"كشجرة الميلاد المضاءة" أصبح "حزب الله" بالنسبة للاسرائيلي. عبارة نقلها الإعلام اللبناني عن أحد رجال المخابرات الفرنسية، كدلالة على حجم الاختراق الأمني لبنية "الحزب" الاستخباراتية والعسكرية والقيادية، خصوصاً بعد استهداف القيادي إبراهيم عقيل مؤخراً وقبله تفجيرات البيجر واللاسلكي، واغتيال الأمين العام لـ"حزب الله" السيد حسن نصرالله.
أسقطت إسرائيل شعارات الحماية والصمود والقوة والهيبة، بفعل تفوقها العسكري والأمني والاستخباراتي وأنشطتها التجسسية الناشطة في بيئة "حزب الله" على الأرض اللبنانية، لدرجة بات يُخيّل للمشاهد أنّ غرفة عمليات "الحزب" من رأس الهرم حتى أصغره... ينتمون إلى "الموساد".
هذا الاسم، الموساد، قد يكون اللبنانيون أكثر الشعوب الذين يرددونه. علماً أنه من أكبر وأقوى الأجهزة في العالم، ولو أنه غير موجود في مجموعة "العيون الخمسة"، إلاّ أنّ التنسيق الاستخباراتي مع هذه المجموعة أو دول أخرى على شكل ثنائيات موجود وفعّال، والمثال الأجدى التعاون الأميركي - الإسرائيلي الذي تحصل من خلاله إسرائيل على معلومات خام.
ما هو جهاز الموساد؟
يعتبر الموساد أحد أكثر أجهزة المخابرات السريَّة غموضاً في العالم، واستناداً إلى التقارير الاستخباراتية والإعلامية الأجنبية هو ثاني أكبر وكالات التجسس في العالم، بعد وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية (سي آي إيه). يضم حالياً نحو 7 آلاف شخص بشكل دائم موزعين على أقسام هذه المؤسسة الاستخباراتية. ويقع مقره الرئيسي في تل أبيب في مفترق غليلوت. تأسس عام 1949، وبدأ تنفيذ مهامه رسمياً عام 1951.
منذ ان تم إعادة تنظيم البنية الأساسية لأجهزة المخابرات والأمن الإسرائيلية عام 1951، يخضع جهاز الموساد مباشرة لرئيس الوزراء الإسرائيلي.
ارتبط اسمه بالقوة، بالتدريب النوعي، الحِرفية بالقتل، الدقة في ملاحقة الأهداف والاغتيال. يخضع أفراده لمستوى عال من التدريب الجسدي والنفسي والعسكري والثقافي... يجعلهم من ذوي الكفاءة العالية على كل المستويات بما فيها التكنولوجية، وهم مدربون على تنظيم وحجب وتقييم المعلومات التي يحصلون عليها من عملائهم الميدانيين، ومن مختلف المصادر المسخّرة لخدمتهم في مختلف انحاء العالم.
ويُشدِّد العديد من كبار قادة الاستخبارات في إسرائيل على أن المعلومة الاستخباراتية تمثل جزءاً أساسياً من النظرية الأمنية الإسرائيلية. ويقول رئيس شعبة الاستخبارات الإسرائيلي الأسبق شلومو غازيت "إن توافر المعلومات الاستخباراتية الدقيقة منح الجيش الإسرائيلي القدرة على توجيه ضربات قاسية وخاطفة للجيوش العربية والمقاومة الفلسطينية، وهذا ما أدى إلى تقليص فترات الحروب مع الدول العربية، الأمر الذي سمح بعودة الحياة الطبيعية إلى مسارها في إسرائيل بسرعة كبيرة". من ناحيته يقول الخبير الأمني الإسرائيلي أمير أورن إن "قدرة إسرائيل على الحصول على استخبارات ممتازة مكنتها من الاحتفاظ بجيش نظامي صغير، بحيث أنه لا يتم استدعاء قوات الاحتياط إلا في حال شُنَّت حرب هجومية على الدولة"، كما ورد في مجلة "الجيش"، بعنوان "الموساد الإسرائيلي وتجنيد العملاء والجواسيس".
مهام وأهداف... وعلاقة مع إيران
يلعب جهاز الموساد دوراً كبيراً في تشكيل سياسة إسرائيل وحماية كيانها، لذلك نرى أنه في كل مرحلة زمنية تختلف الدول الأهداف. ففي الماضي كانت مصر هدفهم الأساسي، ثم سوريا، وعدد آخر من الدول العربية، أما اليوم، فيتركز الهدف على إيران ووكلائها. علماً أنه في الماضي كان هناك تعاون عميق مع الجمهورية الإسلامية، إذ "كان الهدف الأساسي للعلاقات الإسرائيلية مع إيران تطوير سياسة مؤيدة لإسرائيل ومعادية للعرب من جانب المسؤولين الإيرانيين. وانغمس الموساد في علاقات مشتركة مع السافاك، وساعد الأكراد في العراق. ونقل الإسرائيليون بشكل منتظم إلى المخابرات الإيرانية تقارير استخباراتية بشأن نشاط مصر في الدول العربية، والاتجاهات والتطورات في العراق والنشاط الشيوعي في إيران"، وفق الوثائق سرية للمخابرات الأميركية.
في الموازاة، للموساد ايضاً أنشطته في أمكنة أخرى حول العالم، أي في الدول الأوروبية حيث شكلت باريس في الماضي مسرحاً واسعاً لعمل الموساد، كذلك سويسرا والأرجنتين وغيرها، أما الدول التي كانت تشكل محور استهدافه، فكانت بالطبع الاتحاد السوفياتي ودول أوروبا الشرقية، وإفريقيا، والشرق الأدنى والأقصى بما في ذلك شرقي آسيا، إضافة إلى الولايات المتحدة الأميركية على رغم التعاون معها. ولا تزال العديد من هذه الدول والمناطق محور حركة واستهداف للموساد الإسرائيلي.
يتركز نشاط جهاز الموساد على عدة محاور:
- يضم ضباطاً متخصصين في القضايا ومسؤولين عن إجراء عمليات التجسس في الخارج وتشغيل العملاء.
- يعمل هؤلاء على تنفيذ عمليات أمنية ودبلوماسية خاصة بشكل سري. تنفذ هذه العمليات وحدات نخبة ويجيدون اللغات الأجنبية، حتى يتمكنوا من العمل في دول أجنبية.
- يعمل الموساد على جمع المعلومات والبيانات في مختلف المجالات في مختلف الأنحاء في العالم يقوم بالمراقبة الإلكترونية والاقتحامات والتنصت على المكالمات الهاتفية.
وبشكل أدق، يجمع المعلومات عن حالة كل جيش أو منظمة عسكرية أو إرهابية، في مختلف دول العالم، ولو أن الاهتمام يتركز فعلياً في منطقة الشرق الأوسط ودول جوار إسرائيل، من لبنان مروراً بسوريا وصولاً إلى خط إيران، العراق، اليمن وغيرها من دول محور الممانعة. فيبني معلومات عن تسليح هذه الجيوش وقدراتها العسكرية، معداتها، قياداتها، تساعد إسرائيل على التفوق في أي معركة او جولات قتال، عسكرية أو ديبلوماسية أو سياسية.
يرصد أيضاً النشاط التجاري لعدد من البلدان المهمة، على خارطة الشرق الأوسط والعالم. ولا ضير، خدمةً لمصالح إسرائيل، من تعطيل عقود اقتصادية أو تجارية حتى لدول معينة، ليحجب مثلاً أي مساعدات تقدّم لدولة مصنّفة كعدوة لإسرائيل.
لا يتوانى الموساد عن إثارة الاضطرابات والقلاقل في البلدان. يستخدم الدعايات والبروباغندا خدمة لقضيته ولتشويه أي قضية مناوئة. عمل بجهد لا يوصف، وجنّد العملاء من أجل القضية الأم "هجرة اليهود". وجراء ما تعرض له اليهود من اضطهاد في العالم، بات الموساد ينفذ أي عملية له في أي دولة في العالم من دون محاسبة، إن بفعل التحالف مع دول معينة، أو بفعل الذنب الذي تشعر به دول أخرى.
الميزانية
تمتلك إسرائيل رابع أضخم ميزانية دفاع في الشرق الأوسط. ووفقاً لموقع "غلوبال فاير بور" الأميركي الذي أورد إحصائيات عن أضخم ميزانيات دفاع في الشرق الأوسط، تقدر ميزانية دفاع اسرائيل بـ 24.3 مليار دولار وتصنف الـ 4 في الشرق الأوسط ورقم 17 عالمياً.
وفيما لم تُقدر ميزانية الموساد وحده في السنوات الأخيرة، إلا أنّ صحيفة "هآرتس" أشارت في عام 2018، إلى ان ميزانية الموساد لعام 2018 بلغت نحو 2,2 مليار دولار، على أن تصل هذه الميزانية في عام 2019 إلى 3,7 مليار دولار. ومنذ تعيين يوسي كوهين رئيسا للموساد في أوائل عام 2016، خضع الجهاز لتوسعات ضخمة وتغيرات كبيرة، وبات يتمتع بميزانيات حكومية متزايدة.
وهذا يعني أنه مع تزايد الأخطار والأنشطة التجسسية، فإن ميزانية جهاز الموساد قد ارتفعت بشكل كبير، وتأخذ حيزا مهماً من ميزانية الدفاع.
قدرات وتكنولوجيا واغتيالات
تستخدم الاستخبارات الإسرائيلية وسائل تكنولوجية متطوِّرة للتنصُّت والمراقبة والحصول على المعلومات، وتؤكد الإحصائيات أن إسرائيل تأتي في الدرجة الثانية بعد الولايات المتحدة الأميركية على قائمة الدول المنتجة للتقنيات المعلوماتيَّة وبخاصة الأمنيَّة منها.
وأعلن الموساد مثلاً في 27 حزيران (يونيو) 2017 عن إنشاء صندوق "ليبرتاد" بهدف الوصول إلى تقنيات وأفكار جديدة في مجال التجسس. وهو أول صندوق استثماري في شركات التكنولوجيا الفائقة التي تطور برمجيات أو أجهزة أو خدمات. ومنذ حقبة السيتينيات، شكلت الاتصالات عامل تجسس أساسياً لعمليات الموساد، وكان نجاحها كبيراً أمام ضعف الاتصالات الأمنية العربية.
لدى البلاد تاريخ طويل في تنفيذ عمليات متطورة عن بعد، تتراوح من الهجمات الإلكترونية المعقدة إلى إطلاق النار على القادة باستخدام الرشاشات التي يتم التحكم فيها عن بعد، وهجمات الطائرات بدون طيار الانتحارية، وتفجيرات في منشآت نووية إيرانية سرية تحت الأرض إلى استخدام التكنولوجيا والاتصالات في الاغتيالات.
ولعلّ الأحدث في هذا المجال، الهجوم الإسرائيلي على "حزب الله" عبر أجهزة Pager وأجهزة اللاسلكي، الثلثاء والأربعاء 17 و 18 أيلول 2024، وهو هجوم وصفه "حزب الله" بـ"المجزرة"، إذ أوقع بدقيقتين واحدة أكثر من 3500 جريح بأعطال مزمنة، ونحو 40 قتيلاً. ووصفتها الـ"ديلي ميل" البريطانية بـ"الضربة الأكثر جرأة في الحرب الحديثة"، حيث أنشأت إسرائيل شركات وهمية أطلقت عليها الاسم "قردة"، إضافة إلى 5000 من أحصنة طروادة قاتلة ووحشية لا مثيل لها، في إشارة إلى أجهزة الـ"بيجر".
وأعقب هذه الجولة من الاستهداف، اغتيال قيادة الرضوان كاملة بصاروخ اخترق نفقاً كانوا يوجدون فيه تحت الأرض، بحسب الإعلام الإسرائيلي، علماً أن إسرائيل بدأت باستخدام الاغتيال عبر الهواتف منذ بداية السبعينيات، يوم قتلت محمود همشري، ممثل منظمة التحرير الفلسطينية في باريس، ضمن عملية "غضب الله"، وهو أحد المتورطين بما عُرف آنذاك بـ"مذبحة ميونيخ".
ففي كانون الأول (ديسمبر) 1972، حدد أحد أعضاء الموساد، متنكراً في هيئة صحافي إيطالي، موعداً لإجراء مقابلة هاتفية مع همشري قبل أن يقتحم خبراء المتفجرات في الموساد منزله ويدسوا قنبلة في هاتفه. وفي الوقت المحدد للمقابلة، اتصلت إسرائيل بهمشري، وعندما عرّف عن نفسه، تم تفعيل القنبلة المزروعة في هاتفه عن بعد؛ فقتل على الفور. ومن ثم كان اغتيال يحيى عياش في عام 1996.
يحيى عياش
عمليات نوعية
منذ اندلاع حرب غزة، وإطلاق "حزب الله" "جبهة الإسناد"، اعتمد الإسرائيليون بشكل أساس على الاغتيالات لإخضاع "الحزب" أو جعله يتراجع عن تهديد إسرائيل والمنطقة الشمالية.
فنفذ مجموعة عمليات اغتيال "نوعية"، أبرزها مؤخراً، ما يمكن وصفه بـ"اغتيال العصر"، أي استهداف الأمين العام لـ"حزب الله" السيد حسن نصرالله في 27 أيلول (سبتمبر) 2024 بعد دقائق على وصوله إلى مقر "الحزب" في الضاحية الجنوبية لبيروت. وقد أعطى رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتياهو الإذن بتنفيذ العملية وهو موجود في مبنى الأمم المتحدة في نيويورك.
عمليات أخرى:
- اغتيال هاشم صفي الدين خليفة حسن نصر الله في غارة وصفت بـ"الأعنف" على الضاحية منذ اغتيال نصرالله، الجمعة 4 تشرين الأول (أكتوبر) 2024. وهو اغتيال اكده رسمياً بنيامين نتنياهو من دون ان تؤكده المؤسسة الأمنية الإسرائيلية أو "حزب الله".
- اغتيال إبراهيم عقيل وأحمد وهبي وقيادات قوة "الرضوان" في الضاحية الجنوبية لبيروت في 20 الحالي.
- اغتيال فؤاد شكر، في 30 تموز (يوليو) 2024 بالضاحية الجنوبيّة. وبحسب صحيفة "وول ستريت جورنال" الأميركيّة فإن عملية الاغتيال تضمنت اختراق الشبكة الداخلية لـ"حزب الله" بالإضافة إلى مكالمة هاتفية أوصلت شكر إلى الطابق السابع من المبنى الذي يعيش ويعمل فيه أيضاً.
- استطرداً، اغتيال رئيس المكتب السياسي لحركة حماس إسماعيل هنية في طهران يوم 31 يوليو 2024، أي بعد ساعات من اغتيال شكر، وتوجهت الاتهامات إلى الاسرائيليين إلا أن أحداً لم يتبن عملية الاغتيال.
- اغتيال محمد ناصر مسؤول قسم العمليات على الجبهة في "حزب الله"، في 3 يوليو 2024.
- اغتيال طالب عبد الله قيادي كبير في "حزب الله"، في 12 حزيران 2024.
- اغتيال وسام الطويل، القيادي في قوة النخبة التابعة لحزب الله "قوة الرضوان"، وهو أول قيادي بارز في هيه القوة تقتله إسرائيل في 8 كانون الثاني (يناير) 2024.
وفيما نفذت عمليات اغتيال عدة عبر المسيرات أو الصواريخ، لم يسلم أيضاً من عمليات الاغتيال قادة من حماس كانوا على صلة بـ"حزب الله"، أمثال علي حدرج وصالح العاروري وغيرهما، ناهيك عن اغتيالات تمت خارج الأراضي اللبناني طالت قادة للحزب، منهم عماد مغنية ومصطفى بدر الدين، اللذان قتلا في سوريا.
هاشم صفي الدين
أشهر عمليات الاغتيال التي شهدها لبنان منذ السبعينيات، هي:
- اغتيال الروائي والكاتب الفلسطيني غسان كنفاني في سبتمبر 1972، عبر عبوة ناسفة في سيارته في بيروت.
- عملية فردان في نيسان (أبريل) 1973 واغتيال 3 قياديين فلسطينيين، محمد يوسف النجار، كمال ناصر وكمال عدوان.
- اغتيال الأمير الأحمر، علي حسن سلامة، القيادي في منظمة التحرير الفلسطينية في يناير 1979 بعد خمس محاولات فاشلة.
- اغتيال الشيخ راغب حرب في شباط (فبراير) 1984 في الجنوب.
- اغتيال قادة من جبهة المقاومة الوطنية اللبنانية في ديسمبر 1989، على رأسهم قاسم بدران وحكمت الأمين.
- اغتيال السيد عباس الموسوي في فبراير 1992.
- اغتيال القيادي في "حزب الله" علي ديب في آب (اغسطس) 1999.
- اغتيال القيادي في "حزب الله" علي صالح في الضاحية الجنوبية في أغسطس 2003، عبر تفجير سيارته.
- اغتيال القيادي "حزب الله" غالب عوالي في يوليو 2004 بتفجير سيارته في الضاحية.
- اغتيال محمود المجذوب، أحد كبار قادة الجهاد الاسلامي الفلسطينية، مع شقيقه نضال في صيدا في أيار (مايو) 2006.
حسن سلامة
خارج لبنان
وكان للموساد أيضاً عمليات نوعية جرت على أرض عدوة، مثل إيران وسوريا.
ففي عام 2021، تعرضت منشأة نووية تحت الأرض في وسط إيران لانفجارات وهجوم إلكتروني مدمر تسبب في انقطاع التيار الكهربائي. واتهمت إيران إسرائيل بتنفيذ الهجوم، إضافة إلى العديد من الهجمات الأخرى ضد المنشآت النووية الإيرانية باستخدام طائرات بدون طيار متفجرة في السنوات التالية.
وفي عام 2020، في واحدة من أبرز عمليات الاغتيال التي استهدفت البرنامج النووي الإيراني، قُتل أحد كبار العلماء النوويين العسكريين الإيرانيين، محسن فخري زاده، بمدفع رشاش يتم التحكم فيه عن بعد أثناء سفره في سيارة خارج طهران. وألقت إيران باللوم على إسرائيل.
في عام 2010، تسبب فيروس "ستوكسنت" الحاسوبي، الذي تم اكتشافه في عام 2010، بتعطيل وتدمير أجهزة الطرد المركزي النووية الإيرانية. وكان يعتقد على نطاق واسع أنه من صنع أميركي – إسرائيلي مشترك.
في عام 2010 أيضاً، قُتل محمود المبحوح، أحد كبار عناصر حماس، في غرفة بفندق في دبي، في عملية نُسبت إلى جهاز الموساد، لكن إسرائيل لم تعترف بها قط.
سياسة الاغتيالات بالنسبة لإسرائيل
يعّرف الخبراء العسكريون سياسة الاغتيال بأنه مصطلح يستخدم لوصف عملية قتل منظمة ومتعمدة تستهدف شخصية هامة ذات تأثير فكري أو سياسي أو عسكري أو قيادي ويكون سبب العملية إما لأسباب عقائدية أو سياسية أو اقتصادية أو انتقامية.
وفي ما يخص إسرائيل، عملت على وضع مبررات وحجج للإرتكان لهذه السياسة بوضعها في إطار الدفاع عن النفس ومحاربة الإرهاب الذي تمثله شخصية معينة ضدها وضد مصلحتها القومية، وباتت تُختصر بعبارة "يد إسرائيل التي تصل إلى كل مكان".
للاغتيالات في القاموس الإسرائيلي عدة أهداف:
- تعزيز موقعها في ميزان الردع.
- حرمان أعدائها من الشخصيات الموهوبة والمؤثرة والعمل على إضعاف التنظيمات المستهدفة، عبر إشغالها بالبحث عن بدائل لقادتها.
- خلق حالة من الهلع والارتباك في صفوف العدو ومحاولة ضرب البنية الأمنية والعسكرية الخاصة به.
- إثارة الخوف والقلق ووسيلة للحديث عن انتصار.
- الضغط والإخضاع لتحقيق أهداف سياسية.
- رفع الروح المعنوية للشعب الإسرائيلي في أوقات الأزمات.
لؤلؤة الموساد
شبكات لبنان والعودة إلى لؤلؤة الموساد
لا نغالي إن قلنا إن هناك آلافاً من الشبكات التابعة لإسرائيل في لبنان. فعلى مدى سنوات، كشفت شعبة المعلومات في قوى الأمن الداخلي المئات من هذه الشبكات، وكان أهمها في عام 2009، بدءاً بأديب العلم والشبكات الأخرى، لتحقق الشعبة إنجازاً آخر عام 2022 في واحدةٍ من أكبر العمليات الأمنية التي نُفِّذت، حيث تم القبض على 17 شبكة إسرائيلية منفصلة بعضها عن بعض، ولها دور محلي وإقليمي.
وتشير المعلومات الأمنية والقضائية إلى أن نحو مليون سيرة ذاتية قدمها لبنانيون في السنوات الثلاث الأخيرة وصلت للموساد الإسرائيلي نتيجة الوضع الاقتصادي الهش والأزمة المالية التي ضربت اللبنانيين. لكن ليس من الضرورة أن تكون هذه السير الذاتية مقدّمة حكماً لجهاز الموساد، فبعض أصحاب هذه السير يعملون مع شركات أجنبية من دون وجود معرفة مسبقة أنهم يتواصلون مع الموساد ويقدمون خدماتهم له.
وتقدّر المراجع الأمنية أنه اذا نجح الموساد بتجنيد 1% من هؤلاء، فيكون قد اخترق نحو 10 آلاف شخص، وبالتالي، فإنّ الشبكات الموجودة حالياً في لبنان، تقدّر بالآلاف من دون وجود عدد رسمي لأفرادها.
أخيراً، تحتل أجهزة الاستخبارات والأمن مكانة بالغة الأهمية في المستوى الإسرائيلي الاستراتيجي. وقد أدت أدواراً رئيسة وخطيرة في حماية الكيان الإسرائيلي ورسم أطر الردع، وساهمت ايضاً في توسّع النفوذ الإسرائيلي في العالم، لهذا تُعتبر الركن الأساس لكل النظريات الأمنية الإسرائيلية وذراعها الطويلة في مواجهة التحديات المصيرية. وتعتمد القيادة الإسرائيلية على هذه الأجهزة في عمليَّة صنع القرار وتوجيه السياسات الداخلية والخارجية.