سيكتفي نتنياهو بعرض الاتفاق على الكابينيت للموافقة عليه، لأنّه لا يستدعي موافقة الكنيست والحكومة، باعتباره اتفاقاً لوقف إطلاق النار، ولا يتعلق بتسليم الأراضي.
فشل تاريخيّ
في مقدّمة معارضي الاتفاق، يقف وزير الأمن القومي إيتمار بن غفير الذي وصف الخطوة بـ "الفشل التاريخي" أمام "حزب الله". وقال لإذاعة الجيش إنّه"سيصوّت في الكابينيت ضدّ التسوية".
كما أعلن آفي ماعوز، عضو الكنيست ورئيس حزب "نعوم" الديني المتطرّف المتحالف مع حزب "الصهيونية الدينية"، عن معارضته الاتفاق قائلاً: "نحن لم ننتهِ من المهمّة بعد، وواضح للجميع أن حزب الله لم يغيّر موقفه، فهو يريد تدميرنا وعلينا أن نثق فقط بأنفسنا وبالله، وأن يكون لدينا شريط أمني في جنوب لبنان حتى نهر الليطاني".
كذلك، عارض زعيم حزب "المعسكر الوطني" الوزير السابق بيني غانتس الاتفاق، معتبراً أنّ "الحكومة اللبنانية تطلق يد حزب الله الذي سيعيد تنظيم صفوفه"، ومحرّضاً على "مهاجمة أصول الدولة اللبنانية".
وتوجّه أفيغدور ليبرمان، زعيم حزب "إسرائيل بيتنا"، إلى نتنياهو بالقول: "ممّ أنت خائف؟ أعرض الاتفاق بينك وبين حزب الله على الجمهور ورؤساء السلطات المحلية، فمن حقّ الجمهور أن يعلم".
وقال وزير النقب والجليل يتسحاق فاسرلوف خلال لقاء عبر "زووم" مع رؤساء السلطات في الشمال: "سأفعل كلّ شيء لمنع هذا الاتفاق، وسأدعم قراركم عدم إعادة السكان إلى منازلهم".
استسلام مطلق
أتت الانتقادات الأقسى من رؤساء المستوطنات والمجالس الإقليمية في الشمال، الذين اعتبروا الاتفاق "استسلاماً مطلقاً من جانب إسرائيل في وجه حزب الله".
وقال رئيس مجلس مستوطنة المطلة دافيد أزولاي: "من يقول إنّ أهداف الحرب تحقّقت هو كاذب"، متسائلاً: "لماذا تتّجه الحكومة الأكثر يمينيةً على الإطلاق إلى اتفاق استسلام مع حزب الله؟".
وأبدى أفيحاي شتيرن، رئيس بلدية كريات شمونة، خشيةً من أنّ "هذا الاتفاق يجعل سيناريو 7 أكتوبر أقرب إلى الشمال أيضاً"، داعياً إلى "عدم المخاطرة" في أن يكون الإسرائيليون في الشمال "الأسرى التاليين، قبل التوقيع على اتفاق الاستسلام"، وأضاف: "لا أفهم كيف تحوّلنا من النصر المطلق إلى الاستسلام المطلق".
وحذّر موشيه دافيدوفيتش، رئيس مجلس "ميتا آشر" الإقليمي، من أنّ "إسرائيل ستجد نفسها في الأعوام المقبلة مع حزب الله أقوى وأكثر صلابةً في حال توقيع الاتفاق، وسندفع الدماء ثمناً لذلك".
ورأى بيني بن موفخار، رئيس مجلس "مفؤوت حرمون" الإقليمي، أنّ المستوطنين "لن يعودوا إلى الشمال مع مثل هذا الاتفاق مع لبنان".
ما الفرق؟
وبسبب غضب سكان الشمال من الاتفاق، ذكرت "القناة 13" أنّه من المتوقّع تنظيم تظاهرة احتجاجية ضدّ الاتفاق. وقد استدعى نتنياهو رؤساء مستوطنات الشمال إلى اجتماع في مكتبه لمناقشة الاتفاق، كما يعتزم إجراء محادثات مع المعارضين، ومتوقّع أن يتحدّث مع الوزير عميحاي شيكلي، الذي أصدر بياناً انتقد فيه الاتفاق.
وتساءل الصحافي بن كاسبيت، أحد أشد معارضي نتنياهو، في صحيفة "معاريف": "ما الفرق بين جبهة الشمال وجبهة الجنوب؟ لماذا يجب استمرار الحرب في الجنوب؟ لماذا عندما يكون العدو أضعف كثيراً، ومحطّماً أكثر، وأقلّ تهديداً وجودياً علينا، تصرّون على الاستمرار في الحرب هناك؟ يوجد هناك 101 أسير ومحتجز يجب إرجاعهم وأنتم تتجاهلون، ما الفرق؟".
ووصفت هيئة البثّ الاسرائيلية (كان) الاتفاق بأنّه "اتفاق حصانة حزب الله". وطرح العميد في قوات الاحتياط في الجيش الإسرائيلي تسفيكا حايموفيتش أزمة الثقة بين الإسرائيليين وبين السلطات المحلية الإسرائيلية والمؤسستين الأمنية والعسكرية. ونشر في صحيفة "إسرائيل اليوم" مقالاً تساءل فيه: "هل هو نجاح أم استسلام بالنسبة إلى إسرائيل، وهل غيّر هجوم 7 أكتوبر أيّ شيء في سياسة الاحتواء وضبط النفس التي تنتهجها دولة إسرائيل؟ وهل سيوقف اليمنيون والعراقيون نيران أسلحتهم أيضاً باتجاه إسرائيل بعد إتمام اتّفاق التسوية؟ وهل ستؤدّي التسوية في الشمال إلى ظروف يتوصّل فيها رؤساء المؤسسة الأمنية والعسكرية إلى استنتاجات شخصية ويطبّقون المسؤولية التي تحمّلوها قبل أكثر من عام؟".
على صعيد آخر، تشير البيانات الواردة من الشمال، بحسب صحيفة "يديعوت أحرونوت"، إلى دمار كبير بفعل نيران "حزب الله" في المطلة ونهاريا وكريات شمونة وزرعيت والمنارة وشتولا، حيث لا يكاد يوجد مبنى سليم في المستوطنات على الحدود مع لبنان، ومعظم المنازل في حاجة إلى ترميم أو إعادة بناء، وستستغرق عملية إعادة الإعمار عامين على الأقلّ.