علما الناتو وأوكرانيا.
شدّدت أوكرانيا الثلاثاء على أن الانضمام إلى حلف شمال الأطلسي هو "الضمانة الحقيقية الوحيدة" لأمنها في وقت يسعى وزراء خارجية الناتو لصد ضغوط كييف الساعية للحصول على دعوة للعضوية قبيل تولي دونالد ترامب السلطة في الولايات المتحدة.
تعهّد الرئيس الأميركي المنتخب الضغط من أجل التوصّل لاتّفاق سريع ينهي الحرب الروسية، ما ترك كييف تحاول جاهدة تعزيز موقعها قبيل تنصيبه في كانون الثاني (يناير).
وأفاد الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي في وقت سابق بأن الحصول على ضمانات أمنية من التحالف الغربي وإمدادات أسلحة أساسية هي شروط مسبقة بالنسبة لكييف قبل الحديث عن وقف القتال من جانبها.
وقالت وزارة الخارجية في كييف في بيان "نحن مقتنعون بأن الضمانة الحقيقية الوحيدة للأمن بالنسبة لأوكرانيا والرادع لأي عدوان روسي آخر ضد أوكرانيا وبلدان أخرى، هي عضوية أوكرانيا الكاملة في الناتو".
أكّد زيلينسكي الأحد بأن كييف تأمل بأن يصدر وزراء خارجية بلدان الناتو المجتمعين في بروكسل مع وزير الخارجية الأوكراني أندري سيبيغا "توصيات" لتوجيه دعوة لبلاده للانضمام إلى الحلف.
لكنّه قال "لا أوهام لدينا. هناك بلدان مشكّكة".
وحتى الآن، ترفض الولايات المتحدة وألمانيا انضمام أوكرانيا خشية تسبب ذلك في جر التحالف إلى حرب مع روسيا.
وأفاد دبلوماسيون بأنه مع اقتراب انقضاء ولاية إدارة كل من الرئيس الأميركي جو بايدن والمستشار الألماني أولاف شولتس، تأمل كييف بأن تكون لدى وزيري خارجية البلدين فسحة أكبر للتحرّك.
لكن مسؤولين أميركيين يقولون في جلساتهم الخاصة إن إدارة بايدن لن تدعم مساعي أوكرانيا إذ يعتقدون بأن الرئيس المنتخب سيلغي أي عرض من هذا القبيل.
وتجنّب الأمين العام للناتو مارك روته الإجابة على أي أسئلة بشأن عضوية أوكرانيا المحتملة وانعكاساتها على أي اتفاق للسلام، مشدّداً على أن التحالف يحتاج إلى "التركيز" حالياً على تزويد كييف بمزيد من الأسلحة.
وقال روته "دعونا لا نجري كل هذه النقاشات خطوة بخطوة بشأن ما قد تبدو عليه عملية السلام".
وأضاف "فلنضمن بأن أوكرانيا تملك ما تحتاج إليه لتكون في موقع قوة عندما تبدأ هذه المحادثات".
"اتّفاق جيّد"
أكّد ترامب أنّه قادر على إنهاء الحرب الروسية في أوكرانيا في غضون ساعات، لكنّه لم يقدّم تفاصيل بشأن الكيفية التي ينوي من خلالها تحقيق ذلك.
وحذّر الرئيس الروسي فلاديمير بوتين من أي خطوات لضم أوكرانيا إلى الحلف.
وقال الناطق باسم الكرملين دميتري بيسكوف الثلاثاء إن "قراراً محتملاً من هذا القبيل غير مقبول بالنسبة لنا نظراً إلى أن الأمر سيشكّل تهديداً لنا".
طرح مبعوث ترامب الجديد المعني بملف أوكرانيا كيث كيلوغ فكرة تخلي أوكرانيا تماماً عن طموحاتها القائمة منذ مدّة طويلة بالانضمام إلى الناتو في إطار اتفاق للسلام، مع تقديم ضمانات أمنية لكييف في الوقت ذاته.
وحذّر روته الإدارة الأميركية المقبلة من أن التوصّل إلى "اتّفاق سيئ" بالنسبة لأوكرانيا يحمل خطر تشجيع خصوم الولايات المتحدة على غرار الصين وكوريا الشمالية على التصرّف بعدوانية أكبر.
وقال "لدى توصلنا إلى اتفاق بشأن أوكرانيا، يتعين بأن يكون اتّفاقاً جيّداً".
قوّات على الأرض؟
وبينما يبدو دفع أوكرانيا للتقارب مع الحلف أمراً مستبعداً في الوقت الحالي، ذكر دبلوماسيان غربيان أن النقاشات الأولية بدأت بشأن إن كان من الممكن نشر قوات أوروبية لضمان تطبيق أي وقف لإطلاق النار يتم التوصّل إليه في نهاية المطاف.
وقال دبلوماسي أوروبي "في العديد من البلدان، هناك تفكير جدي بشأن مختلف السيناريوهات المحتملة وكيف يمكننا المساهمة في الضمانات الأمنية".
وأضاف "يجب أن يكون بإمكاننا التوصّل إلى فكرة لإيصالها إلى الولايات المتحدة".
وفيما تضغط أوكرانيا على الصعيد الدبلوماسي، تتراجع قوّاتها على الجبهة الشرقية في مواجهة الهجوم الروسي.
وأعلنت روسيا الثلاثاء أنّها سيطرت على قريتين أخريين في جنوب شرق أوكرانيا، بينما أكّدت كييف أن قوّاتها صدّت محاولة روسية للتقدّم عند نهر رئيسي في الشرق.
تتطلّع كييف لضمان الحصول على كل الأسلحة التي يمكنها الحصول عليها من إدارة بايدن في ظل المخاوف من إمكانية خفض ترامب المساعدات فور عودته إلى البيت الأبيض.
وأعلنت واشنطن الإثنين حزمة مساعدات عسكرية جديدة لكييف بقيمة 725 مليون دولار.
ودعا وزير الخارجية الأوكراني سيبيغا الثلاثاء بلدان الناتو إلى إرسال 20 نظام للدفاع جوي إضافي ليكون بإمكان بلاده التصدّي للهجمات الروسية على شبكة الطاقة التابعة لها.
وقال للصحافيين في مقر الناتو إن أوكرانيا تحتاج إلى تسليمها "بشكل عاجل أنظمة إضافية من طراز هوك وسام النروجية المتقدمة وايريس-تي.. سيساعدنا ذلك على تجنّب الانقطاعات في شبكات الطاقة".
وقال للصحافيين قبيل بدء اجتماع بروكسل "ندرك بأن الروس يحاولون حرماننا من إنتاج الطاقة، لذا نحتاج إلى مزيد من الدعم".
ودعت كييف حلفاءها لتزويدها بأنظمة دفاع جوي قادرة على إسقاط صواريخ "أوريشنيك" البالستية التجريبية التي أطلقتها موسكو.
تشمل هذه الأنظمة نظامي "ثاد" الصاروخي المتطور و"آرو" اللذين تطورهما إسرائيل والولايات المتحدة، بحسب مسؤولين.
وأفاد دبلوماسيون في الناتو بأنهم يشكّكون في أن واشنطن ستتحرّك سريعاً لتزويد أوكرانيا بالأنظمة الجديدة، نظراً إلى الوقت الذي استغرقه بايدن لإعطاء الضوء الأخضر لتسليمها نظام "باتريوت" الأقل حداثة.