النهار

العقوبات الأوروبية الجديدة تفاقم مشكلات قطاع الطيران في إيران
المصدر: ا ف ب
العقوبات الأوروبية الجديدة تفاقم مشكلات قطاع الطيران في إيران
طائرة تابعة لشركة "ايران اير"
A+   A-
كانت المصورة الإيرانية طناز تستعد للسفر من مطار طهران عندما أجبرتها العقوبات الأوروبية التي فُرِضت على شركة الطيران الوطنية "إيران إير" على تغيير خططها، وحالت دون ذهابها الى باريس في مهمة عمل.

أتى ذلك بعد ساعات من إعلان الاتحاد الأوروبي مطلع الأسبوع الماضي، اتخاذ اجراءات ضد مسؤولين وكيانات إيرانية بارزة، بما في ذلك شركات الطيران، المتهمة بالضلوع في نقل صواريخ وطائرات دون طيار إلى روسيا لاستخدامها في الحرب ضد أوكرانيا.

وفي حين نفت طهران مرارا تزويد موسكو أسلحة للاستخدام في الحرب التي بدأتها مطلع العام 2022، فرِضت أطراف غربية سلسلة عقوبات على طهران على مدى الأشهر الماضية، كانت آخرها الحزمة الجديدة التي توجّه ضربة لقطاع النقل الجوي الإيراني المتعثر أصلا.

لم تتمكن طناز من السفر للمشاركة في جلسة التصوير بباريس، اذ أوقفت الخطوط الجوية الإيرانية كل رحلاتها الى أوروبا بسبب العقوبات. وبينما تواجه المصوّرة تأثير ذلك على مهنتها، باتت غير واثقة من قدرتها على مواصلة العمل خارج البلاد في ظل القيود الجديدة.

وقال طناز (37 عاما) التي اكتفت بذكر اسمها الأول: "أعتقد أنني سأخسر العديد من العملاء نظرا إلى الوضع الحالي، فالبدائل رحلات جوية بأسعار أعلى".

وفي ظل عدم وجود شركة طيران محلية أخرى تسيّر رحلات الى وجهات أوروبية، فإن أي بديل للرحلة الملغاة للخطوط الجوية الإيرانية سيكون أكثر كلفة ويتطلب من طناز التوقف قبل بلوغ مقصدها، ما يطيل مدة الرحلة.

وعلّقت شركات طيران غربية ودولية رحلاتها إلى إيران على خلفية التوترات الإقليمية وخطر اتساع نطاق النزاع منذ اندلاع الحرب في غزة قبل أكثر من عام.

مجموعة من التحديات 
رغم تجنبها إلى حد كبير الانجرار إلى الصراع، تدعم إيران حركة المقاومة الإسلامية (حماس) التي شنت هجوم غير مسبوق على إسرائيل في السابع من تشرين الأول (أكتوبر) 2023 أشعل شرارة الحرب في القطاع الفلسطيني المحاصر.

ومنذ ذلك الحين، شنّت طهران هجومين صاروخين مباشرين على إسرائيل. وأكدت الجمهورية الإسلامية أن الهجوم الأخيرة في الأول من تشرين الأول، أتى ردا على مقتل زعماء تنظيمات مسلحة متحالفة معها وضابط بارز في الحرس الثوري الإيراني. وفاقم توعد إسرائيل بالرد المخاوف من اندلاع حرب أوسع نطاقا قد تؤثر على حركة الملاحة.

وقال أمين رابطة شركات الطيران الوطنية مقصود أسعدي ساماني إن "إيران إير"، وأسعارها أدنى بكثير من منافساتها الأجنبية، كانت "شركة الطيران الوحيدة في بلادنا التي تسيّر رحلات إلى أوروبا".

ونقلت وكالة "إيلنا" الإيرانية عن ساماني قوله: "مع فرض الاتحاد الأوروبي عقوبات جديدة على إيران إير، لن تحلّق أي طائرة إيرانية إلى أوروبا".

كانت للعقوبات الغربية التي فرضت سابقا على إيران، بما فيها الأميركية التي أعيد فرضها بعد انسحاب الولايات المتحدة من الاتفاق النووي لعام 2018، آثار سلبية أيضا على مختلف مناحي الحياة في الجمهورية الإسلامية.

فهي ساهمت في زيادة التضخم وخفض قدرة الايرانيين الشرائية، لكنها فرضت أيضا قيودا على اقتناء الطائرات وقطع الغيار والوصول إلى خدمات الصيانة.

وقال الخبير الإقتصادي دانيال رحمت إن "عددا كبيرا من الطائرات في ايران متوقفة عن العمل" نتيجة لذلك.

وأدى تقادم الأساطيل الجوية الى الى تراجع معايير السلامة، وذلك جزء من مجموعة من التحديات التي عانى منها قطاع الطيران الإيراني منذ زمن طويل.

وقال الخبير الاقتصادي سعيد ليلاز إن العقوبات كان لها تأثير خطير، لكن مشاكل شركات الطيران متجذرة أيضا بسبب سوء الإدارة والفساد.

"حياة طبيعية" 
تبقى البدائل المتوافرة محدودة.

وقال رحمت إنه سيتعين على الإيرانيين الآن الاعتماد بشكل أساسي على رحلات جوية عبر الدول المجاورة لبلوغ أوروبا وأنحاء أخرى من العالم.

وأضاف أن العقوبات لن تفرض "تكاليف أعلى وساعات سفر أطول على الركاب الإيرانيين فحسب، بل ستوفر أيضا فرصة لشركات الطيران من تلك البلدان للحصول على حصة سوقية أكبر" على حساب الشركات الإيرانية.

وتستمر رحلات "إيران اير" إلى وجهات إقليمية وأخرى في آسيا. وتسيّر شركة "ماهان إير" الإيرانية رحلات إلى موسكو وبكين مرات عدة أسبوعيا.

وبعد الإعلان عن العقوبات الأوروبية الأخيرة في 14 تشرين الأول، أطلقت "إيران اير" رحلة يومية إلى إسطنبول "لتسهيل السفر إلى أوروبا وتقليل مخاوف المسافرين"، حسبما ذكرت وكالة "إيسنا" الإيرانية.

ورجح ليلاز أن تعزز العقوبات علاقات إيران مع حلفائها غير الغربيين مثل الصين. ولفت الى أن الطلب على رحلات جوية إلى شرق آسيا "وخارج الاتحاد الأوروبي، وإلى أماكن حيث لا نتعرض للعقوبات، مرتفع للغاية".

وقد جعل الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان تخفيف العزلة الاقتصادية لإيران هدفا رئيسيا، لكن المحادثات غير المباشرة مع واشنطن والتي كان من الممكن أن تساعد في حل الأزمة تم تعليقها بسبب النزاع الإقليمي، وفقا لوزير خارجية ايران عباس عراقجي.

بالنسبة لطناز، القيود على السفر لا ترتبط بمهنتها حصرا، بل تشكّل انعكاسا لحال البلاد. وقالت: "أتمنى فقط أن نتمكن من أن نعيش حياة طبيعية".

اقرأ في النهار Premium