أكد وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي، بتقديمه مجسماً لقائد فيلق القدس الراحل قاسم سليماني إلى الرئيس السوري بشار الأسد، أن الرسالة التي حملها من المرشد الإيراني علي خامنئي هي أن طهران مستمرة في دعم دمشق.
كانت محطة عراقجي الثانية، الإثنين، أنقرة بعد دمشق، وذلك يعني أن طهران تسعى إلى تحقيق تفاهمات بين الطرفين، بعد رغبة سابقة أبداها الرئيس التركي رجب طيب أردوغان في الحوار مع نظيره السوري. لكن دمشق لطالما اشترطت خروج القوات التركية أولًا من أراضيها، بينما بقي الهم الأول لأنقرة المسألة الكردية.
ويمكن أن يكون الاجتماع المحتمل لوزراء خارجية روسيا وإيران وتركيا الأسبوع المقبل، كما أعلنت الخارجية الروسية، بداية لإفشال المخطط الاسرائيلي-الأميركي في سوريا.
وتشير التحركات الإيرانية إلى الحفاظ على استراتيجية ديبلوماسية الميدان، فمن جانب، تخشى طهران التورط في سوريا بما يعيد احتمال وقوع مواجهة مباشرة مع إسرائيل والولايات المتحدة الأميركية، ومن جانب آخر، تحافظ على مسألة الميدان والتأثير الأمني في محيطها، في إطار استراتيجيتها الدفاعية التي تعتمد على محورها وأذرعها الخارجية، وقد أكد وزير خارجيتها، خلال مراسم اليوم الوطني للقوة البحرية التي أقيمت في جزيرة كيش جنوب إيران، الأحد، أن "الديبلوماسية من دون الميدان ليست لديها القدرة اللازمة".
إيران التالية
المحلل السياسي الإيراني عطا تقوي أصل، رأى أن الأحداث الأخيرة في سوريا هي استمرار للسيناريو الإسرائيلي في الشرق الأوسط، وفي هذه الحالة يمكن أن تكون إيران الهدف التالي.
وفي حوار مع صحيفة "ستاره صبح"، أوضح تقوي أصل، أن الأحداث أظهرت أن وقف إطلاق النار في لبنان كانت له خطة بديلة واليوم يتم تنفيذ هذا السيناريو، وأن إسرائيل تنفذ خطوة بخطوة الخطة الكبرى التي أعدتها للشرق الأوسط.
وأضاف أن "الحرب في غزة وفي لبنان والتمرد السوري ليست عرضية، ولكنها هادفة وتظهر أن الخطة التالية قد تستهدف إيران، وعلى القوى الأمنية الإيرانية أن تتوقع كل السيناريوات المحتملة حتى يمكن إحباط المخططات قبل أن تفاجأ وتفرض ضرورة المواجهة".
غياب سليماني
وإذ أشار تقوي أصل إلى أن روسيا منشغلة الآن بحربها في أوكرانيا، رأى أن من المحتمل أنها عقدت اتفاقات مع الدول المتورطة في سوريا لتأمين مصالحها ووجودها قرب البحر المتوسط، وهو ما يلقي بأمر دعم سوريا على عاتق إيران ومحورها، مضيفاً أن "طهران اليوم ليست في وضع يسمح لها بلعب دور في سوريا كما كان الحال في عهد الجنرال قاسم سليماني، فقد حدثت تغييرات على مستوى قيادة فيلق القدس، وفقدت جبهة المقاومة الكثير من قادتها وشخصياتها الرئيسية".
وتوقع تقوي أصل أن "يتم استكمال مشروع تقسيم سوريا، لأن ذلك يعني تفكيك القوة الجيوسياسية لجبهة المقاومة بالقرب من حدود إسرائيل".
تقسيم الشرق الأوسط
الكاتب الإيراني مصطفى فروغي، رأى أن إحياء مخطط تقسيم سوريا بتكوينات التعددية، يعيد الحديث إلى المخطط الأميركي لتقسيم الشرق الأوسط الذي تم تناوله والبحث عن أصوله، بعد أحداث الربيع العربي عام 2010.
وذكّر الخبير الإيراني، في مقال في صحيفة "ستاره صبح" أيضاً، بمخطط تقسيم دول الشرق الأوسط على أساس إثني، خلال فترة ولاية جورج بوش الأب (1989-1993) الذي وضعه المؤرخ اليهودي الأميركي برنارد لويس (1916-2018)، وكان الإحتلال الأميركي للعراق عام 2003 نشأ من فكرته. وذلك من أجل تشكيل صراع حضاري بين المكونات الإثنية للمنطقة العربية، بحيث لا تصبح هذه الدول قادرة على أن تصبح تهديداً للأمن القومي والمصالح الإقليمية للغرب وإسرائيل، وذلك بتدمير وحدتها الإقليمية؛ فإذا انقسمت هذه الدول، ستدخل في صراع من أجل التوازن، وبالتالي تضعف قوتها.