النهار

إيران تستعين بـ"جغرافيا بديلة" للرد على إسرائيل... العراق ضمن بنك أهداف نتنياهو؟
جاد ح. فياض
المصدر: "النهار"
نقلت صحف عديدة، بينها "نيويورك تايمز" و"يديعوت أحرونوت" معلومات عن استعدادات إيرانية للرد على إسرائيل، وأوامر من المرشد الأعلى علي خامنئي لإعداد الخطط، وتقاطعت معلومات الصحيفتين الأميركية والإسرائيلية على أن موعد الرد من المرجّح أن يكون بعد الانتخابات الأميركية، كون التصعيد يخدم المرشّح الجمهوري دونالد ترامب الذي تخشى إيران وصوله إلى البيت الأبيض.
إيران تستعين بـ"جغرافيا بديلة" للرد على إسرائيل... العراق ضمن بنك أهداف نتنياهو؟
فصائل مسلّحة بالعراق (أ ف ب).
A+   A-
رغم مُحاولاتها التقليل من أهمية الهجوم الإسرائيلي ونتائجه، يبدو أن إيران عازمة على الرد وفق ما تُفيد التقارير والمعلومات، لا سيما المستقاة من الاستخبارات الإسرائيلية، ما يشي بأن التصعيد بين تل أبيب وطهران لم ينتهِ وإن كانت حدّته قد تراجعت، في تكرار لسيناريو نيسان (أبريل) الماضي حينما استهدفت إسرائيل القنصلية الإيرانية في سوريا وتوالت الردود المنخفضة السقف.

في هذا السياق، نقلت صحف عديدة، بينها "نيويورك تايمز" و"يديعوت أحرونوت" معلومات عن استعدادات إيرانية للرد على إسرائيل، وأوامر من المرشد الأعلى علي خامنئي لإعداد الخطط، وتقاطعت معلومات الصحيفتين الأميركية والإسرائيلية على أن موعد الرد من المرجّح أن يكون بعد الانتخابات الأميركية، كون التصعيد يخدم المرشّح الجمهوري دونالد ترامب الذي تخشى إيران وصوله إلى البيت الأبيض.

لكن المعلومات الأخطر نقلها موقع "أكسيوس" عن مصدرين إسرائيلين، مفادها أن معلومات استخباراتية إسرائيلية تُشير إلى أن إيران تستعد لمهاجمة إسرائيل من الأراضي العراقية من خلال إطلاق المجموعات المسلّحة المتحالفة معها عدد كبير من الطائرات بدون طيار والصواريخ الباليستية، ما يعني إقحام العراق بالتصعيد الإقليمي أكثر.

انخرطت الفصائل العراقية بالحرب تحت شعار "المقاومة الإسلامية في العراق"، وأطلقت الصواريخ والمسيّرات، لكن مشاركتها كانت أقل فعالية مقارنةً بمشاركة "حزب الله" والحوثيين وإسرائيل لم تستهدفها، إلّا أن رد إيران من العراق من شأنه تغيير المعادلة، مع العلم أن مصادر رجّحت أن تلجأ إيران إلى رد من العراق لتفادي المزيد من الضربات على أراضيها ولخفض التصعيد.

"يديعوت أحرونوت" العبرية نقلت أجواءً عن خشية حكومة رئيس الوزراء محمد شياع السوداني من الصراعات الإقليمية التي قد تؤثر على توازن بغداد الدقيق بين واشنطن وطهران، لم تنجح الحكومة بإقناع الفصائل في العراق بوقف الهجمات على إسرائيل، وفقًا لما نقلت الصحيفة عن أربعة مصادر في الجماعات المدعومة من إيران ومستشارين حكوميين.

وقالت المصادر إن زيارتين لإيران قام بهما كبار المسؤولين الأمنيين العراقيين في الشهرين الماضيين، سعياً للحصول على مساعدة طهران لكبح جماح الفصائل العراقية المتحالفة معها، باءتا بالفشل. وقال مسؤول أمني عراقي كبير مطلع على الزيارات: "لقد تلقى الوفد العراقي استقبالاً بارداً في طهران ... وكانت الإجابة: هذه الجماعات لديها قرارها الخاص وهي تقرّر كيفية دعم لبنان وغزة".

الرد الإيراني على المخاوف العراقية لم يقتصر على التجاهل فحسب، إذ قالت أربعة مصادر في الفصائل المسلّحة إن جماعتي كتائب "حزب الله" و"النجباء"، اللتين تقودان الهجمات على إسرائيل، حذرتا رئيس الوزراء من الضغط عليهما لوقف عملياتهما، وتعهدتا بمواصلة هجماتهما طالما استمرت إسرائيل في عملياتها في غزة ولبنان، وفق "يديعوت أحرونوت".

دكتور إحسان الشمّري، أستاذ السياسات العامة في جامعة بغداد، لا يستبعد احتمال تنفيذ إيران رداً على إسرائيل من العراق، ويعتبره سيناريو وارداً لأن استخدام طهران "جغرافيا بديلة" يندرج ضمن العقلية الإيرانية، وفي سياق سياسة "وحدة الساحات" التي لا تزال فاعلة، وإذ يقول إن "جزءاً من الرد قد ينطلق من الجغرافية العراقية"، إلّا أنه لا يرى أن عملية الرد بأكملها ستُنفّذ من العراق.

إقحام العراق بالرد الإيراني سيجر تبعات عسكرية قد تتمثّل باستهداف إسرائيل مواقع للفصائل الموالية لإيران في الداخل العراقي، وهذا ما يُشير إليه الشمّري في حديثه مع "النهار"، إذ يقول إن هذا الأمر سيضع العراق ضمن الجغرافيات التي تمضي عليها الاستراتيجية العسكرية الإسرائيلية، وقد يُصبح العراق ضمن بنك أهداف إسرائيل.

في المحصّلة، فإن تنفيذ الرد الإيراني جزئياً أو كلياً من العراق سيُضيف بغداد إلى العواصم المشتعلة ضمن التصعيد الإقليمي، وسيُضيفها إلى بنك أهداف إسرائيل، كما سيُرسّخ مبدأ إقحام إيران كافة الدول التي تتمتع بنفوذ داخلها بصراعاتها مع إسرائيل وخلفها الولايات المتحدة، ويؤكّد غياب القرار السيادي عن كل هذه الدول التي تخضع للتوازنات الأميركية والإيرانية.

اقرأ في النهار Premium