خرج آلاف المتظاهرين إلى الشوارع في مدن رئيسية عدّة في أنحاء العالم أمس السبت للمطالبة بوقف إراقة الدماء في قطاع غزة مع اقتراب حلول الذكرى السنوية الأولى للصراع في الجيب الساحلي واتّساع نطاقه في المنطقة.
وشارك نحو 40 ألف متظاهر في مسيرة في وسط لندن، وتجمّع آلاف آخرون في باريس وروما ومانيلا وكيب تاون ومدينة نيويورك. ونظمت تظاهرات أيضاً بالقرب من البيت الأبيض في واشنطن، احتجاجاً على دعم الولايات المتحدة لحليفتها إسرائيل في الحملتين العسكريتين في غزة ولبنان، بالإضافة إلى تظاهرات في إيرلندا وفنزويلا وإسبانيا
وضع المتظاهرون في تايمز سكوير بمدينة نيويورك "الكوفية الفلسطينية" ذات اللونين الأسود والأبيض حول أعناقهم وردّدوا شعارات مثل "غزة ولبنان ستنتفضان والشعب معكما". ورفعوا أيضاً لافتات تطالب بمنع تصدير الأسلحة إلى إسرائيل.
واندلعت أحدث حلقة في الصراع الإسرائيلي الفلسطيني المستمر منذ عشرات السنين بعدما هاجم مسلّحون تقودهم حركة المقاومة الإسلامية الفلسطينية (حماس) جنوب إسرائيل في السابع من تشرين الأول (أكتوبر) 2023. وأدّى الهجوم إلى مقتل 1200 شخص واحتجاز 250 أسيراً، وفقاً لإحصاءات إسرائيلية.
وقتل الهجوم الإسرائيلي اللاحق على غزة ما يقرب من 42 ألف فلسطيني، وفقاً لوزارة الصحّة في القطاع، فضلاً عن تشريد كل السكّان تقريباً البالغ عددهم 2.3 مليوني نسمة.
وقالت المتظاهرة أجنيز كوري في لندن "للأسف ورغم حسن نوايانا، لا تعبأ الحكومة الإسرائيلية بشيء وهي ماضية ومستمرّة في أعمالها الوحشية في غزة، والآن في لبنان وفي اليمن وربّما أيضاً قد تحدث في إيران".
وأضافت "حكومتنا، حكومتنا البريطانية، للأسف توافق على ذلك وتستمر في تزويد إسرائيل بالأسلحة".
وفي جاكرتا عاصمة إندونيسيا، أكبر دولة إسلامية في العالم من حيث عدد السكّان، تجمّع ما لا يقل عن 1000 متظاهر مؤيّد للفلسطينيين صباح اليوم الأحد بالقرب من السفارة الأميركية مطالبين واشنطن بالتوقّف عن تزويد إسرائيل بالأسلحة.
وفي لندن، لوّح مؤيّدون لإسرائيل بأعلام خلال مرور محتجين مؤيّدين للفلسطينيين. وقالت الشرطة إنّها اعتقلت 15 شخصاً على هامش الاحتجاجات، ولم تحدد إلى أي فريق من المؤيدين ينتمي المعتقلون.
وفي روما، أطلقت الشرطة الغاز المسيّل للدموع واستخدمت مدافع المياه بعد اندلاع اشتباكات. وتحدّى نحو ستة آلاف محتج حظراً على تنظيم مسيرات في وسط المدينة قبيل ذكرى السابع من تشرين الأول.
وفي برلين، اجتذب احتجاج نحو ألف مشارك حملوا أعلاماً فلسطينية وهتفوا "عام من الإبادة الجماعية"، وهو مصطلح تعارضه إسرائيل وتقول إنّها تدافع عن نفسها. وانتقد محتجّون أيضاً ما ذكروا أنّه عنف الشرطة ضد المؤيّدين للفلسطينيين في ألمانيا.
وشارك مؤيّدون لإسرائيل أيضاً في برلين في احتجاج على تنامي معاداة السامية واندلعت مناوشات بين الشرطة وأشخاص يعارضون احتجاجات مؤيّدة للفلسطينيين.
وعلى مدار العام المنصرم، أثار حجم القتل والدمار في غزة بعضاً من أكبر الاحتجاجات على مستوى العالم منذ سنوات في موجة من الغضب، لفت مدافعون عن إسرائيل إلى أنّها خلقت مناخاً معادياً للسامية.
واتّسع نطاق حرب غزة في المنطقة إذ استقطبت جماعات متحالفة مع إيران في لبنان واليمن والعراق. وصعّدت إسرائيل بشكل حاد حملتها ضد جماعة "حزب الله" اللبنانية المدعومة من طهران في الأسابيع القليلة الماضية وأطلقت إيران وابلاً من الصواريخ على إسرائيل الأسبوع الماضي.
وفي باريس، قال المتظاهر اللبناني الفرنسي حسام حسين "نخشى اندلاع حرب إقليمية، لأن هناك توتّرات مع إيران في الوقت الراهن، وربما مع العراق واليمن".
وأضاف "نحن بحاجة حقّاً إلى وقف الحرب لأنّه لا يمكن تحمل وطأتها بعد الآن".
وفي حين يفيد حلفاء إسرائيل مثل الولايات المتحدة بأنّهم يؤيّدون حقّها في الدفاع عن نفسها، تواجه إسرائيل تنديدات دولية واسعة النطاق بسبب أفعالها في غزة، والآن بسبب قصفها للبنان.
ورفض رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو الانتقادات، واعتبر أن طريقة حكومته في إدارة الحرب تهدف لمنع تكرار الهجوم الذي شنّته "حماس" قبل عام تقريباً. وتقول واشنطن إنّها تدعم حق إسرائيل في الدفاع عن النفس.
وحذّرت وكالات حكومية أميركية يوم الجمعة من أن الذكرى السنوية لهجمات "حماس" في السابع من تشرين الأول قد تحفّز أفراداً على ارتكاب أعمال عنف. وكثّف المسؤولون في بعض الولايات ومنها نيويورك الإجراءات الأمنية من منطلق الحيطة والحذر.
وفي مانيلا، اشتبك ناشطون مع شرطة مكافحة الشغب بعد منعهم من تنظيم تظاهرة أمام السفارة الأميركية في العاصمة الفليبينية احتجاجاً على دعم واشنطن لإسرائيل.
ولم تفلح الدبلوماسية الدولية التي تقودها الولايات المتحدة حتى الآن في التوصّل إلى اتّفاق لوقف إطلاق النار في غزة، فـ"حماس" تريد اتّفاقاً ينهي الحرب بينما تقول إسرائيل إن القتال لن ينتهي إلا بالقضاء على الحركة الفلسطينية.