وقد تكون عملية بنيامينا مساء الأحد من أكبر العمليات التي ينفذها الحزب منذ بداية الحرب وأشدها إيلاماً، إذ أدت إلى مقتل 4 جنود (بحسب الاعترافات الإسرائيلية) وإصابة أكثر من 67 جندياً من بينهم 7 بحروح خطيرة، بعدما تمكنت مسيرات التنظيم اللبناني من اختراق رادرات الدفاع الجوي الإسرائيلي ووصلت إلى أهدافها من دون أن يتم اكتشافها.
ووصف محللون وخبراء عسكريون إسرائيليون العملية بأنها إخفاق كبير لمنظومة الأمن الإسرائيلية. وطرحت أسئلة صعبة أعقبت "هذه الكارثة والنتائج المؤلمة"، بدءاً بعدم الرصد والعجز عن الاعتراض، وصولاً إلى فشل الإجراءات التي تمنع تجمّع هذا العدد الكبير من الجنود في مكان واحد، والمطالبة بتحقيق سريع والتعامل مع القادة الذين فشلوا عملياتياً وقيادياً.
حرب المسيّرات
العميد احتياط في الجيش الاسرائيلي تسفيكا حايموفيتش وصف في مقال نشره موقع "القناة 12" الإسرائيلية الحرب الحالية بأنها "حرب الطائرات المسيّرة"، وأشار إلى أنّ "حزب الله" أدرك بشكل رئيسي التهديد الذي تشكله الطائرات من دون طيار، من ناحية، وضعف الجيش من ناحية أخرى، لذلك يعمل بشكل منهجي على اختراق مئات المنصات الجوية من الشمال باتجاه كل أنحاء إسرائيل.
وتابع حايموفيتش: "قبل العملية البرية كانت المسيّرات وسائل جوية صغيرة جداً وبطيئة تظهر فترة قصيرة وتغير على المستوطنات القريبة من الحدود، لكن مع بداية المناورة بدأ حزب الله باستخدام أدوات ووسائل أكبر تتحدى العمق الإسرائيلي". وبيّن أنّ تهديد الطائرات المسيرة يشكل تحدياً كبيراً للجيش الاسرائيلي، إذ "بينما الجيش مجهز بأحدث الوسائل والقدرات التكنولوجية المتقدمة لمواجهة تهديدات الصواريخ، فإن الكشف والرد أو الاستجابة للمسيرات غير كافية، نظراً إلى صعوبة اكتشافها أثناء تحليقها في المقام الأول. وطالما استمرت الحرب فإنّ أعداءنا سيستمرون في تحدينا".
أما المحلل العسكري في "يديعوت أحرونوت" رون بن يشاي فرأى أن التفاصيل القليلة المعروفة عن المسيّرة "صياد 107" التي يتم إنتاجها في إيران ويستخدمها "حزب الله" على نطاق واسع، بل إنه ينتجها بنفسه في لبنان، تفيد بأنه في الإمكان برمجتها بحيث تغيّر ارتفاعها واتجاهها بشكل متكرر، ما يصعّب اكتشافها وتتبعها، كما يصل مداها إلى 100 كيلومتر، وهي صغيرة الحجم وتصدر بصمة رادار ضعيفة جداً، كما يصعب اكتشافها بالوسائل البصرية.
وبعد فشل القبة الحديدية في اعتراضها، أرسل الجيش الإسرائيلي طائرات ومروحيات قتالية لتتبعها، لكنها فقدتها فجأة، ولم تعرف كيفية حدوث ذلك، لذلك يجري التحقيق حالياً بشكل معمّق، بحسب بن يشاي.
وأضاف بن يشاي أنّ "حزب الله" اكتسب خبرة كبيرة في تشغيل الطائرات المسيرة، وتسبب في عدد لا بأس به من القتلى والجرحى بين الجنود بشكل خاص في القواعد النائية.
ولفت إلى أن الجيش يحاول إيجاد حلول، بخاصة أنّ "حزب الله" والإيرانيين يستخدمون أنظمة ملاحية عبر أقمار اصطناعية فريدة من نوعها للروس والصينين، لتجاوز تشويش نظام تحديد المواقع "جي بي أس".
المعارك البرية
وعلى رغم شح المعلومات التي تنشر في وسائل الإعلام الإسرائيلية عن المناورة البرية وتقدم القوات الاسرائيلية أو دحرها عند الحدود اللبنانية، إلا أن اسرائيل تواجه تحدياً عملياتياً بحسب ما صرح به وزير الدفاع الإسرائيلي يوآف غالانت خلال مكالمة مع نظيره الأميركي لويد أوستن، وفقاً لما ذكرته صحيفة "يديعوت أحرونوت".
وقد ظهر ذلك جلياً في عدد القتلى والجرحى في العملية البرية والمعارك الدائرة التي يتم التكتم عنها بشكل كبير وتفادي ذكر نتائجها بشكل واضح، في وقت يوسّع الجيش الإسرائيلي نطاق عمليّته البرية على أكثر من محور، ولا يصل من صداها سوى صور مصادرة الأسلحة وتدمير البنى التحتية في قرى الجنوب بشكل جنوني، ورفع الجنود الأعلام الإسرائيلية على بعد أمتار داخل الشريط الحدودي من جهة الأراضي اللبنانية.