النهار

مكاسب كيم من إرسال الآلاف من جنوده إلى روسيا... خبرة قتالية فقط؟
غوى خيرالله
المصدر: النهار
مكاسب كيم من إرسال الآلاف من جنوده إلى روسيا... خبرة قتالية فقط؟
بوتين وكيم جونغ أون
A+   A-

في خضم الحرب المستعرة بين أوكرانيا وروسيا، وبعد أن تكشفت تطورات تتعلق بتعزيز التعاون العسكري بين كوريا الشمالية وروسيا، حيث  أرسلت بيونغ يانغ جنودا للمشاركة في العمليات العسكرية إلى جانب القوات الروسية، تساؤلات عدة تُطرح.

مسؤولون غربيون أعلنوا أن الآلاف من الجنود الكوريين الشماليين أصبحوا في روسيا لمساعدتها في حربها ضد أوكرانيا، خاصة في كورسك، وهو حشد ضخم وغير مسبوق لقوات كوريا الشمالية للمشاركة في حرب بعيدة، إضافة إلى الذخائر والاسلحة التي سبق أن قدمها النظام لموسكو.

 

تُعد هذه الخطوة نوعًا من التحول في موقف الزعيم الكوري الشمالي كيم جونغ أون،  فما هي الفوائد التي قد يجنيها نظام بيونغ يانغ من هذا التعاون؟ وما الذي يحصل عليه كيم بالضبط في المقابل؟

من المستبعد جداً أن تفصح روسيا وكوريا الشمالية، وهما دولتان متكتّمتان تخضعان لعقوبات دولية شديدة، عن الشروط. وفي حين أن حاجة بوتين واضحة في ظل استمرار الحرب في أوكرانيا للعام الثالث، حيث أكثر من 600 ألف جندي روسي قتلوا أو أصيبوا في الحرب، حسبما قال الأمين العام لحلف شمال الأطلسي مارك روته، إلا أن دوافع كيم غير معروفة بالضبط.

 

وفي السياق، استعرضت صحيفة "واشنطن بوست" احتمالات وصفتها بـ"نظريات رئيسية" حول ما سيكسبه كيم من هذا التحرك. 

وقالت الصحيفة إن الاحتمالات الرئيسية هي كسب النظام الكوري الشمالي عملة صعبة، ومساعدة تكنولوجية لبرنامج البلاد النووي، كما أن مشاركة الجنود الكوريين في الحرب سيُكسبهم خبرة ميدانية خاصة وأن البلاد لم تحارب منذ ما يقرب الـ70 عاما.

تقديمات مادية 
وأشارت "واشنطن بوست" إلى أنه يكاد يكون من المؤكد أن النظام في كوريا الشمالية يكسب عملة صعبة.

 

يقول المسؤولون الأميركيون والكوريون الجنوبيون إن بيونغ يانغ ترسل أسلحة إلى روسيا منذ عام 2022، وإنه تم نشر حوالي 10,000 جندي كوري شمالي في روسيا حتى الآن.

 

وقد يعني ذلك مبالغ مالية هائلة لنظام كيم الذي يعاني من ضائقة مالية. وأشارت وكالة "ان بي سي نيوز" إلى أن كوريا الشمالية كانت تتقاضى أموالاً من خلال وسائل مختلفة، بما في ذلك الموارد (كالوقود) والغذاء وفي بعض الحالات الأموال النقدية الصعبة. لكن العلاقات الروسية والكورية الشمالية توطدت بشكل واضح مع احتدام الحرب في أوكرانيا.

 

وفي حين أن الأموال يمكن أن تمول بعض جهود كيم الاقتصادية، إلا أنها قد تذهب في نهاية المطاف إلى مشاريع تطوير برنامجه النووي وبرنامج الأسلحة، بحسب "وشنطن بوست".

مساعدة تكنولوجية
أمضى كيم شهوراً في إطلاق تهديدات متصاعدة ضد جيرانه الجنوبيين والعمل على تعزيز ترسانته النووية، بينما انخرط الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في حربه مع أوكرانيا.


وقال وزير الدفاع الكوري الجنوبي كيم يونغ هيون بعد اجتماع مع نظيره الأميركي لويد أوستن في البنتاغون الأسبوع الماضي إن بيونغ يانغ من المرجح جداً أن تطلب من موسكو تكنولوجيا متطورة مقابل دعمها للحرب الروسية ضد أوكرانيا.

وقال: "من المرجح جداً أن تطلب كوريا الشمالية نقل التكنولوجيا في مجالات متنوعة"، بما في ذلك الأسلحة النووية التكتيكية وأقمار الاستطلاع الصناعية والصواريخ الباليستية العابرة للقارات والغواصات القادرة على إطلاق الصواريخ الباليستية.

ويُعتقد الآن أن كوريا الشمالية قامت بتجميع 50 رأساً نووياً ولديها المواد الانشطارية لما بين 70 و90 سلاحاً نووياً، وفقاً لرابطة الحد من الأسلحة.

وفيما يتعلق بالصواريخ، حققت كوريا الشمالية خطوات تكنولوجية ملحوظة في العقد الماضي. مؤخرا، سجلت رقماً قياسياً عندما أرسلت صاروخاً باليستياً عابراً للقارات على ارتفاع 4350 ميلاً في الغلاف الجوي - أي أعلى من محطة الفضاء الدولية بأكثر من 17 مرة.

 

ويقول الخبراء إن هناك مؤشرات قوية على أن كوريا الشمالية حصلت على الكثير من تقنياتها من روسيا.

تحسين قدرات الجيش التقليدية
إضافة إلى ذلك، فإن إرسال قوات إلى منطقة قتال نشطة يوفر لكيم جونغ أون فرصة نادرة لتحسين قدرات جيشه التقليدية.

 

ورغم أنه يُعتقد أن كيم أرسل مستشارين تقنيين وبعضاً من قواته الخاصة الأكثر تدريباً، بما في ذلك أعضاء من "فيلق العاصفة" النخبوي، إلا أن كوريا الشمالية لم تشارك في حرب واسعة النطاق منذ 70 عاماً. 

ستوفر ساحات القتال في أوكرانيا وروسيا للجيش الكوري الشمالي فرصة الاطلاع على أحدث التكتيكات، بما في ذلك التقدم المذهل في حرب الطائرات بدون طيار خلال السنوات القليلة  الماضية.

وقال الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي لإحدى الإذاعات الكورية الجنوبية: "سيكتسب جنود كوريا الشمالية خبرة عملية في هذه الحرب، وسيفهمون ما تنطوي عليه الحرب البرية، وسيتعلمون استخدام المدفعية والطائرات بدون طيار والصواريخ وما إلى ذلك".

كذلك، قال محللون عسكريون غربيون لصحيفة "نيويورك تايمز" إن استخدام الأسلحة الكورية الشمالية في أوكرانيا له قيمة عملية لبيونغ يانغ. فالفنيون الكوريون الشماليون قادرون على مراقبة وجمع البيانات حول كيفية أداء أسلحة البلاد في الحرب الحديثة، خاصة ضد أنظمة الدفاع الجوي الغربية التي تستخدمها عدوتها كوريا الجنوبية.

بدوره، قال ألكسندر غابويف، مدير مركز كارنيغي روسيا أوراسيا في برلين، لشبكة "إن بي سي نيوز": "ربما تكتسب كوريا الشمالية خبرة قتالية باستخدام الطائرات بدون طيار وبعض الخبرة القتالية الحقيقية في حرب القرن الحادي والعشرين... لكن هذا أمر ثانوي بالنسبة للقدرات الاستراتيجية التي قد يحصلون عليها من روسيا - وأعتقد أن القلق من الجانب الكوري الجنوبي مدفوع بهذا بالضبط".

حماية في مجلس الأمن الدولي
صحيح ان موسكو في حاجة ماسة إلى الأصدقاء، ولكن كوريا الشمالية، من جانبها، فتحتاج إلى شريك يحميها من مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة بينما تسعى لتحقيق طموحاتها النووية.

وقال إدوارد هويل، الخبير في شؤون كوريا الشمالية في مركز "تشاتام هاوس" للأبحاث لـ"ان بي سي نيوز": ”تحاول كوريا الشمالية الحصول على أكبر قدر ممكن من الفوائد من هذه العلاقة... وهي الآن تحظى بدعم كامل وثابت من روسيا في مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، وهو أمر مفيد للغاية بالنسبة لها، لأنها تعرف أن بإمكانها اختبار الصواريخ، ويمكنها استفزاز كوريا الجنوبية".

وأضاف: "يمكنها حتى إجراء تجربة نووية والإفلات من العقوبات، لأن العقوبات لن تصدر بسبب حق النقض الروسي".

اقرأ في النهار Premium