النهار

بايدن واستراتيجية تجزئة الحرب... هل تناسب نتنياهو؟
يحيى شمص
المصدر: النهار
بايدن واستراتيجية تجزئة الحرب... هل تناسب نتنياهو؟
جو بايدن وبنيامين نتنياهو
A+   A-

عقب عملية "طوفان الأقصى" في 7 تشرين الأول (أكتوبر) العام الماضي، وأثناء زيارته لإسرائيل، حذر الرئيس الأميركي جو بايدن رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو من تكرار أخطاء اقترفتها الإدارة الأميركية بعد أحداث 11 أيلول (سبتمبر) 2001، ومن حينها يبدو الهدف الأعظم لدبلوماسية بايدن هو التوصل إلى وقف لإطلاق النار في غزة، لكن الرئيس المنتهية ولايته ربما لم يتوقع تحرك جبهات أخرى من اليمن إلى العراق وصولاً إلى لبنان، الذي بات جبهة حرب.

 

من هنا يعود السؤال عن استراتيجة أميركا في تجزئة ملفات المنطقة من جهة، ومحاولات إيران التفاوض عبر سلة واحدة ضمن ما يعرف بوحدة الساحات من جهة أخرى.

 

أي استراتيجية أميركية في لبنان وغزة؟

البيت الأبيض أكد في وقت سابق أن إبرام اتفاق لوقف إطلاق النار في غزة أولوية للرئيس الأميركي ويريد أن تنتهي هذه الحرب، وكأن الإدارة الأميركية مقتنعة بأن انتهاء حرب غزة هو بداية لفكفكة ملفات أخرى وحلها، ومنها لبنان.

 

والأميركي، يفصل دائماً الملفات ولا يتعاطى مع المنطقة كملف واحد، بحسب الخبير الاستراتيجي رياض قهوجي، وهذا ما ظهر جلياً بعد توقيع الاتفاق النووي الإيراني بين طهران ودول الغرب، رغم أن "دول المنطقة وتحديداً حلفاء واشنطن، كانت تسعى إلى أن يكون الاتفاق شاملاً، أي يتضمن ميليشيات إيران في المنطقة ودور طهران الإقليمي، إلا أن الأميركي رفض، وكان يتحدث دائماً عن فصل القضايا الشائكة في المنطقة".

 

 

بالنسبة لتطورات غزة، يشير قهوجي إلى أن قضية القطاع الفلسطيني "تعتبرها أميركا مرتبطة بإسرائيل داخلياً، وبشكل دولة إسرائيل وأمنها الداخلي، وبالتالي موضوع تعامل إسرائيل مع حركة حماس في غزة هو شأن داخلي إسرائيلي استخباراتي، والدليل هو قيام حكومة نتنياهو بتوكيل ملف غزة إلى جهاز الشاباك وهو جهاز أمني داخلي، أما لبنان فيتم التعامل معه من قبل جهاز الموساد، كونه ملفاً خارجياً".

 

ويذكّر قهوجي، في حديثه لـ"النهار"، بوجود نقطة تلاق بين الإسرائيلي والأميركي قائمة على فصل دائم لملفات المنطقة، فـ"لا يجمعان بين الوضع في غزة والحرب في لبنان"، معتبراً أنه "من الأسهل لأي مفاوض أن يفتح كل ملف على حدة، فغزة قطاع يحكمه طرف ليس معترفاً به دولياً، أما في لبنان هناك حكومة معترف بها دولياً ولكن يشارك بها حزب الله، وهو ذراع لإيران يخوض المواجهة الحالية".

 

ويتحدث قهوجي عن خلاف بين طبيعة الصراع في لبنان وغزة، قائلاً إن "عملية وقف إطلاق النار في غزة مرتبطة بالرهائن ومستقبل الوجود الإسرائيلي في القطاع، ومن سيحكم، وهناك اتفاق إسرائيلي - أميركي يشارك فيه قوى عالمية أخرى أيضاً يمنع عودة حماس للحكم في غزة"، أما  في لبنان، فهناك اختلاف بشأن سير العمليات العسكرية وأهدافها وشكل اليوم التالي للحرب.

 

ويرى أن "الإيراني أدرك أن الخطأ هو في الاستراتيجية التي حاول تطبيقها... وهي وحدة الساحات القائمة على جمع المحاور وفتحها سوياً، في محاولة لضغط إقليمي ودولي لإنهاء الحرب في الجبهة الأساسية (غزة)، ففتحت الجبهة في البحر الأحمر أيضاً للضغط على إسرائيل، لكن حتى الآن فشلت هذه الاستراتيجة فشلاً ذريعاً".


أين الخلاف الأميركي الإسرائيلي؟
الأميركيون لا يريدون الانجرار إلى حرب شاملة، لكنهم يتفقون مع الإسرائيليين على إضعاف "حماس" و "حزب الله"، ولكن إلى أي مدى؟

هذا السؤال يعتمد على التوقيت، إن كان قبل الانتخابات الرئاسية الأميركية أو بعدها، بحسب أستاذ العلاقات الدولية في جامعة جورج تاون الدكتور إدموند غريب.

 

في حال فوز الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب بالانتخابات الرئاسية، فإن الحل سيكون صعباً وستتراجع فرص التسوية إلى حد كبير، رغم أن ترامب يُحاول استمالة الجالية العربية في ولايات أميركية ومنها ميشيغن، التي تدعمه في الانتخابات نسبياً.

 

يشير غريب إلى أن مواقف ترامب التقليدية "مؤيدة لإسرائيل"، فهو الذي أعطى واعترف رسمياً بالقدس عاصمة للدولة العبرية، وأمر بوضع خطة لنقل السفارة الأميركية من تل أبيب إلى القدس، واعترف بسيادة إسرائيل على الجولان، وأقفل مكتب منظمة التحرير الفلسطينية في واشنطن. ولكنه لا يستبعد تحرر ترامب حالياً من نتنياهو، لسبب أن الأخير أعلن تأييد بايدن في آخر انتخابات وسارع إلى تهنئته بالفوز، كذلك فإنّ المرشّح الجمهوري يميل حالياً أكثر إلى عدم الانخراط في حروب جديدة، إلا إذا كان هناك خطر مباشر على الولايات المتحدة.

 

أما عن العلاقة بين بايدن ونتنياهو، فيؤكد غريب لـ"النهار"، أن "الوقت الآن هو الفرصة لنتنياهو للسير في سياسته الخاصة قبل الانتخابات الآميركية التي تعد مرحلة فاصلة".

 

بحسب غريب، تبقى نقطة الخلاف بين أميركا وإسرائيل هي "طريقة التعامل مع طهران"، فالولايات المتحدة ترفض الانجرار خلف نتنياهو والانخراط في حرب مباشرة مع إيران، خصوصاً أن نتنياهو يسعى لتدمير المنشآت النووية والنفطية الإيرانية، وهو ما سيؤدي إلى إضعاف النظام الإيراني كثيراً، وربما إسقاطه، مع العلم أن أميركا تخشى ارتفاع أسعار النفط، في حال قطع الإمدادات عبر مضيق هرمز.

الكلمات الدالة

اقرأ في النهار Premium