في أعقاب توجيه رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو رسالتين خلال الشهر الماضي إلى الشعب الإيراني في ضوء تزايد التصعيد العسكري مع إيران، سعى خلالهما للإيحاء بأن عداء إسرائيل موجه إلى نظام الجمهورية الإسلامية لا إلى شعبها؛ دخل المساعد الاستراتيجي للرئيس الإيراني محمد جواد ظريف على الخط، وأرسل في إجراء مماثل رسالة فيديو من سبع دقائق في الفضاء الافتراضي، توجه فيها إلى اليهود في أرجاء العالم.
A message from an Iranian citizen to the Jewish people across the globe.https://t.co/qobsvo4nNf#ZionistsViolate10Commandments pic.twitter.com/MnWECVcZUd
— Javad Zarif (@JZarif) November 18, 2024
واتهم ظريف في رسالته الإسرائيليين، التي استهلها بتحية "شالوم" العبرية، بأنهم "يتصرفون على النقيض من الوصايا العشر للنبي موسى".
والوصايا العشر هي آيات من التوراة، نزلت على النبي موسى في جبل سيناء، وتشتمل على تعليمات إلهية أشير إليها أيضاً في الإنجيل والقرآن. وأهمها الإيمان بالله الواحد المتعال وبرّ الوالدين وتحاشي القتل والسرقة والكذب والزنا وتجنب الطمع بأموال الآخرين وأعراضهم.
ويقول ظريف في رسالته إنّ "الصهاينة، وعلى العكس من وصايا النبي موسى، يعبدون السلطة من دون الله، ويقتلون اليهود وغير اليهود في ظل العنصرية والتمييز العنصري وبث الكراهية، ويرتكبون الإبادة الجماعية".
ودعا المسؤول الإيراني يهود العالم إلى "تخليص الديانة الإبراهيمية اليهودية من شرور التحريف والتزوير والعدوان والتمييز العنصري والإبادة الجماعية التي يمارسها الصهاينة". واعتبر أن إسرائيل "تجسد النازية والفاشية، وتستغل ذكرى ضحايا الهولوكوست ودماءهم وأرواحهم في الحرب العالمية الثانية".
وبما أن إيران لا تعترف بإسرائيل، لم يأت ظريف في هذه الرسالة على ذكر دولة إسرائيل والسلطات الإسرائيلية، بل توجه إلى الساسة الإسرائيليين ونعتهم بـ"الصهاينة".
ويندرج إجراء ظريف هذا، في إطار الديبلوماسية العامة، في مسعى للتأثير على الرأي العام العالمي من خلال بث النص والصورة في وسائل الإعلام ومواقع التواصل الاجتماعي.
ونُشرت رسالة ظريف في وقت يطالب معارضوه في البرلمان الإيراني بتنحيته. ويقولون إنّه يجب ألا يتولى منصب المساعد الاستراتيجي لرئيس الجمهورية وهو منصب مهم وحساس، ذلك أنّ أنجاله يحملون الجنسية الأميركية. وكان مقرراً أن يتم في الفترة الراهنة تقديم طلب لدى البرلمان لتنحيته، الأمر الذي لقي معارضة من رئيس البرلمان محمد باقر قاليباف، لقيت بدورها معارضة عنيفة من المتشددين على وسائل التواصل الاجتماعي.
ومن ناحية أخرى، لقيت رسالة ظريف، التي نشرها على منصة "إكس" باللغة الإنكليزية، ردود فعل واسعة من أنصاره وحماة حكومة الرئيس مسعود بزشكيان. ويقول أنصاره إن الرسالة ضد الصهاينة أثرت بشكل أكبر من الشعارات التي يطلقها معارضوه ضد إسرائيل، لأن ظريف يفهم لغة العالم وبوسعه استخدام أداة الإعلام بشكل مؤثر. ووصف بعض الناشطين على وسائل التواصل المعارضين السياسيين لظريف بأنهم "مؤيدون عن غير قصد لنتنياهو، إذ إنهم يصبون، على خلفية معارضتهم لظريف، الماء في طاحونة تل أبيب". ويذهب بعضهم إلى أن كل هذه المعارضة الموجهة ضد ظريف، ليست بسبب مواقفه، بل تأتي انتقاماً منه على خلفية الدور الذي اضطلع به في فوز بزشكيان في الانتخابات الرئاسية الأخيرة، وأثار هذا استياء معارضيه وحقدهم عليه. واستخدم أنصار ظريف هاشتاغ #ظریف-شریف و#ظریف_ليس_وحده، ليحدثوا موجة من الدعم له في الفضاء الافتراضي، واعتبروه وطنياً حقيقياً.
ويبدو أن وزير الخارجية الأسبق، ومن خلال رسائل كهذه، يريد إظهار براعته في التأثير على الرأي العام، ويسعى في الوقت ذاته لكسب ودّ آية الله علي خامنئي عسى أن ينجو من الضغوط والتهديدات والإجراءت التي يقوم بها معارضوه ضده، وأن يواصل نشاطه في موقعه كمساعد استراتيجي لرئيس الجمهورية. لكن من المستبعد جداً أن يكف الأعداء اللدودون لظريف عن استهدافه.