النهار

النهار

وقف طهران مفاوضاتها مع واشنطن: تصعيد محتمل وثقة غائبة ورسالة!
جاد ح. فياض
جاد ح. فياض
المصدر: النهار
وقف طهران مفاوضاتها مع واشنطن: تصعيد محتمل وثقة غائبة ورسالة!
حرق علم الولايات المتحدة في إيران.
A+   A-
تزامن إعلان طهران توقف المفاوضات غير المباشرة مع واشنطن حول التوتر الحاصل في المنطقة مع إعلان البنتاغون إرسال نظام "ثاد" للدفاع الجوّي إلى إسرائيل، ما يشي بأن المنطقة تقف على حافة تصعيد غير مسبوق في انتظار رد تل أبيب على طهران وما سيحمله من تبعات، في ظل غياب القدرة الأميركية على لجم التصعيد.

 

التواصل غير المباشر بين طهران وواشنطن كان يدور حول جملة من العناوين، بينها ما هو مرتبط بالاتفاق النووي واحتمال عودة المفاوضات، وبينها ما هو متعلّق بأمن المنطقة ومُحاولة السيطرة على التصعيد الحاصل. وفي هذا السياق، أعلمت إيران عبر قنوات ديبلوماسية الولايات المتحدة عن تفاصيل ردها على إسرائيل في نيسان (أبريل) وتشرين الأول (أوكتوبر) لتفادي توسيع رقعة الحرب.

 

وقف المفاوضات غير المباشرة يطرح الكثير من الأسئلة، بما فيها سببه قبل الرد الإسرائيلي وتزايد احتمالات تصعيد الاشتباك الإقليمي، و ماذا ستكون تبعات وقف التواصل بعدما كانت القنوات الديبلوماسية أداة لإبلاغ طرفي الصراع ببعض تفاصيل الهجمات قبل حدوثها لتجنّب الحرب الأوسع؟

 

تناقض المواقف

قبل الغوص في تفاصيل الإعلان الإيراني، لا بد من الإشارة إلى التناقض الذي تعكسه تصريحات المسؤولين الإيرانيين، فتارة يُعلنون وقف التواصل، وطوراً استعدادهم للمفاوضات والتسويات، ويتوقف أستاذ العلاقات الدولية خطار أبو ذياب عند هذه النقطة ليُشير إلى "تأرجح الموقف الإيراني"، لكنّه يؤكّد أن التواصل كان دائماً حاصلاً عبر سلطنة عمان والسفارة السويسرية في طهران.

 

أبو ذياب يرى أن التصعيد "لم يتوقف"، لكنه يرتفع أو ينخفض في لحظات معيّنة، والمنطقة بحالة ترقب الرد الإسرائيلي. لكن ما هو أخطر يكمن في وقف تنسيق الهجمات، فإيران كانت تُعلم الولايات المتحدة بهجماتها على إسرائيل، وبرأي أبو ذياب، فإن التذمّر الإيراني قد يكون ناجماً عن عدم قدرة الولايات المتحدة على إبلاغها تفاصيل عن رد إسرائيل، فقامت بوقف التواصل نتيجة تراجع منسوب الثقة.

 

رسالة إيرانية

من جهته، يقرأ محمد غروي، مدير مركز الجيل الجديد للإعلام من طهران، في الإعلان الإيراني رسائل إلى الولايات المتحدة وأطراف أخرى، مفادها أنه "إذا كانت واشنطن تعتقد أنها قادرة من خلال التصعيد الإسرائيلي على فرض شروط على طهران لم تكن قادرة على فرضها بالمفاوضات السياسية، وتحقيق مكاسب سياسية مقابل ثني تل أبيب عن التصعيد، فإن الباب مقفل والمنافذ مقطوعة".

 

ويرى غروي أن المنطقة تتجه نحو مزيد من التأزم والعسكرة، والصراح نحو مزيد من التأجج، إلّا إذا كانت الولايات المتحدة وإسرائيل تنويان خفض التصعيد والتوصّل إلى وقف إطلاق نار، ومن جهتها، فإن إيران "توافق" على أي تسوية تضمن وقفاً لإطلاق النار توافق عليها "حماس" حسب غروي، لكنه لا يرى قراراً أميركياً بخفض التصعيد في ظل تزويد إسرائيل بالسلاح.

 

في المحصلة، يندرج الإعلان الإيراني ضمن سلسلة خطوات اتُخذت في المنطقة تحمل مؤشرات تصعيد لا تهدئة، في فترة يصفها مراقبون بأنها حساسة جداً وخطيرة، تسبق الانتخابات الأميركية، وتُريد خلالها كل من إيران وإسرائيل التأثير عليها من جهة، وتُريد استغلال الانشغال الأميركي بالاستحقاق الداخلي وتوسيع هوامش التحرّك.