النهار

نجمة جديدة تلتمع في السماء؟ إنه شراع شمسي أميركي مبتكر
المصدر: النهار العربي
إن ما تراه ليس نجمة جديدة التمعت في سماء الليل، بالأحرى إنه لوح شمسي مبتكر صنعته وكالة الفضاء الأميركية "ناسا" وصار "نجمة" تسطع أمام أعين كل سكان الأرض يومياً.
نجمة جديدة تلتمع في السماء؟ إنه شراع شمسي أميركي مبتكر
شراع شمسي يرتحل في الكون بقوة الضوء وحده (ناسا)
A+   A-
إن ما تراه ليس نجمة جديدة التمعت في سماء الليل، بالأحرى إنه لوح شمسي مبتكر صنعته وكالة الفضاء الأميركية "ناسا" وصار "نجمة" تسطع أمام أعين كل سكان الأرض يومياً.
 
في خطوة جديدة لتعزيز استكشاف الفضاء باستخدام تكنولوجيا متقدمة، أطلقت وكالة "ناسا" أخيراً، جهازًا فريدًا بحجم الميكروويف محمّلًا بشراع شمسي بالغ الرقة تبلغ مساحته 860 قدمًا مربعًا. هذا الجهاز، المعروف باسم "نظام الشراع الشمسي المركب المتقدّم" Advanced Composite Solar Sail System (ACS3)، أُرسِل إلى مدار أرضي منخفض بعد إطلاقه على متن صاروخ. وبعد بعض التحدّيات في عملية الإطلاق، نجحت المهمّة في نشر الأذرع والشراع بشكل كامل في نهاية الشهر التالي.
 
كيف يعمل نظام الشراع الشمسي؟
 
وفقًا لما جاء في تقرير موقع مجلة "سميثونيان" الأميركية، يعتمد الشراع الشمسي على مفهوم بسيط ولكنه فعّال. فبدلاً من استخدام الوقود التقليدي مثل الصواريخ، تستفيد هذه التقنية من طاقة الفوتونات، وهي جسيمات كهرومغناطيسية تعتبر الوحدات الأصغر التي تكوِّنْ الضوء المنبعث من الشمس.
وتصطدم الفوتونات بالشراع العاكس، وترتد عنه كما لو كانت تنعكس من مرآة. وعلى الرغم من أن الفوتونات صغيرة للغاية، فإن عددًا كبيرًا منها يصطدم بالشراع، ما يساعد في دفع المركبة الفضائية بلطف ولكن بثبات عبر فراغ الفضاء.
تسمح هذه التقنية للمركبات الفضائية بالحصول على سرعة متزايدة من دون الحاجة إلى الوقود الثقيل والمكلف، ما يجعل الشراع الشمسي خيارًا عمليًا وفعّالًا للبعثات طويلة الأمد في الفضاء العميق.
 
 
كيف يمكن رصد ACS3 في سماء الليل؟
 
بعد نشر شراع ACS3 في الفضاء، أصبح من الممكن رؤية هذا الابتكار في سماء الليل في معظم المواقع حول العالم. ولأن الشراع العاكس يعكس ضوء الشمس، فإنه يبدو أحيانًا ساطعًا مثل النجوم اللامعة، مثل نجم سيريوس [بالعربية، الشعرى اليمانية]، الذي يعتبر أكثر النجوم لمعانًا في سماء الليل.
ولمساعدة الناس في متابعة حركة الشراع الشمسي ACS3، أطلقت ناسا ميزة جديدة على تطبيقها المجاني للهواتف المحمولة المتاح لأجهزة iOS وAndroid. يتيح التطبيق تحديد التوقيتات المحلية عندما يمكن رؤية القمر الصناعي بالعين المجردة، كما يوفر إرشادات باستخدام تقنية الواقع المعزز لتوجيه المستخدمين نحو الموقع المناسب في السماء لرصده.
 
 
رصد الشراع الشمسي في السماء
 
رصد متعقب الأقمار الصناعية الكندي كيفن فيتر، الشراع الشمسي ACS3 أثناء تحركه بجوار نجم فيغا، خامس ألمع نجم في سماء الليل. وأشار إلى أن القمر الصناعي سطع بشكل موقت أثناء مروره، وهو ما أكدّه مراقبون آخرون بحسب التقرير.
ومع ذلك، لاحظ العلماء تغيرات في سطوع ذلك الشراع الفضائي، ما أثار بعض التساؤلات حول استقرار حركتها. وفي منشور على مدونته في 2 أيلول (سبتمبر)، أشار العالم ماركو لانغبروك إلى أن هذا التغيير في السطوع قد يشير إلى أن شراع  ACS3 بدأ في التحرك ببطء أو التذبذب. وأكّدت "ناسا" هذا التحليل، موضحة أن توقف التحكم في وضعية ذلك اللوح الشمسي كان جزءًا من العملية المخطط لها لنشر الأذرع والشراع، وقد أكّدت الوكالة أنه لا يوجد ما يدعو للقلق.
 
خطوات "ناسا" المقبلة
 
مع اكتمال عملية نشر الشراع بنجاح، سيختبر مهندسو "ناسا" الآن قدرات المناورة في ذلك الشراع الفضائي، والتي تعدّ خطوة حاسمة في تحسين أداء الأشرعة الشمسية. سيتحقق الفريق من كيفية استجابة الشراع عند توجيهه نحو الشمس ومدى فعاليته في تحريك مركبة ما عبر الفضاء.
 
 
لماذا الشراع الشمسي مهمّ؟
 
وفقًا لخبير الفضاء فيكتور تانغرمان من مجلة "فيوتشريزم" Futurism، فإن الأشرعة الشمسية قد تمثل طفرة في تصميم المركبات الفضائية. فباستخدام بنية بسيطة، يمكن لهذه الأشرعة أن تقلّل التكاليف المرتبطة بالوقود الثقيل والمكلف. بالإضافة إلى ذلك، قد تسمح الأشرعة الشمسية للمركبات بالوصول إلى سرعات تفوق ما هو متاح حاليًا، ما يفتح المجال أمام استكشاف أعماق الفضاء بطريقة أكثر استدامة.
 
مستقبل الأشرعة الشمسية
 
تمثل تكنولوجيا الشراع الشمسي تطورًا كبيرًا في استراتيجيات استكشاف الفضاء. ستواصل "ناسا" مراقبة البيانات الواردة من الشراع الشمسي ACS3 خلال الأسابيع المقبلة، وذلك بهدف فهم أداء هذه التقنية منخفضة التكلفة وتقييم إمكاناتها المستقبلية. من المتوقع أن تسهم نتائج هذه التجارب في تحسين الشراع الشمسي لاستخدامه في بعثات فضائية طويلة الأمد نحو الكواكب والأجرام السماوية البعيدة.
عندما تنظر إلى السماء ليلاً وترى نقطة مضيئة تتحرك ببطء، قد تكون في الواقع تشهد أحد أهم ابتكارات الفضاء الحديثة. إن نظام ACS3 ليس مجرد شراع شمسي، بل رمز لما يمكن أن تحققه تكنولوجيا المستقبل من اختراقات في استكشاف الكون، وهو بداية واعدة لمستقبل، حيث يمكن للمركبات الفضائية أن تبحر في الفضاء بدفع الضوء وحده.

اقرأ في النهار Premium