قبل تسعة أيام من الانتخابات الرئاسية الأميركية وفي ظلّ منافسة شديدة، حشد دونالد ترامب أنصاره في "ماديسون سكوير غاردن" الشهيرة في نيويورك، فيما تعمل كامالا هاريس على تحفيز الناخبين في فيلادلفيا بولاية بنسلفانيا الحاسمة.
وبينما أظهر عدد من الشخصيات المعروفة دعمه المرشحة الديموقراطية في الأيام الأخيرة، من أمثال بروس سبرينغستين وبيونسي، يأمل ترامب في استعراض زخم حملته الانتخابية بوجود أنصاره في "الساحة الأكثر شهرة في العالم" التي انطلقت منها فرقة رولينغ ستونز ومادونا ويو تو واستضافت مباريات للدوري الأميركي للمحترفين وفرق هوكي الجليد الشهيرة.
واتّهم ترامب منافسته الديموقراطية، الأحد، بتدمير الولايات المتحدة. وقال أمام حشد في ساحة "ماديسون سكوير غاردن" مهاجماً هاريس: "لقد دُمّرتِ بلدنا. لن نتحمّل ذلك بعد الآن يا كامالا، أنتِ مطرودة. اخرجي. اخرجي. أنتِ مطرودة".
من جانبها، اختارت هاريس اعتماد تكتيك مختلف وتحفيز الناخبين بالتوجّه إلى أحيائهم، وفق فريق حملتها، مع التركيز على السود واللاتينيين، بنيّة جذب أكبر قدر من الأصوات في إحدى الولايات السبع الأكثر تنافسا والتي ستُرجّح كفّة الانتخابات. وقالت هاريس الأحد في فيلاديلفيا: "يجب أن لا نستفيق في اليوم التالي للانتخابات وأن نشعر بالندم".
تُبدي ميردا سكوت، وهي أميركية من أصل إفريقي، ثقتها بهاريس، وتقول "إنّها حقبة جديدة"، متحدثة عن الإثارة المتمثلة في رؤية "امرأة سوداء على رأس الدولة". وتضيف: "جهودها ستؤتي ثمارها وستحصل على الأصوات التي تحتاجها".
أمّا ترامب، فيسعى إلى تقديم نفسه في نيويورك التي شهدت إدانته مرّات عدة في محاكم مدنية وجنائية، على أنّه "الحلّ الأفضل لإصلاح كل ما خرّبته هاريس"، وفق فريق حملته.
وبهذه الطريقة، يواصل ترامب انتقاد نائبة رئيس الولايات المتحدة التي لم يتوقف عن مهاجمتها وتوجيه إهانات شخصية إليها واصفاً إيّاها بأنّها "مدمنة مخدرات" و"حمقاء". ويتطرّق ترامب في خطاباته إلى قضايا تتعلّق بالاقتصاد والتضخم وانعدام الأمن التي لم تتمكن إدارة الرئيس جو بايدن من معالجتها بالكامل.
"أمل"
نظّم الرئيس الأميركي السابق تجمّعه الانتخابي في ماديسون سكوير غاردن بعد أيام قليلة على تصريح جون كيلي، أحد كبار المسؤولين في البيت الأبيض خلال عهده، بأنّ المرشح الجمهوري ينطبق عليه تعريف الفاشيّ، وهو ما قالت هاريس لاحقاً إنّها تؤيّده.
وهذا المكان الذي ارتبط اسمه بمجموعة "بوند" (Bund) الداعمة لهتلر والذي شهد استضافة أحد تجمّعاتها عام 1939، من شأنه أن يكون حافزاً وراء خروج وسائل الإعلام بعناوين أكثر قتامة ضد ترامب.
ومن المقرّر أن يضم التجمّع الانتخابي لترامب داعمين ومساعدين مثل الملياردير إيلون ماسك الذي بات حضوره شبه دائم في حملات ترامب الانتخابية في الفترة الأخيرة.
وقبل ساعات من موعد بدء فعاليات التجمّع، بدأت الساحة تمتلئ بالمناصرين.
وقالت غيل لوبيز البالغة 55 عاماً: "لقد فعل الكثير من أجلنا، الناس يحدوهم الأمل". وأضافت: "أعتقد أنه سيضع حدّاً للحروب في أوكرانيا والشرق الأوسط".
وتعهّد ترامب البالغ 78 عاماً بألّا يكون دكتاتوراً "إلّا في اليوم الأول" الذي سيشهد سعيه لإغلاق الحدود الأميركية. كما تعهّد طرد ملايين المهاجرين الذين يتهمهم بـ"تسميم دماء البلاد".
ستردّ هاريس الثلاثاء على تجمّع ترامب بحشد مناصريها على مسافة قريبة من البيت الأبيض، حيث كان ترامب يخاطب مناصريه في السادس من كانون الثاني 2021 قبل أن يهاجموا مبنى الكابيتول.
وقالت إنّها ستنظّم التجمّع في هذا الموقع "لأنني أعتقد أن من المهم جدا للشعب الأميركي أن يفكر في هوية الشخص الذي سيشغل المكتب البيضوي في 20 كانون الثاني"، وفق تصريح أدلت به في مقابلة أجرتها معها قناة سي بي إس الأحد، محذّرة من "الخطر" الذي يمثله ترامب وسياساته.
وقالت: "سيكون أمثاله أولى أولوياته" وليس "الأشخاص الذين يعملون بجدّ، وكبار السن".
والسبت، اعتلت هاريس المنصة خلال تجمّع انتخابي في ميشيغن برفقة ميشيل أوباما التي تعدّ من الشخصيات المفضّلة لدى الأميركيين. وأعربت السيدة الأميركية الأولى السابقة عن "خوفها الحقيقي" من رؤية عودة ترامب إلى البيت الأبيض.
وقالت "كلّ آمالي المعلّقة على كامالا يرافقها أيضاً خوف حقيقي، خوف على بلادنا، خوف على أطفالنا، خوف من كل ما ينتظرنا إذا نسينا مخاطر هذه الانتخابات".
وبينما لم يعترف ترامب قطّ بهزيمته في انتخابات العام 2020، لا تزال هناك مخاوف من أن يرفض خسارته مرة أخرى في حال هُزم، الأمر الذي قد يدفع الولايات المتحدة إلى مسار الفوضى.
في ظلّ إدلاء أكثر من 40 مليون شخص بأصواتهم في الانتخابات المبكرة، يتّخذ الأميركيون قرارهم بين انتخاب أول رئيسة للبلاد أو الرئيس الأكبر سنّاً على الإطلاق.