من قمة شرق آسيا (ا ف ب)
دخلت الولايات المتحدة وحلفاؤها في سجال الجمعة مع روسيا والصين خلال قمة في لاوس هيمنت عليها النزاعات البحرية وملف أوكرانيا.
وتحوّلت شوارع فينتيان الهادئة عادة والمليئة بالمعابد إلى مركز للدبلوماسية الدولية مع استضافتها القمة السنوية لرابطة دول جنوب شرق آسيا، في حدث نادر جمع وزيرا الخارجية الأميركي والروسي.
جاءت القمة في أعقاب اجتماعات عقدتها رابطة دول جنوب شرق آسيا (آسيان) وانتقدت خلالها الفيليبين تحرّكات بكين في بحر الصين الجنوبي المتنازع عليه.
وشدد وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن لدى اجتماعه مع قادة آسيان قبل القمة الكاملة على الدعوات للمحافظة على حرية الملاحة في المرر المائي الحيوي.
وقال بلينكن: "ما زلنا نشعر بالقلق إزاء تصرفات الصين الخطيرة وغير القانونية بشكل متزايد في بحري الصين الجنوبي والشرقي والتي أدت الى وقوع إصابات وتسببت في أضرار لسفن دول آسيان وتتعارض مع الالتزامات التي تم التعهد بها من أجل تسوية سلمية للنزاعات".
نشرت الصين مراكب عسكرية ولخفر السواحل في الشهور الأخير في مسعى لإخراج الفيليبين من ثلاث جزر وشعاب مرجانية في بحر الصين الجنوبي.
كما أنها تكثّف الضغوط بشأن مجموعة من الجزر المتنازع عليها والتي تسيطر عليها اليابان في بحر الصين الشرقي، وهو ما يثير قلق طوكيو وحلفائها.
حذّر بلينكن أيضا الصين بشأن تايوان التي ألقى رئيسها الجديد لاي تشينغ-تي خطابا سنويا تعهّد فيه بأن الجزيرة ذات لحكم الذاتي الديموقراطي ستقاوم أي مساع صينية لضمها.
وقال بلينكن للصحافيين: "على الصين ألا تستغله (الخطاب) بأي شكل من الأشكال كذريعة للقيام بتحرّكات استفزازية".
عداء أميركي روسي
ورغم الخلافات، تراجع التوتر على مدى العام الماضي بشكل كبير بين الصين والولايات المتحدة مع دعم الرئيس الأميركي جو بايدن الحوار لخفض احتمالات اندلاع نزاع.
وتبنّى بايدن ووريثته السياسية نائبة الرئيس كامالا هاريس، اللذان تغيّبا عن القمة مع اقتراب الانتخابات الرئاسية الأميركية، مقاربة مختلفة تماما حيال روسيا معتبرين أن أي مبادرات دبلوماسية روسية تفتقر إلى المصداقية.
وجلس رئيسا كوريا الجنوبية والهند بين بلينكن ووزير الخارجية الروسي سيرغي شويغو خلال القمة. وأفاد بلينكن بأنه لم يتواصل مع نظيره الروسي، لكن أيا منهما لم يغادر أثناء إلقاء الآخر كلمته.
وأضاف :"أعتقد أنه يمكنني القول إننا استمعنا لبعضنا. للأسف، لم أسمع أي جديد بشأن العدوان الروسي المتواصل على أوكرانيا".
وأضاف: "إنه أمر لافت أن هذا العدد الكبير من الدول البعيدة جدا جغرافيا في منطقة المحيطين الهندي والهادئ مهتمة بشكل كبير بما يحدث في أوكرانيا والسبب هو أنها تدرك أنه إذا سُمح لأي بلد بامتلاك حصانة بينما يرتكب أعمالا عدائية، فسيبعث ذلك برسالة إلى المعتدين المحتملين في كل مكان".
من جانبه، أكد لافروف للصحافيين أن دور الولايات المتحدة في آسيا "مدمّر".
وندد بـ"عسكرة" اليابان حيث دعا رئيس الوزراء الجديد ذو العقلية الأمنية شيغيرو إيشيبا في الماضي إلى اتفاق آسيوي على نمط حلف شمال الأطلسي، هدفه غير المعلن ردع الصين.
وقالت الخارجية اليابانية إن إيشيبا شدد على "المخاوف الجديّة" حيال "تكثيف الأنشطة العسكرية الصينية في المناطق المحيطة باليابان" أثناء اجتماع مع رئيس الوزراء الصيني لي تشيانغ.
وفي انتقاد مبطّن لإيشيبا خلال اجتماع مرتبط بآسيان الخميس، حذّر لي من خطورة "المحاولات الرامية لإدخال المواجهة بين التكتلات والنزاعات الجيوسياسية إلى آسيا".
وفي مقابلة أجرتها معه فرانس برس أثناء القمة، دعا رئيس المجلس الأوروبي شارل ميشال إلى حل النزاعات في بحر الصين الجنوبي "بالسبل الدبلوماسية".
دعوة لحل أزمة ميانمار دبلوماسيا
شهدت القمة مشاركة ميانمار التي يقودها الجيش لأول مرة منذ أكثر من ثلاث سنوات، علما بأنها تخلت عن خطة وضعتها آسيان عام 2021 بعد الانقلاب الذي نفذه مجلسها العسكري الحاكم دعت حينذاك إلى الحوار ووضع حد فوري للعنف.
وأعرب قادة آسيان في بيان عن "قلقهم العميق" حيال الوضع في ميانمار وشددوا عن دعمهم للخطة المعروفة بـ"توافق النقاط الخمس".
وبينما دعمت واشنطن جهود آسيان الدبلوماسية، إلا أنها دعت إلى عدم التراجع عن الضغط على المجلس العسكري إلى أن تظهر مؤشرات على تحقيقه تقدّم في هذا الصدد.
من جانبه، أكد رئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي الذي تواصل مع المجلس العسكري الحاكم في ميانمار دعمه لإعادة الديموقراطية لكنه قال: "نعتقد أنه يتعيّن إشراك ميانمار بدلا من عزلها في ظل هذه العملية".
وأثار مودي الذي شوهد وهو يتحادث مع بلينكن في أجواء وديّة، استياء واشنطن برفضه دعم العقوبات الغربية على روسيا، شريكة الهند في فترة الحرب الباردة.
في المقابل، يسود نزاع حدودي بين الهند والصين وأكد مودي أثناء القمة دعمه الحازم لحرية الملاحة في بحر الصين الجنوبي.