"قمنا في الإمارات، على مدى العقود الماضية، ببناء قدراتنا في الطاقة المتجدّدة والنظيفة، ووضعنا مساراً وطنياً للوصول إلى الحياد المناخي بحلول عام 2050". هذا بعض ما جاء في كلمة الرئيس الإماراتي الشيخ محمد بن زايد آل نهيان في افتتاحية أعمال " COP28" في مدينة "إكسبو دبي" في العام الماضي، وهذا الكلام يدخل في صلب استراتيجية الدولة التي كانت أوّل من أعلنت، بين دول الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، أهدافها لتحقيق الحياد المناخي.
الهدف الإماراتي مواكب لاتفاق باريس للمناخ (2015)، الذي شجّع الدول على اعتماد خطط طويلة المدى تساهم في خفض انبعاث الغازات الدفيئة وتحدّ من ارتفاع درجات حرارة الأرض.
رؤية الإمارات العربية المتحدّة تلك، ثبتت دور الدولة المحوري في معركة المناخ العالمي، وجعلت منها مضيفاً لمؤتمر المناخ في العام الماضي. ذاك المؤتمر الذي اعتُبر مرجعاً للطموحات المناخية العالمية لما حمله من مقرّرات "تاريخية" على صعيد زيادة الإنتاج العالمي لمصادر الطاقة المتجدّدة.
وقبل أن يسلم رئيس COP28 سلطان الجابر رئاسة مؤتمر الأطراف إلى جمهورية أذربيجان في باكو اليوم، خاطب خلفه مختار باباييف، رئيس مؤتمر COP29، فدعاه إلى الإفادة من تجربة المؤتمر السابق، مذكراً بأن الاتفاق الذي أمكن التوصل اليه في دبي كان تاريخياً، ومع ذلك، لفت إلى أن التاريخ سيحكم علينا بالأفعال لا الأقوال.
في "COP 28" تم تفعيل "صندوق الخسائر والأضرار" الذي وصلت ترتيبات تمويله الى 853 مليون دولار بحسب رئيس COP 28 ووزير الصناعة والتكنولوجيا الإماراتي الدكتور سلطان الجابر. كما تم إطلاق صندوق "Alterra" الذي يمكن اعتباره أكبر صندوق لتمويل العمل المناخي، والذي أبرم صفقات بقيمة 6,5 مليارات دولار مع "Black Rock" و"TPG" و"Brookfield Asset Management" في أواخر العام الماضي، لدعم مشاريع لإنتاج الطاقة النظيفة. فهذا النموذج قادر على إطلاق 250 مليار دولار من تمويل المناخ بحلول عام 2030.
وأهمّ ما تحقق أيضاً في "COP 28" هو الإطار التعاونيّ بين رئاسات "COP 28" – "COP 29" – "COP 30"، حيث ركّز الجابر على الهدف المشترك المرتبط بحرارة الأرض.
وبحسب المراقبات الأخيرة، فإن عام 2024 يُعتبر العام "الأشد دفئًا" و"العام الوحيد" الذي يزيد فيه متوسط درجات الحرارة عن مستويات ما قبل الصناعة بمقدار 1.5 درجة مئوية، الأمر الذي يُعدّ التحدّي الأبرز الذي يواجهه العالم في “COP 29” الذي بدأت أعماله أمس في دولة أذربجيان.
في باكو – أذربيجيان تلتقي 200 دولة من حول العالم بهدف دعم تمويل المناخ، خصوصاً في الدول النامية التي قد تتأثر سلباً بالتغيّر المناخي، إضافة الى استكمال دعم "صندوق الخسائر والأضرار" للتعويض عن الاضرار الناتجة من الكوارث الطبيعية، كذلك تمويل مشاريع الطاقة النظيفة.
ويعوّل كثيرون على مؤتمرات المناخ لما قد تحمله من مقررات مشجعّة على تأمين مستقبل مستدام للبشريّة وكوكب الأرض.
غير أن الآمال قد لا تتحقق فوراً وذلك بفعل المقاربات المختلفة للدول التي تقدّم أحياناً مصالحها الاقتصاديّة المباشرة على مصلحة العالم، هذا العالم الذي بدأ ينتبه متأخراً للتحدّيات المناخية، بدءا من عام 1979 مع أوّل "اجتماع مناخي" في سويسرا اعتُبر آنذاك البناء الأوّل لـ"مؤتمر الأرض"، مؤتمر الأمم المتحدّة الذي عُقد من أجل البيئة والتنمية عام 1992.