مظاهرة في ديار بكر (ا ف ب)
نظمت تظاهرات في عدة مدن تركية الاثنين احتجاحا على إقالة ثلاثة رؤساء بلدية ينتمون إلى حزب "المساواة وديموقراطية الشعوب" (الشعوب الديموقراطي سابقا)، الحزب الرئيسي المؤيد للأكراد في تركيا، من مناصبهم بتهمة القيام بنشاطات "إرهابية".
وعينت الدولة مسؤولين من جانبها للحلول مكان رؤساء بلديات ماردين وبطمان وخلفيتي الواقعة في جنوب شرق البلاد الذي تقطنه غالبية كردية، على ما جاء في بيان لوزارة الداخلية التركية الاثنين.
وينتمي رؤساء البلدية هؤلاء إلى حزب "المساواة وديموقراطية الشعوب" ثالث قوة سياسية في البرلمان التركي والذي تتهمه السلطات بروابط مع "حزب العمال الكردستاني"، الأمر الذي ينفيه.
ردا على القرار، نظمت مسيرات تخللت بعضها أعمال عنف الاثنين في المدن الثلاث المعنية، وكذلك في مدينة ديار بكر حيث تظاهر نحو 2000 شخص تحت مراقبة مشددة من الشرطة، بحسب مراسل وكالة فرانس برس.
ودعا المتظاهرون في ديار بكر إلى طرد المسؤولين الذين عينتهم الحكومة مكان رؤساء البلديات.
في محاولة لمنع الاحتجاجات، حظرت محافظات ماردين وبطمان وشانلي أورفا جميع التجمعات لمدة عشرة أيام. كما حظرت التظاهرات لمدة 72 ساعة في ديار بكر حتى مساء الأربعاء.
وقال رئيس بلدية ماردين أحمد ترك (82 عاما) على منصة إكس: "يجب أن نرفع أصواتنا في مواجهة هذه الأعمال غير القانونية، وهذه العملية المناهضة للديموقراطية التي تتحدى إرادة الشعب".
وقد دعا ترك، وهو شخصية بارزة في الحركة الكردية، أنصاره للتجمع أمام البلدية، حيث انضم إليه زعيم حزب الشعب الجمهوري المعارض أوزغور أوزيل.
وحاولت الشرطة تفريق المتظاهرين في ماردين بخراطيم المياه وإطلاق الرصاص المطاطي، بحسب قناتي "تي 24" الإخبارية و"مديا سكوب تي في".
في بطمان، استخدمت الشرطة أيضا خراطيم المياه ورذاذ الفلفل، واعتقلت 75 شخصا حاولوا دخول البلدية، بحسب "تي 24".
سبق لترك أن أقيل من مهامه وسجن مدة أشهر خلال ولاياته السابقة إذ اتهمته السلطات التركية بإقامة روابط مع مقاتلي "حزب العمال الكردستاني" الذي يشن تمردا ضد الدولة التركية منذ العام 1984 والذي تصنفه أنقرة وحلفاؤها الغربيون "إرهابيا".
ووصف حزب "المساواة وديموقراطية الشعوب" هذه الإقالات بأنها "انقلاب"، منددا في بيان "بهجوم كبير على حق الشعب الكردي بالتصويت والانتخاب".
"الأشقاء الأكراد"
وكتب رئيس بلدية اسطنبول أكرم إمام أوغلو القيادي في حزب "الشعب الجمهوري"، أكبر أحزاب المعارضة، على منصة إكس "الحكومة تفقد السيطرة".
وأكد إمام أوغلو الذي يرجح أن يكون مرشحا للانتخابات الرئاسية المقبلة أن "حق الانتخاب حكر على الناخبين، وليس قابلا للنقل".
أقيل اعتبارا من العام 2016 عشرات من رؤساء البلديات المنتخبين في جنوب شرق تركيا من مناصبهم وحل مكانهم مسؤولون إداريون عينتهم الحكومة. لكن تراجع عدد هذه الإقالات بشكل كبير في السنوات الأخيرة.
لكن في حزيران (يونيو) الماضي، أقيل رئيس بلدية مدينة حكاري الواقعة في أقصى جنوب شرق تركيا والذي ينتمي إلى الحزب نفسه وحكم عليه بالسجن 19 عاما ونصف العام بعد ادانته بتهمة "الإرهاب". وقد شهدت المدينة مواجهات إثر ذلك.
وكان حكم على أحد الرؤساء السابقين لحزب "الشعوب الديموقراطي" (حزب المساواة وديموقراطية الشعوب راهنا) صلاح الدين دمرتاش المسجون منذ العام 2016، قبل ثلاثة أسابيع بالسجن 42 عاما بتهمة المساس بوحدة البلاد خصوصا.
"تقوض طبيعة الديموقراطية"
انتخب رؤساء البلدية الثلاثة المشمولين بقرار الإقالة الاثنين، خلال الانتخابات المحلية في آذار (مارس) الماضي التي شهدت تحقيق المعارضة فوزا كبيرا على حزب "العدالة والتنمية" بزعامة الرئيس التركي رجب طيب اردوغان.
من جهته، أعرب مجلس أوروبا الذي يعد أعلى هيئة حقوقية في القارة عن "قلقه البالغ" إزاء تعيين أنقرة إداريين مكان رؤساء البلديات المعزولين، واعتبر ذلك "ممارسة مزمنة... تقوض طبيعة الديموقراطية المحلية".
أتت هذه الإقالات بعد أيام قليلة على توقيف رئيس بلدية إحدى دوائر اسطنبول وينتمي إلى حزب الشعب الجمهوري أكبر أحزاب المعارضة للاشتباه بروابطه مع حزب العمال الكردستاني أيضا وفيما أكد الرئيس التركي الأربعاء أنه يريد "مد اليد للأشقاء الأكراد".
ويلمح إردوغان وحليفه الرئيسي دولت بهجلي منذ أسبوعين إلى احتمال الإفراج بشكل مبكر عن زعيم حزب "العمل الكردستاني" عبدالله أوجلان المعتقل على جزيرة قبالة اسطنبول منذ العام 1999.
وأعلن حزب "العمال الكردستاني" مسؤوليته عن هجوم 23 تشرين الأول (أكتوبر) في أنقرة الذي سقط فيه خمسة قتلى و22 جريحا موضحا أنه تحرك "مخطط له منذ فترة طويلة" وغير مرتبط بالتصريحات الأخيرة للرئيس التركي وحليفه اليميني المتطرف.