غارة إسرائيلية على كفرتبنيت. (أ ف ب)
تنظّم فرنسا الخميس بمبادرة من الرئيس إيمانويل ماكرون "المؤتمر الدولي لدعم لبنان"، في محاولة جديدة من باريس للتأثير على مستقبل هذا البلد في ظل الحرب التي تدور فيه بين إسرائيل و"حزب الله".
ولن تشارك إسرائيل ولا إيران الداعمة لـ"حزب الله" في هذا الاجتماع، ويغيب عنه وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن الذي تعد بلاده الحليف الأول للدولة العبرية، ما ينذر بفرص ضئيلة بأن يحرز تقدّماً نحو وقف إطلاق نار، ولو أنّه قد يسفر عن مبادرات على صعيد المساعدات الإنسانية.
وقال مدير مركز الدراسات حول العالم العربي والمتوسطي في جنيف حسني عبيدي إن من إيجابيات المؤتمر بالأساس انعقاده، مشيراً إلى أنه "منذ مبادرة الفرنسيين والأميركيين الطليعية، هذه هي الديناميكية الدبلوماسية الوحيدة الجارية".
فبعد أيام قليلة على بدء إسرائيل حملة غارات جوية مكثّفة على أهداف لـ"حزب الله" في لبنان، طرحت باريس وواشنطن في نهاية أيلول (سبتمبر) خطة دولية لوقف إطلاق نار موقت، من دون أن تنجح هذه المبادرة.
وفي 27 أيلول (سبتمبر)، قتل الأمين العام لـ"حزب الله" حسن نصرالله في غارة إسرائيلية على ضاحية بيروت الجنوبية، معقل الحزب.
وبعد ثلاثة أيام من ذلك، باشر الجيش الإسرائيلي عمليات برّية محدودة في جنوب لبنان، معلناً عزمه على إبعاد "حزب الله" عن المناطق الحدودية في جنوب لبنان ووقف إطلاق الصواريخ للسماح بعودة نحو 60 ألف نازح من سكّان شمال إسرائيل.
وفتح "حزب الله" اللبناني في 8 تشرين الأول (أكتوبر) 2023 جبهة "إسناد" لغزة غداة اندلاع الحرب بين إسرائيل و"حماس" مع شن الحركة هجوماً غير مسبوق على الدولة العبرية. وبعد تبادل القصف عبر الحدود بشكل يومي على مدى عام تقريباً، تحوّلت هذه المواجهة إلى حرب مفتوحة اعتباراً من 23 أيلول.
وقتل ما لا يقل عن 1470 شخصاً في لبنان خلال حوالى شهر، وفق تعداد لوكالة "فرانس برس" استناداً إلى أرقام وزارة الصحة اللبنانية، في ما أحصت الأمم المتحدة نزوح نحو 700 ألف شخص.
وردّد المتحدّث باسم وزارة الخارجية الفرنسية كريستوف لوموان الجمعة أن الخطة التي طرحت في نيويورك "لا تزال على الطاولة".
وتدفع فرنسا باستمرار نحو حل على أساس قرار مجلس الأمن 1701 الذي أنهى حرب العام 2006 بين "حزب الله" وإسرائيل.
وأرسى القرار 1701 وقفاً للأعمال الحربية بين إسرائيل و"حزب الله" بعد حرب مدمّرة خاضاها في صيف 2006. وينصّ القرار كذلك على انسحاب إسرائيل الكامل من لبنان، وتعزيز انتشار قوة الأمم المتحدة الموقتة في لبنان (يونيفيل) وحصر الوجود العسكري في المنطقة الحدودية بالجيش اللبناني والقوة الدولية.
وستكون مسألة تعزيز الجيش اللبناني من المواضيع المطروحة خلال المؤتمر الخميس.
"رعاية تلطيفية"
وعلّقت أنياس لوفالوا من معهد البحث والدراسات حول المتوسّط والشرق الأوسط "مضت سنوات وإيمانويل ماكرون يشدّد بحق على وجوب منح هذا الجيش وسائل"، مشيرة إلى أن الجيش هو في نهاية المطاف "المؤسسة الوحيدة في لبنان التي تعمل".
لكنّها أبدت "شكوكاً كبيرة" بشأن النتائج الفعلية الواجب انتظارها من المؤتمر، وقالت "إن كان الرئيس يعتزم عقد قمّة ليثبت أنّه لا يتخلى عن اللبنانيين، فهو بذلك يلعب دوره، لكنني لا أتوقّع الكثير".
وصرح رئيس حكومة تصريف الأعمال اللبنانية نجيب ميقاتي الأسبوع الماضي لوكالة "فرانس برس" أنّه يأمل بالحصول على دعم للشعب اللبناني والجيش.
وقال "سنطلب مساعدة إنسانية ومساعدة أمنية" للجيش وقوى الأمن الداخلي، مبدياً استعداده لتعزيز عديد الجيش في الجنوب من أجل أن يسيطر على المنطقة الحدودية في حال التوصّل إلى وقف إطلاق نار مع إسرائيل.
ولم تكشف وزارة الخارجية الفرنسية عن أي أهداف بالأرقام للمؤتمر، ولم تعلن قائمة المشاركين فيه.
وقال أستاذ العلاقات الدولية في جامعة القديس يوسف في بيروت كريم بيطار إن "الحاجات هائلة إلى حد أنه حتى لو بلغت المساعدات مئات ملايين الدولارات، فقد يُنظر إليها على أنها أشبه برعاية تلطيفية".
وتساءل بشأن حجم المساعدة التي ستقدمها دول الخليج، المساهمة التقليدية للبنان، في حين "لا نلاحظ ميلاً من جانبها للمشاركة في مساعدة ضخمة" حالياً.
ولفت مصدر دبلوماسي آخر إلى أن السعوديين صرفوا اهتمامهم عن لبنان في السنوات الأخيرة، محملين الطبقة السياسية المسؤولية عن إفلاس البلد وانهيار اقتصاده.
لكن فيما تلوح بوادر حرب إقليمية بين إسرائيل وحليفها الأميركي من جهة وإيران من جهة أخرى، أشار إلى أن الرياض "تدرك" ضرورة مساندة أي عملية تهدف إلى تسوية الأزمة اللبنانية.
وقال كريم بيطار إن "هذا المؤتمر أفضل من لا شيء، لكنّنا كنا نود لو كان هناك خارطة طريق سياسية وضغوط أكبر على إسرائيل".
واعتبر أن التوقيت غير مناسب موضحاً "إن الوقت مبكر لأنّنا لا نعرف بعد ما ستؤول إليه المعارك، وربما كذلك متأخر لأن المصيبة وقعت".