تطور لافت في سياق الصراع المتصاعد بين روسيا وأوكرانيا، حيث أكد مسؤولون غربيون وجود قوات كورية شمالية في منطقة كورسك الروسية.
وبحسب ما أفادت وزارة الدفاع الأميركية هذا الاسبوع، ينتشر "عدد صغير" من الجنود الكوريين الشماليين في منطقة كورسك الروسية عند الحدود مع أوكرانيا. هذا التصريح هو أول تأكيد أميركي بشأن نشر قوات كورية شمالية في المنطقة حيث تنفذ القوات الأوكرانية هجوما بريا منذ آب (أغسطس) وتسيطر على مئات الكيلومترات المربعة من الأراضي الروسية.
وتقول واشنطن إن إجمالي عدد القوات الكورية الشمالية حاليا في روسيا يناهز 10 آلاف جندي.
وسبق أن أكد الأمين العام لحلف شمال الأطلسي مارك روته الاثنين وجود قوات كورية شمالية في كورسك.
واستعانة روسيا بجنود كوريين شماليين يطرح تساؤلات عدة حيال مسار الحرب في اوكرانيا، ويسلط الضوء على قدرتها المتعثرة في أرض المعركة.
الاستعانة بجنود كوريين شماليين... مؤشر ضعف روسي؟
إذا تأكد رسمياً وجود قوات كورية شمالية في روسيا، فإن ذلك سيجعل بيونغ يانغ أول حكومة ترسل جنودها رسمياً إلى الجبهة.
وحتى الآن، لم يشارك في الحرب سوى الجنود الروس والأوكرانيين. وقد انضم مرتزقة من جميع أنحاء العالم إلى كل جانب، ولكن لم يتم إرسالهم من قبل حكوماتهم.
ويُعتبر إرسال بعض الجنود الكوريين الشماليين إلى أوكرانيا للمشاركة في العمليات العسكرية بمثابة مؤشر على عجز روسيا عن استقطاب قوات محلية أو حتى حلفاء أقوياء من الدول الأخرى.
فالوجود الكوري الشمالي في كورسك يسلط الضوء على كفاح روسيا من أجل تزويد قواتها بالرجال وتعزيزها في الوقت الذي تقاتل فيه لاستعادة السيطرة على المنطقة الحدودية.
وفي السياق، قال المتحدث باسم البنتاغون بات رايدر: "حقيقة أنهم يحتاجون الآن إلى الاستعانة بقوات أجنبية للمساعدة في دعم قواتهم داخل روسيا تشير إلى أن هناك بعض التساؤلات الجدية فيما يتعلق بقدرتهم على الاستمرار في الحفاظ على احتياجاتهم من الأفراد".
أما مجلة "فورين بوليسي" فاعتبرت أن إرسال الجنود هو "هزيمة محرجة لموسكو" حتى وإن كانت "أخبارا سيئة لأوكرانيا".
وفي الارقام، حتى الأول من تشرين الأول (أكتوبر)، فقدت روسيا 654,430 جندياً بين قتيل وجريح، وفقاً لهيئة الأركان العامة للجيش الأوكراني. أما روسيا فلم تشارك أي أرقام عن عدد الضحايا، لكن تقريرًا إعلاميًا روسيًا قدّر عدد القتلى بأكثر من 71,000 جندي.
تغير في موازين القوى؟
ميدانيا، يمكن أن يؤدي نشر القوات الكورية الشمالية إلى تغيير التوازن في الميدان، ولكن لا يزال من غير الواضح مدى فائدة الكوريين الشماليين للروس في ساحة المعركة.
ونقلت شبكة "سي إن إن" عن مصادر قولها إن العديد من القوات التي تم نشرها هي من القوات الخاصة، وتشير التقييمات الاستخباراتية إلى أن الحكومة الكورية الشمالية تعتقد أن قواتها تتمتع بقوة قتالية أكبر من القوات الروسية النظامية لأنها أفضل تدريباً وتخصصاً، بحسب المسؤولين.
وفي هذا الصدد، نسبت "فورين بوليسي" إلى الاستخبارات الكورية الجنوبية إن الوحدات المنتشرة هي قوات خاصة، وهي على ما يبدو جزء من الفيلق الحادي عشر في كوريا الشمالية، وهو فيلق قوامه 200 ألف فرد و18 لواء جيد التعبئة والتدريب وموهوب بشكل خاص في عمليات التسلل.
وقال محلل دفاعي كوري جنوبي لـ"فورين بوليسي": "تشكل هذه الوحدات تهديداً كبيراً في العمليات الهجومية والدفاعية على حد سواء".
ومع ذلك، قال العزي لـ"النهار" إن هؤلاء الجنود "لم يخوضوا معارك وهم على الاغلب جنود في اعمار صغيرة بالرغم من انه يوجد معهم ضباط وجنرالات". مشيرا الى أن أوكرانيا استعانت بكوريا الجنوبية بهدف الحصول على معلومات لوجستية ونفسية للتعامل مع الجنود الكوريين الشماليين.
ورأى العزي أن دخول الكوريين الشماليين والكثير من المرتزقة في الحرب ضد اوكرانيا لن يحقق لروسيا أي تغيير جيوسياسي على الارض لأن هؤلاء لا يملكون الخبرة وليسوا أبناء الارض.
إضافة إلى ذلك، الجيش الكوري الشمالي لم يقاتل في حرب فعلية منذ أكثر من 70 عامًا، ويعتقد مسؤولو الاستخبارات أن الحكومة الكورية الشمالية أرسلتهم إلى حد كبير حتى يتمكنوا من اكتساب الخبرة القتالية.
ويتوقع المسؤولون أيضاً أن حاجز اللغة مع الروس سيكون عائقاً كبيراً أمام تنفيذ عمليات سلسة. وقال مشرعون كوريون جنوبيون للصحافيين يوم الثلاثاء إن الروس يعلمون الجنود الكوريين الشماليين الأوامر الروسية الأساسية في التدريبات، مثل "أطلقوا النار" و"في الموقع".
وتثير بعض القوات الروسية بالفعل مخاوف بشأن كيفية قيادة الجنود الكوريين الشماليين وتزويدهم بالذخيرة والعتاد العسكري، وذلك وفقًا لتسجيل صوتي اعترضته الاستخبارات الدفاعية الأوكرانية في 23 تشرين الاول (أكتوبر) من قنوات البث الروسية المشفرة. وكشفت التسجيلات أيضا عن خطط لوجود مترجم فوري واحد وثلاثة ضباط كبار لكل 30 رجل كوري شمالي، حسبما ذكرت شبكة "سي إن إن".