بالتزامن مع التحركات الديبلوماسية التي تقودها الولايات المتحدة للبدء بإتمام صفقة لتبادل الأسرى والمحتجزين بين إسرائيل و"حماس"، شهدت الساحة الإسرائيلية تطورات ميدانية أبرزها عملية دهس بشاحنة قرب قاعدة "غليلوت" العسكرية.
وتحدثت "القناة 12" العبرية عن "اجتماع عمل محدود في الدوحة، بمشاركة رئيس جهاز الموساد ورئيس وكالة الاستخبارات المركزية (سي آي إي) ورئيس الوزراء القطري، من أجل بدء المفاوضات على أساس مخطط جديد، مع الأخذ في الاعتبار الخطة المصرية، وذلك في محاولة لتمكين إجراء محادثات أوسع خلال الأيام المقبلة".
ويأتي الاجتماع وسط محاولات حثيثة لمنع التصعيد، واتخاذ خطوات لإحلال الهدوء وعدم جر المنطقة إلى حرب إقليمية مع ما قد تحمله من نتائج مدمرة، وهو ما تمحورت حوله المكالمة الهاتفية بين وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي ونظيره الإيراني عباس عراقجي.
وكان المبعوث الأميركي إلى لبنان آموس هوكشتاين أبلغ رئيس مجلس النواب اللبناني نبيه بري، خلال زيارته الأخيرة، أن الإدارة الأميركية تحث رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو على وقف الحرب لأنها غير معنية ولا مهتمة بالتصعيد، وهي ترغب في فرض وقف لإطلاق النار قبل الانتخابات الرئاسية المقررة في 5 تشرين الثاني (نوفمبر) المقبل.
ووفقاً للتقديرات، فإن هوكشتاين سيعود إلى المنطقة خلال الأيام المقبلة، وربما سيزور بيروت إذا شعر أن هناك استجابة من نتنياهو.
عملية "غاليليوت"
ووسط غياب أي أفق سياسي حتى الآن، أصيب العشرات من الإسرائيليين الأحد، بعضهم بجروح خطيرة، في عملية دهس نفذها الفلسطيني رامي ناطور نصرالله، وهو من سكان مدينة قلنسوة ، الذي اقتحم بشاحنة جمعاً في محطة حافلات قرب قاعدة "غليلوت" التي تضم مقار وكالات الاستخبارات الإسرائيلية (جهاز الاستخبارات الخارجية والعمليات الخاصة الموساد، والوحدة 8200 التابعة لوحدة الاستخبارات العسكرية) شمال تل أبيب.
وقالت الشرطة الإسرائيلية إن "حافلة توقفت قرب المحطة لإنزال الركاب، وفي تلك الأثناء، وصلت شاحنة مسرعة واصطدمت بالحافلة والركاب" الموجودين في المكان. وبحسب طواقم الإسعاف الإسرائيلي تم نقل 39 شخصاً من موقع الدهس، بينهم 6 حالاتهم خطيرة، و5 إصاباتهم متوسطة.
ونقلت صحيفة"معاريف" العبرية عن شاهد عيان قوله: "رأيت مجموعة من الناس المسحوقين". وأفاد آخرون بأنه "كانت هناك أجواء صعبة وذعر وصراخ وفوضى، وأحد المحاصرين توسل لإنقاذه من تحت الشاحنة".
وذكرت هيئة البث الإسرائيلية (كان) أن أشخاصاً كانوا في موقع الدهس أطلقوا النار على سائق الشاحنة، ما أدى إلى مقتله.
وبينما تعاملت أجهزة الأمن الإسرائيلية مع الهجوم على أنّه "نفذ على خلفية قومية"، أكدت عائلة نصرالله أن ابنها لم يرتكب أي عملية دهس، بل فقد السيطرة على الشاحنة بسبب معاناته أمراضاً، مشيرة إلى أن ما يُقال بشأن الحادث كلّه "كذب وافتراء".
ورجّحت "معاريف" أن يكون "حزب الله أو إيران من يقف خلف العملية، إذ إنهما استهدفا هذه القاعدة مراراً".
كذلك، سُجّلت محاولة دهس ثانية على مدخل بلد حزما شمال القدس حيث أطلقت دورية عسكرية إسرائيلية النار على فلسطيني كان يقود سيارته مسرعاً، ما أدى إلى إصابة شخصين بجروح طفيفة.
"انتعاش حزب الله"
وبينما تتواصل العمليات العسكرية الإسرائيلية في قطاع غزة وجنوب لبنان، استهدفت طائرة مسيرة انقضاضية أطلقها "حزب الله" مصنعاً للصناعات العسكرية في منطقة بارليف العسكرية. ووفقاً لإذاعة الجيش الإسرائيلي فقد تضرّر المصنع وأصيب شخصان كانا في المكان.
إضافة إلى ذلك أعلن الجيش الإسرائيلي مقتل أربعة من جنوده في جنوب لبنان الليلة الماضية، خلال توغلهم في قرية محاذية للحدود، حيث اشتبكوا مع مقاتلي "حزب الله" من مسافة صفر .
وأفادت صحيفة "يديعوت أحرونوت" بأنّ الجيش الإسرائيلي "وسّع نطاق اجتياحه البري في جنوب لبنان الأسبوع الماضي، ووصلت قواته إلى خط القرى الثاني، التي تبعد خمسة كيلومترات عن الحدود، من دون الإعلان عن ذلك".
وأشار التقرير إلى أنه "بعد قرابة شهر على بدء الاجتياح، تظهر المؤشرات انتعاش حزب الله وأن معارك ضارية تدور في المنطقة".
وتعهدت إسرائيل للولايات المتحدة بحصر اجتياحها الأراضي اللبنانية في المنطقة المحاذية للحدود من رأس الناقورة حتى مزارع شبعا، وتمتد على مسافة 130 كيلومتراً، وتشمل نحو 20 قرية لبنانية.
والقرار بتوسيع الاجتياح أكثر من 5 كيلومترات عن الحدود سيتأثر، بحسب تقرير الصحيفة العبرية، بثلاثة اعتبارات: مصالح المستوى السياسي بإطالة الحرب لأشهر عدة أخرى على الأقل، عدد الجنود الذين سيقتلون الذي وصل إلى 35 بشكل رسمي ومن شأنه أن يؤثر على الرأي العام الإسرائيلي، وأخيراً مدى إصرار قادة الكتائب والألوية والفرق العسكرية الإسرائيلية على مواصلة الاجتياح وتوسيعه.
وتحدث ضباط إسرائيليون إلى "يديعوت أحرونوت" عن العثور على كميات كبيرة من الأسلحة في بيوت القرى التي اجتاحوها، معظمها من صنع روسي وإيراني، وعن العثور أيضاً على أسلحة إسرائيلية بينها قذائف هاون ومدافع رشاشة. وتشير التقديرات إلى أن في كل قرية ما بين 5 و10 آلاف قطعة سلاح متنوعة تم الاحتفاظ بها وصيانتها جيداً طوال السنوات الماضية.
وأضاف التقرير العبري أنّه ليس واضحاً كيف وصلت الأسلحة الإسرائيلية إلى أيدي "حزب الله"، مذكراً أنّه في حرب تموز (يوليو) عام 2006 عُثر على أسلحة إسرائيلية في حوزة الحزب أيضاً، ويعتقد أنّها "غنائم" من فترة الاحتلال الإسرائيلي لجنوب لبنان في الفترة بين 1982 و2000.