"ابن العاهرة بنيامين نتنياهو!".
الشتيمة التي أسرّ بها الرئيس الأميركي جو بايدن لأحد مساعديه، تبدو إلى اللحظة "المعلومة" الأكثر إثارة التي يكشفها الصحافي الأميركي الشهير بوب وودورد في كتابه الجديد WAR ("حرب")، والذي صدر اليوم الثلاثاء 15 تشرين الأول (أكتوبر).
الكتاب الـ 23 لوودورد يحتل منذ أيام صدارة مبيعات الكتب على موقع أمازون، ويأتي تتمة لأعمال الصحافي الأميركي الذي بلغ الحادية والثمانين من العمر، ولا يزال يعمل وفق أكثر مدارس الصحافة تقليدية ورسوخاً في آن، كما لو أنه يعمل على كشف فضيحة ووترغيت في سبعينيات القرن الماضي، يجمع المعلومات من المسؤولين المعنيين مباشرة بأحداث الكتاب الآنية، ويخبر مصادره بأنه سيسجل أحاديثهم، لكنه لن يكشف هوياتهم، قارعاً باب أي شخص يراه مصدراً جيداً للمعلومات.
"حرب" يدور حول ثلاث حروب، الروسية في أوكرانيا، الإسرائيلية في الشرق الأوسط، والرئاسية في البيت الأبيض. أبطال وودورد هذه المرة هم الذين على الغلاف المتقشف أسفل كلمة WAR التي تحتل النصف الأعلى من الصفحة، من اليسار إلى اليمين: فلاديمير بوتين، فلوديمير زيلينسكي، جو بايدن، كامالا هاريس، دونالد ترامب، وبنيامين نتنياهو.
شتيمة بايدن لنتنياهو كانت درة تاج الغضب المتراكم لسنوات في نفس بايدن والذي انفجر بحسب الكتاب في الربيع، بينما نتنياهو قد رمى غزة بأكثر من 45 ألف قنبلة، المئات منها يزيد وزن الواحدة منها عن ألفي رطل، في قصف يذكر بأسوأ أيام الحرب العالمية الثانية.
نتنياهو استمر في التعهد أمام بايدن بأنه سيقضي على آخر عنصر من حركة "حماس"، بينما استمر بايدن في القول بأن هذا مستحيل، مهدداً، في العلن وفي الأحاديث الخاصة مع نتنياهو بإيقاف مد إسرائيل بالأسلحة الهجومية.
عاد نتنياهو ليطلق وعداً جديداً بأنه سيغير استراتيجيته لقتل كبار الحركة، بأن يستنسخ العملية البطيئة التي استمرت لنحو سنة في اغتيال المسؤولين عن عملية الألعاب الأولمبية في ميونيخ العام 1972. تعهد بأن يقلع عن قصف المناطق المأهولة واستمر في النكث بوعوده.
استخدم بايدن كلمة الـ F، أكثر الشتائم شعبية في اللغة الإنكليزية، في وصف نتنياهو. "إنه شخص سيئ. لا يعير أدنى اهتمام لحماس، لا يعنيه إلا شخصه".
بايدن الذي كان يشعر بالمرارة الشديدة من كذب نتنياهو المتواصل عليه، كان يرى أن "بيبي" يحاول إنقاذ نفسه من السجن، مستغرباً أن "ثورة إسرائيلية داخلية لم تقع بالتصويت لطرده من منصبه".
في السابع من تشرين الأول العام الفائت، قدم بايدن دعمه الكامل غير المشروط لإسرائيل. بعد أربعة أيام فقط من هجوم "حماس"، فوجئ الرئيس الأميركي بنتنياهو يخبره أنه سيشن هجوماً استباقياً على "حزب الله" في لبنان. أجابه بايدن بأن ما ينوي فعله "سيؤدي إلى حرب إقليمية، ولا تعوّل على دعمنا لحربك الاستباقية ضد حزب الله".
سيعود بايدن، بعد اغتيال القائد في "حزب الله" فؤاد شكر، للصراخ على نتنياهو بما يمكن تعريبه "ما هذا بحق الجحيم بيبي!" What the f… Bibi، متابعاً أن صورة إسرائيل في العالم "تتحول بسرعة إلى وصفها دولة شقية".
نتنياهو دافع عن الاغتيال بالقول إن شكر "واحد من قادة الإرهابيين، ونحن وجدنا فرصة سانحة (للاغتيال) فاستغليناها"، مضيفاً: "كلما ضربت بقساوة أشد، كنتَ أكثر نجاحاً في المفاوضات".
أما نائبة الرئيس كامالا هاريس، فينقل الكتاب عن مصادر إسرائيلية بأن المرشحة الديموقراطية للرئاسة كانت "ذات وجهين" في تعاملها مع ملف غزة، إذ كانت في لقائها مع نتنياهو داعمة له في "حربه ضد حماس"، لكنها خرجت بوجه قاسٍ حين تحدثت للصحافة بعد اللقاء مشددة على وقف إطلاق النار.
"أنا لا أهدِّد"
الحرب الأخرى التي يجول وودورد في كواليسها هي الروسية بالطبع، متحدثاً عن لحظة مصيرية حين نقلت أجهزة الاستخبارات الأميركية نية فلاديمير بوتين إدخال الأسلحة النووية التكتيكية في الحرب. وزير الدفاع الأميركي لويد اوستن قال في اتصال هاتفي مع نظيره الروسي سيرغي شويغو: "إذا استخدمتم أي سلاح نووي، فأميركا ستتخلى عن كل القيود التي تلزم نفسها فيها في أوكرانيا، وهذا سيعزل روسيا على المسرح العالمي إلى درجة أنتم أنفسكم لن تستطيعوا استيعابها". حين أجابه نظيره بأنه لا يحب تلقي التهديدات، رد أوستن عليه: "أنا قائد أقوى جيش في التاريخ. أنا لا أطلق تهديدات".
حرب الكتاب الثالثة هي تلك المستمرة بين الكاتب نفسه وبين دونالد ترامب الذي كان نجم كتب الصحافي المخضرم الأخيرة بلا منازع، وقد رفع دعوى قضائية على وودورد بعد كتابه الأخير The Trump Tapes.
"النميمة" الجديدة التي يسرّ بها وودورد إلى قرائه هذه المرة هي الهدية السرية التي أرسلها ترامب إلى نظيره الروسي خلال السنة الأخيرة من حكمه في البيت الأبيض. الهدية كانت عبارة عن أجهزة اختبار كوفيد للاستخدام الشخصي لبوتين، في وقت كان الأميركيون، بحسب وودورد، يعانون نقصاً فادحاً في هذه الفحوصات في بلدهم نفسه.