لعل أبرز ما يلفت في عقار "آمتاغفي" Amtagvi الذي اندفع إلى مقدمة الأدوية الواعدة في علاج السرطانات الصلبة، أنه "حي"، بمعنى أنه مأخوذ من خلايا حية يفرزها جهاز المناعة حينما يقاوم الورم الخبيث.
يسهل تبسيط فكرة هذا الدواء. وحينما يظهر الورم السرطاني في الجسم، يحاول جهاز المناعة مقاومته، ويفرز خلايا مهمتها ضرب تلك الخلايا الخبيثة. وتعتبر الخلايا اللممفاوية من النوع "تي"، أبرز المكونات التي يفرزها جهاز المناعة ضد السرطان، إذ إنها تتوجه إلى الخلايا السرطانية تحديداً، وتنغرز فيها، على أمل "التهامها" والتخلص من الورم الخبيث. وفي غالب الأحيان، تفشل خلايا "تي"، ومكونات مناعية أخرى في ضرب السرطان، فيستشري ويفتك بالجسم.
فشل الجسم يتحوّل سلاحاً بيد العلم
ووفق تقرير مطوَّل نشره موقع "ساينس لايف.أورغ" عن التطور العلمي المشار إليه أعلاه، فقد عمل علماء أميركيون من شركة "لوفانس بيوثرابيوتكس" Lovance Biotherapeutics على أخذ تلك الخلايا ومكاثرتها لتصبح أعدادها بالبلايين، قبل أن يُعاد حقنها في البشر. وقد أضافوا إليها مكوّناً مناعياً هو "انترلوكين 2" Interleukin 2، الذي يعزز عمل خلايا "تي" المناعية.
ويعرف العلاج بالخلايا المناعية الحية باسم "تي آي إل" TIL اختصاراً لعبارة Tumor Infiltrating Therapy للإشارة إلى أنه يعتمد على الخلايا المناعية التي تُعطى للمصابين بالسرطان كي تضرب الخلايا الخبيثة.
وحتى الآن، حقق دواء "آمتاغفي" نتائج طيبة. إذ اجتاز مراحل الاختبارات المباشرة في أطباق المختبر، حيث يُمزج مع خلايا سرطانية وتُراقب مدى فاعليته ضدها. وبعدها، تخطى ذلك الدواء مرحلة التجربة على حيوانات المختبر.
وفي شباط (فبراير) المنصرم، أجاز "مكتب الغذاء والدواء" الأميركي عقار "آمتاغفي"، واسمه العلمي "ليفيليوسيل" Lifileucil كدواء ضد السرطانات الصلبة، بعد أن اجتاز مرحلة الاختبارات المباشرة على بشر مصابين بأورام خبيثة صلبة كتلك التي تصيب الرئة والعظم والبروستات وغيرها [ولا يشمل ذلك مثلاً، سرطانات الدم]. وتشكَّل السرطانات الصلبة قرابة 90 بالمئة من الحالات السرطانية الجديدة في العالم، ويُقدَّر أنها ستهلك أكثر من نصف مليون أميركي خلال العام الجاري.
نجاحات لافتة ولكن... لنعقد أصابع الرجاء
وقبل أسابيع، شهد مؤتمر "الجمعية الأميركية لعلم السرطان السريري" American Society of Clinical Oncology عرضاً تفصيلياً عن النتائج الطيبة التي حققها دواء "آمتاغفي".
ويتضمن سجل تلك النتائج، أنه أُعطي لـ73 شخصاً يعانون سرطانات صلبة، ضمن تجربة سريرية دققت فيها "هيئة الدواء والغذاء"، فأحدث ضموراً في أورام 23 منهم (قرابة الثلث)، من بينهم ثلاث حالات شُفيت كلياً.
وفي تجربة أوسع، أُعطي "آمتاغفي" لـ153 مصاباً بأورام صلبة، وأعطى نتائج إيجابية لدى 48 شخصاً، نصفهم كان لا يزال على قيد الحياة حتى العام 2023، حين اختتمت التجربة.
وقد تبدو الأرقام متواضعة، لكنها تبقى محمّلة بالدلالات الإيجابية.
وأخيراً، أعلنت الشركة التي صنّعت "آمتاغفي" أنها بصدد طلب ترخيص من وهو النظير الأوروبي لـ"هيئة الغذاء والدواء" الأميركية، وكذلك الحال بالنسبة إلى الهيئات المماثلة في كندا والمملكة المتحدة وأوستراليا.
هل تصدُق وعود "آمتاغفي" وينجح في إسقاط اليأس من علاج السرطان والشفاء منه؟
فلننتظر ولنرَ.