النهار

قبل يوم من نهايته... الانقسامات تسيطر على مؤتمر "كوب29"
المصدر: رويترز
قبل يوم من نهايته... الانقسامات تسيطر على مؤتمر "كوب29"
كوب 29. (أ ف ب)
A+   A-
خرج الانقسام والسخط إلى العلن اليوم الخميس في مؤتمر الأمم المتحدة المعني بتغيّر المناخ (كوب29) في باكو بعد أن طرح اقتراح لاتّفاق مالي عالمي جديد خيارين مختلفين بينهما هوة واسعة من دون أن يرضي أحداً.

والهدف الرئيسي لـ"كوب29" هو الاتفاق على قيمة الأموال التي يجب على الدول المتقدّمة الغنية أن تقدّمها للدول النامية الفقيرة لمساعدتها في التصدّي لتغيّر المناخ، وهو ما يمثّل ركيزة أساسية في جهود الحد من الأضرار الناجمة عن ارتفاع درجات حرارة الكوكب.

لكن جهود التوصّل إلى اتّفاق للتمويل شهدت تحرّكاً بطيئاً في المؤتمر الذي تستضيفه عاصمة أذربيجان، وظهرت المسودة الأحدث للنص التفاوضي متأخرة بضع ساعات عن الموعد المحدّد مع دخول المندوبين، نظرياً، الساعات الثماني والأربعين الختامية.

ومع اقتراب الموعد المقرّر لنهاية المؤتمر غداً الجمعة، أظهرت الوثيقة الجديدة أن نقاطاً كثيرة تتعلّق بقضايا رئيسية لم يتم حسمها، مثل ما هو المبلغ السنوي ومن الذي سيدفع وكم.

وقال مفوّض المناخ بالاتحاد الأوروبي فوبكي هوكسترا "من الواضح أن الوضع الحالي غير مقبول".

وذكر كبير المفاوضين عن بنما خوان كارلوس مونتيري غوميث لـ"رويترز": "كل هذا يتحوّل إلى مشهد مأسوي، عرض مهرج، لأنه حين نصل إلى اللحظة الأخيرة نحصل دائماً على نص شديد الضعف".

ولافت خبراء اقتصاد في المحادثات الأسبوع الماضي إلى أن الدول النامية تحتاج إلى تريليون دولار سنوياً على الأقل بحلول نهاية العقد للتصدّي لتغيّر المناخ.

وتقلّصت الوثيقة المؤلفة من عشر صفحات إلى أقل من نصف حجم النسخة السابقة بعد حذف بعض الخيارات، لكنّها عكست المواقف المتعارضة والقائمة سلفاً قبل المؤتمر لتكتلات الدول المتقدّمة والنامية.

وركّز أحد الخيارين على ضمان أن تكون الأموال في صورة منح أو ما يعادلها شكلاً، وأن مساهمات البلدان النامية لبعضها البعض، في إشارة إلى مانحين محتملين كبار مثل الصين، لا تشكّل رسمياً جزءاً من الهدف.

أما الخيار الآخر الذي كرّر موقف البلدان الأكثر ثراء، فقد استهدف توسيع أنواع التمويل التي تحتسب في الهدف السنوي النهائي، وليس فقط المنح من البلدان المتقدّمة، بل يشمل مساهمات دول أخرى.

وتجنّب الخياران تحديد إجمالي الأموال التي تسعى البلدان إلى استثمارها كل عام، وترك مكان الرقم علامة "إكس".

وقال الخبير في دبلوماسية المناخ لي شو "نحن بعيدون عن خط النهاية... نص التمويل الجديد يقدّم موقفين متباعدين لا يوجد تقارب كبير بينهما".

وأضاف "الأمر المحوري هو أن النص يفتقر إلى رقم يحدد حجم تمويل المناخ في المستقبل، وهو شرط أساسي للتفاوض بحسن نية".

ولعل هذا لم يكن مفاجئاً لأن الدول المانحة الرئيسية ومنها دول من الاتحاد الأوروبي لفتت إلى أنّها تريد وضوحاً أكبر لهيكل وقاعدة المساهمين قبل المناقشة المعلنة للمبلغ الذي يمكنها المساهمة به.

الوقود الأحفوري
أشار بعض المفاوضين أيضاً إلى أن اقتراحات اليوم الخميس لم تحافظ على تعهّد ظهر في قمة دبي العام الماضي للاستغناء تدريجياً عن الوقود الأحفوري الذي قوبل بحفاوة حينذاك ووصف بأنّه لحظة فاصلة.

وساهمت الأنشطة البشرية، وحرق الوقود الأحفوري بشكل خاص، في زيادة متوسّط درجة حرارة الكوكب على الأجل البعيد بنحو 1.3 درجة مئوية منذ ما قبل عصر الصناعة، ما تسبّب في حدوث ظواهر كارثية من فيضانات وأعاصير وجفاف وموجات حر شديدة.

وتسعى البلدان إلى الحصول على تمويل أكبر لتحقيق هدف اتّفاقية باريس لعام 2015 المتمثّل في تقييد ارتفاع درجة حرارة الكوكب عند أقل بكثير من درجتين مئويتين، ويستحسن ألا تتجاوز هذه الزيادة 1.5 درجة مئوية بحلول نهاية القرن.

ويقول علماء المناخ الآن إن العالم سيتخطى على الأرجح هذا الحد الأكثر طموحاً الذي قد تحدث بعده تأثيرات مناخية أوخم في العواقب، في أوائل ثلاثينيات القرن الحادي والعشرين، إن لم يكن قبل ذلك.

وإلى جانب التمويل، شغل مستقبل الوقود الأحفوري الاهتمام في مؤتمر "كوب29" وأثار الشقاق منذ اليوم الأول.

فقد هاجم الرئيس الأذربيجاني إلهام علييف في الجلسة الافتتاحية المنتقدين الغربيين لصناعة النفط والغاز في بلاده، ووصف هذه الموارد بأنّها "هبة من الله".

وأشارت المسودّة الأحدث لاتّفاق دبي إلى "الابتعاد عن الوقود الأحفوري في أنظمة الطاقة" لكنّها لم تحدّد خطوات تالية واضحة.

ولفت أحد المفاوضين الأوروبيين لـ"رويترز" إلى أن العمل على تخفيف أو خفض انبعاثات الكربون والحد من ظاهرة الاحتباس الحراري "تراجع" عما حدث في دبي.

ولمحت وثيقة اتفاق تمويل المناخ إلى مستقبل الوقود الأحفوري، مع صياغة تتحدّث عن التخلّص التدريجي "من الدعم غير الفعال للوقود الأحفوري... في أقرب وقت ممكن".

وحثّت الوثيقة أيضًا الشركات على "المساهمة في العمل المناخي واتساق العمليات مع اتفاقية باريس"، عبر جهود مثل الاستثمار في البلدان النامية ودعم نقل التكنولوجيا.

وقال وزير البيئة في جزر المالديف ثريق إبراهيم لـ"رويترز": "يتبقى يومان فقط. يتعيّن علينا الكدح في العمل حتى يكلّل هذا المؤتمر بالنجاح".

اقرأ في النهار Premium