النهار

"حرب النجوم" في الانتخابات الرئاسية الأميركيّة: السويفتيون لكامالا وليس لترامب... إلّا إيلون ماسك
واشنطن - جهاد بزي
المصدر: "النهار"
في الحرب الضارية على جيلي الألفية وزد، وبغض النظر عن واقع عدم الوثوق بأن المسجلين منهما قد يفون بوعدهم ويقترعون، فهم أوراق محتملة لا يمكن إخراجها من دائرة التنافس التي تتقدم فيها هاريس على ترامب حتى الآن، وقد حاول ملء فجوة النجوم لديه بمقابلات مع مؤثرين شباب من أصحاب ملايين المتابعين على "يوتيوب" وغيره، من دون أن يبدو عليه أنه استعاد توازنه بعد اللكمة الرقيقة والقاسية جداً التي سددتها سويفت إليه بيد، بينما تحضن قطتها باليد الأخرى.
"حرب النجوم" في الانتخابات الرئاسية الأميركيّة: السويفتيون لكامالا وليس لترامب... إلّا إيلون ماسك
تايلور سويفت
A+   A-
مساء 10 أيلول (سبتمبر)، نشرت تايلور سويفت (34 عاماً) الصورة التي تحضن فيها قطها المحبوب بنجامين باتن، وأرفقتها ببيان طويل أعلنت فيه تأييدها كامالا هاريس وتيم والز شارحة أسباب هذا التأييد.

الخبر تحول إلى عاجل على القنوات الأميركية برمّتها، وسرى كالنار في هشيم السوشال ميديا، وبدا كحبة الكرز فوق كعكة حلوى ليلة هاريس التي، وإن لم تقض على ترامب بالضربة القاضية، إلا أنها على الأقل خرجت فائزة بالنقاط. 

 قد تجد هذه السطور قارئاً يجهل من تكون تايلور سويفت، أو أنه التقى اسمها عرضاً، إن من ابن أو حفيدة ينتميان إلى الجيلين الأكثر شباباً على سطح الكوكب، جيل الألفية و"الجيل زي". لذا من الأفضل التعريف بها بسرعة.

سويفت، إذاً، ثلاثينية أميركية بيضاء، بدأت مسيرتها الفنية مراهقة بكتابة أغاني كونتري وتلحينها وأدائها، وصعدت إلى النجومية بسرعة أسطورية، وتربعت على عرش "البوب كالتشر" بصفتها "مس أميركانا" كما سماها وثائقي "نتفلكس". سويفت الآن ظاهرة تُدرّس في الجامعات، حرفياً وليس تشبيهاً مجازياً. في هارفرد يعطى طلاب قسم الإنكليزية صفاً عنوانه "تايلور سويفت وعالمها". وعالم تايلور سويفت لا يقف عند الهوس الجماعي الذي يرافق حفلاتها حيث تقيمها، ومنها طقوس التحضير "لتجربة العمر" التي تدفع المراهقين إلى الاقتراض من البنوك لتغطية نفقات بطاقة الحفل والسفر والإقامة وتحفيز الاقتصادات المحلية في المدن المحظوظة التي تقرر سويفت الغناء فيها. علاقة الجمهور الشاب بالفنانة المليارديرة التي تحافظ على الظهور بلايف ستايل أقرب ما يكون إلى الأميركية العادية، أشبه بالعلاقة الروحانية التي تقف فيها سويفت ملهمةً يتطلع إليها من يسمون أنفسهم "سويفتيز". 

هؤلاء السويفتيون عصبة عالمية متحدة ومتحفزة، ومسرحها الأول والأخير السوشال ميديا. وفي بيان تأييد هاريس الموجه إلى جيشها الشاب ضمناً، لم تطلب سويفت منهم أن يقترعوا لمن قررت أن تقترع لها، لكنها طلبت ممن يحق له التصويت أن يسجل اسمه في الموقع الإلكتروني الرسمي لهذا الغرض. هكذا، وخلال أربع وعشرين ساعة من منشور سويفت، سجل الموقع دخول ما يزيد عن 400 ألف متصفح.

لم يمر تأييدها هاريس من دون ارتدادات. على "تيكتوك" راح "سويفتيو ماغا" يحطمون ألبوماتها، بينما قرر آخرون  إعلان الاستمرار في حبهم لها، ودعم ترامب مع ذلك. في المقابل، هللت تجمعات مثل "سويفتيز من أجل هاريس" لبيان الملهمة واستغلوه لجمع المزيد من التبرعات لمرشحتهم، واستمر سيل "الميمز" و"الميمز" المضادة، وما إن بدأت تخبو الضجة حتى أطلق دونالد ترامب صرخته الغريبة على منصته "تروث سوشال": أنا أكره تايلور سويفت، فاندلعت النار من جديد في برامج "التوك شو" الليلية وعلى جبهات "تيكتوك".
هذه العاصفة التي أثارتها سويفت لا تعني تغييراً في النتائج المحتملة للانتخابات الرئاسية. سويفت لم تكسر عرفاً يمنع النجوم من التدخل في السياسة الأميركية. مشاهير أميركا "يحكون" في السياسة منذ زمن بعيد جداً ويعبرون عن انحيازهم لمرشح ضد الآخر من دون مواربة، ومذ ظهر ترامب، النجم التلفزيوني بدوره، على السلم المتحرك في نيويورك، بات أعداؤه من النجوم أكثر تعبيراً عن رفضهم لظاهرته، وصولاً إلى روبرت دينيرو الذي يشتم ترامب، ويعيدها مراراً منعاً لأي التباس. ونجوم صف أول مثل ميريل ستريب وجوليا روبرتس وبن ستيلر وكريس روك جمعتهم أوبرا وينفري (النجمة بدورها) أخيراً في لقاء ترويج انتخابي صافٍ لهاريس. ولأن الجميع ضالع في النقاش السياسي الأميركي المتشعب من السياسة الخارجية إلى حق المرأة بالإجهاض، فلكل موقفه الذي كان في العادة منقسماً بين محافظين وليبراليين، ليتحول طوال السنوات الثماني الماضية إلى انقسام بين ترامبيين ومعادين للترامبية. 

انخراط النجوم المكرسين في الانتخابات ليس جديداً، وتأثيره لا يذكر عادة في تغيير رأي الناخب الذي لن ينقلب من جمهوري إلى ديموقراطي بسبب نجمه المفضل، بخاصة أن "هوليوود" كصناعة، محسوبة على الليبراليين، ومعها معظم عالم إنتاج الموسيقى. و"الشو بزنس". وفي هذا العالم المحكوم بالمال والشهرة والخوف من "ثقافة الإلغاء"، يظل ابتعاد النجوم عن الدعم العلني لترامب وماغا خياراً أكثر أماناً، حتى لا يبقى من يمزق قميصه حباً له في المؤتمر الجمهوري إلا هالك، المصارع المتقاعد الذي عفّى عليه الزمن منذ وقت بعيد.
تايلور سويفت، في المقابل، قد يكون لها تأثير على العملية الانتخابية نفسها بغض النظر أي مرشح سيكسب منها. ستيفاني بيرت، الأستاذة في هارفرد تقول إن "السويفتيز" في معظمهم من الإناث البيض الشابات غير المهتمات بالسياسة. حين تطلب منهن سويفت أن يتسجلن للاقتراع ويتحمسن لذلك، فكل واحدة منهن ستحمس على الأقل أربع صديقات أخريات، وهكذا. ومعظمهن، بحسب بيرت، سيقترعن لمن سمتها سويفت. 

وفي الحرب الضارية على جيلي الألفية وزد، وبغض النظر عن واقع عدم الوثوق بأن المسجلين منهما قد يفون بوعدهم ويقترعون، فهم أوراق محتملة لا يمكن إخراجها من دائرة التنافس التي تتقدم فيها هاريس على ترامب حتى الآن، وقد حاول ملء فجوة النجوم لديه بمقابلات مع مؤثرين شباب من أصحاب ملايين المتابعين على "يوتيوب" وغيره، من دون أن يبدو عليه أنه استعاد توازنه بعد اللكمة الرقيقة والقاسية جداً التي سددتها سويفت إليه بيد، بينما تحضن قطتها باليد الأخرى.

نجم شهير جداً يقف وحده في صف ترامب هو إيلون ماسك. إلى المنصة نفسها حيث تعرض ترامب لمحاولة اغتيال، صعد ماسك الأحد ومشى خلف ترامب الذي يقدمه إلى الجمهور، ثم راح يقفز في الهواء بطريقة أقل ما يقال فيها إنها غريبة. "الميمز" التي ولدت لحظة قفز، وستنمو في الأيام المقبلة، لن تساعد ترامب في جذب شباب أميركا، وإن كانت ستضحكهم كثيراً.      

اقرأ في النهار Premium