النهار

هل يكون دعم فانس لإسرائيل فاتراً؟
جورج عيسى
المصدر: "النهار"
"انعزاليته" أثارت حفيظة مراقبين مؤيدين لتل أبيب
هل يكون دعم فانس لإسرائيل فاتراً؟
المرشح عن الحزب الجمهوري إلى نيابة الرئاسة جيه دي فانس (أ ب)
A+   A-

منذ أن اختاره الرئيس السابق دونالد ترامب ليكون مرشحه إلى نيابة الرئاسة، عانى جيه دي فانس في جذب الأضواء إليه، وبالتحديد، الإيجابية منها. كان الرجل هدفاً لنكات انتشرت بشدة على مواقع التواصل الاجتماعي، وقد تراوحت بين الصحيح والملفق. افتقر فانس إلى الكاريزما على المنابر وإلى القدرة على جذب الأصوات التي لا يستطيع ترامب جذبها، وخصوصاً بين النساء. أدى ذلك إلى طرح تساؤلات عما إذا كان الرئيس السابق سيدعوه في الكواليس إلى الخروج من البطاقة الرئاسية.

 

بالمقابل، كان منافسه على التذكرة الديموقراطية تيم والز حيوياً وصاحب جاذبية أفضل، حتى أن توصيفه لترامب بـ "الغريب" انتشر على نطاق واسع، ونال استحساناً بين المراقبين الليبراليين. انقلب المشهد بشكل كبير ليلة مناظرة نائبي الرئيسين يوم الثلاثاء الماضي، حين خرج قسم واسع من المراقبين ليقول إن فانس بدا أكثر إقناعاً.   

 

السؤال الأول

قبل انطلاق المناظرة التي رعتها "سي بي إس نيوز" بين المرشحَين، قصفت إيران قواعد عسكرية إسرائيلية بنحو 180 صاروخاً باليستياً. مثل هذا الحدث مناسبة لافتتاح المناظرة بسؤال لوالز وفانس عما إذا كانا سيدعمان ضربة إسرائيلية "وقائية" على إيران، على افتراض وجودهما في غرفة العمليات.

 

تحدث والز عن أن أصل المشكلة بدأ في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023 مع هجوم "حماس" التي وصفها بـ "الإرهابية"، وتطرق إلى أهمية القيادة الأميركية، ليتسلل منها إلى انتقاد مؤهلات ترامب القيادية. ثم أشاد بقدرات المرشحة الرئاسية كامالا هاريس على صوغ التحالفات.

 

رد فانس بتذكير مشاهديه بالردع الذي فرضه ترامب قائلاً إن إيران "التي أطلقت هذا الهجوم" حصلت على 100 مليار دولار من الأصول المجمدة بفضل إدارة هاريس، الأمر الذي مكنها من مهاجمة حلفاء أميركا وقد يمكنها من مهاجمة أميركا نفسها في نهاية المطاف. وبعدما أشار إلى أهمية نهج "السلام من خلال القوة" الذي اعتمده ترامب، قال إن "الأمر يعود إلى إسرائيل في ما يعتقدون أنه يجب فعله لإبقاء بلادهم آمنة ويجب أن ندعم حلفاءنا أينما كانوا وهم يحاربون الرجال الأشرار. أعتقد أن هذا هو النهج الصحيح لاتخاذه عندما يتصل بالسؤال عن إسرائيل".

 

"لا شيء"

لم يكن جواب فانس مقنعاً بالنسبة إلى داعمي إسرائيل في الولايات المتحدة. في مجلة "ذا أتلانتيك" الأميركية، كتب محرر خطابات الرئيس الأسبق جورج بوش الأب ديفيد فروم أنه عرف فانس لنحو 15 عاماً وأن الأخير أعاد اختراع نفسه. ولفت الكاتب إلى أن المناظرة تركت أثرها فيه عند ثلاثة مواضيع جوهرية. "الأول أن فانس فعلاً ليس صديقاً لإسرائيل". وبعدما أشار إلى أن فانس يكره التحالفات، أضاف فروم: "إذا كنتم تهتمون بإسرائيل، فما سمعتموه كان لا شيء حين كانت هناك حاجة لوجود شيء". بحسب وجهة نظره، لم يقدم فانس تضامناً ولا تعاطفاً، وكانت رسالته في هذا الجواب رسالة تخلٍ لا دعم.

 

وأظهر تقرير لمجلة "فوروورد"، وهي مجلة أميركية يهودية، تصوراً مشابهاً بشأن أن فانس تفادى بشكل عملي الإجابة على السؤال، لكن كان هذا أيضاً الاستنتاج الذي خلص إليه كاتبا التقرير بالنسبة إلى إجابة والز.

 

انعزالية؟

ربما تنبع نظرة فانس إلى إسرائيل من نظرته الأوسع إلى العالم والتي تعبر عن ميل انعزالي لدى قسم كبير من الجمهوريين. لكن فانس رفض مقارنة مواقفه تجاه أوكرانيا – هو لم يصوت على حزمة المساعدات العسكرية الأخيرة لكييف – بمواقفه تجاه إسرائيل. في منتدى لـ "معهد كوينسي" عُقد في أيار (مايو)، قال إنه "من الغريب" وضع أوكرانيا وإسرائيل في سلة واحدة لأنهما ليستا كذلك، مشيراً إلى أن السياسيين يحتاجون إلى صياغة أفضل لحججهم عن أن دعم إسرائيل هو "أفضل مصلحة" لأميركا.

 

وذكر أن المجتمع الإسرائيلي هو من الأكثر دينامية وتطوراً على الصعيد التكنولوجي مشيداً بنظام "الشعاع الحديدي" الذي يطوره الإسرائيليون. وذكر فانس أيضاً "إيمانه المسيحي" كسبب للدفاع عن إسرائيل مشيراً إلى أن المسيح "ولد ومات وقام من الموت في ذلك الشريط الضيق من الأرض على المتوسط".

 

وأضاف في إشارة محتملة إلى استراتيجيته الأوسع التي قد تناقض خياراً انعزالياً بالمعنى الضيق للكلمة: "إننا نريد أن يتولى الإسرائيليون والسنّة (في اتفاق سلام موسع) مهمة مراقبة منطقتهم من العالم. ونريد أن يتولى الأوروبيون مهمة مراقبة منطقتهم من العالم، ونريد أن نتمكن من التركيز بشكل أكبر على شرق آسيا".

 

سؤال أخير

كتبت حنة غليوت في "ذا جويش كرونيكل" أن فانس يتبع سياسة "أميركا أولاً" لكن مع توسيع المفهوم ليشمل إسرائيل. بينما يعتقد آخرون أن نظرة فانس تجاه إسرائيل تستند إلى مصلحة شخصية ضيقة. في 16 تموز (يوليو)، شكك مراسل صحيفة "هآرتس" بن صمويلز بتصميم فانس على الوقوف إلى جانب تل أبيب مشيراً إلى أن مؤيدي إسرائيل رحبوا بفانس فقط لأن لا خيار آخر أمامهم. وعرض أسماء أخرى فضلها اليهود الجمهوريون مثل النائبة إليز ستيفانيك والمتشددين ضد إيران مثل حاكم داكوتا الشمالية دوغ بورغوم وعضوي مجلس الشيوخ تيم سكوت وماركو روبيو.

 

واستنتج أن انقلاب موقف فانس من وصف ترامب بـ "هتلر أميركا" إلى قبوله الترشح على بطاقته، يعني أن الرجل مهتم بمصلحته الشخصية، وأنه سيتبع السياسة الإسرائيلية التي يقول له ترامب أن يتبعها. مع ذلك، تساءل صمويلز: "ما الذي سيحصل حين لا يتبقى لفانس أحد كي يتبعه؟"

 

لن يعرف أحد الإجابة على هذا السؤال قبل سنة 2028؛ على افتراض فوز ترامب في 2024.

اقرأ في النهار Premium