالمرض. وطالما أن الطفل يتلقّى اللقاح، لن يكون الخطر موجوداً أبداً بأن يصاب بالشلل أو يتعرّض إلى مضاعفات المرض.
والمشكلة الأساسية في هذه العدوى الفيروسية بحسب صياد، أنه في حال التعرّض إلى مضاعفاته والإصابة بالشلل، لا يمكن العودة إلى الوراء بمجرد إصابة الجهاز العصبي وحصول الشلل. فما من سبيل للمعالجة عندها. من هنا أهمية تلقّي اللقاح لتوفير الحماية وتجنّب الخطر بشكل تام والسيطرة على المرض على نطاق واسع.
هل هناك فعلاً سلالات أكثر خطورة كما هي السلالة التي في غزة حالياً؟
اللقاح المتوافر يغطي كافة السلالات من دون استثناء. وليس هناك أي خطر من انتقال المرض بوجوده، أياً كانت السلالة المعنية. وبالتالي لا تُعتبر أي دولة تلتزم ببرنامج التلقيح معنية بالخطر الذي يُحكى عنه من انتشار المرض، وفق ما يؤكّد صياد، ولا خطر من انتشار المرض طالما أن ثمة التزاماً ببرامج التلقيح.