النهار

من مدينة حلب السورية، حيث الجذور العريقة والنكهات الأصيلة، هاجر "الشيف" محمد أورفلي وشقيقاه في عام 2006 إلى دبي، حيث أرض الأحلام بحثاً عن فرص ذهبية وموطن يحتضن إبداعاتهم في عالم الطبخ. وبعد 15 عاماً من كسر القواعد والعناد المستمر لأجل تحقيق الحلم، قرروا الانطلاق بمطعمهم الخاص ليصبح "أورفلي برو"، المكان الذي يحمل رسالة حب تجمع بين عراقة سوريا ونكهات العالم، بين أهم 100 مطعم عالمي، والأول في الشرق الأوسط وفق تصنيف قائمة "ميشلان" لعام 2024.

مطعم صغير يقع على زاوية من زوايا شارع الجميرا النابض في دبي. بدأ رحلة صعوده في عام 2021 كفكرة لطهو يجمع بين النكهات الشامية المعروفة في حلب، ومذاقات متنوعة مستوحاة من ثقافات البحر المتوسط وآسيا وأميركا. ومن خلال مهارة الأخ الأكبر، "الشيف محمد"، وخبرته التي اكتسبها من عمله شيف رئيسي في قناة "فتافيت" المتخصصة في الطهو العالمي، أصبح المطعم يتماشى مع أبرز معايير "ميشلان" العالمية، انطلاقاً من تجارب الطعام الاستثنائية المقدّمة من حيث جودة المكوّنات، وتناغم النكهات، ومدى إتقان أساليب الطهي، وشخصية "الشيف" التي تنعكس في أطباقه، وصولاً إلى درجة اتّساق قائمة الطعام بأكملها وكافة الأطباق مع مرور الوقت. لذا، يعرّف الأخوة أورفلي مشروعهم باسم "مطبخ دبي، كونه يرتكز على التعديل بين النكهة السورية الحلبية المدينة التي ينتمون لها وبين نكهات المطابخ العالمية التي توجد في الإمارات"، كما يقول الشيف محمد أورفلي لـ"النهار".

مذاق دبي في العالم
بفخر، يسرد أورفلي الإنجازات المحققة: "نحن 3 شباب سوريون من حلب، نقدّم الطعام الذي نحبّه، لذلك نقدّم مطبخاً جديداً في عالم الطبخ، يمثل التنوع الثقافي للمجتمع الاماراتي، وخصوصاً في دبي".

يتابع محمد: "تتميز أطباقنا بأنها لا تشبه أي صنف في مطاعم أخرى، رغم أنها شيء من كل شيء. مثلاً، طبق أطلقت عليه اسم ’Shish Barak a la gyoza‘ هو طبق فيه لمسة آسيوية لزلابية اللحم الشامية التقليدية المغطاة بزيت السجق، مستوحى من النكهات الحرّاقة لمقاطعة سيتشوان الصينية. أو مثلاً حين أقول لك ’Guess What‘، فسيكون الطبق عبارة عن سلطة الفتوش اللبنانية مع خليط السلطة اليونانية، وحساء "جازباتشو" (حساء إسباني بارد) في طبقٍ واحد".

إذاً، بدأت الرحلة والهوية من حلب إلى دبي ومن دبي إلى العالم. يقول: "حزنا على المرتبة السادسة من دليل أفضل 50 مطعماً في الشرق الأوسط، والمرتبة 87 عالمياً. في هذا العام، كسرنا القواعد لأننا في مطعمنا نكسر القواعد دائماً، وحصلنا على نجمة "ميشلان"، وننتقل للمرة الأولى من فئة الذاوقة إلى فئة ميشلان، وهذا ما لم يحصل سابقاً في العالم… لقد كسرنا القاعدة في ’أورفلي برو‘".

السرّ في الخلطة… والعائلة
الاختلاف في اختيار المكونات المتجانسة مع بعضها وطريقة تقديمها في أطباق مزيّنة فيها لمسة من الفن التشكيلي جعلت "أورفلي برو" يفوز باللقب الأول للسنة الثانية على التوالي (الأولى كانت في عام 2023) كأفضل مطعم بين 50 مطعماً في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، بينهم 18 مطعماً في دبي، فيما تقاسمت عمّان والقاهرة المركز الثاني بخمسة مطاعم لكل منها، وتشاركت مراكش وبيروت المركز الثالث بثلاثة مطاعم لكل منهما، فضلاً عن حصوله على جائزة "بيب غورماند" العالمية. وزيادة على هذا، حصل المطعم على شهادة تقدير من مؤسسة "FooDiva" لمراجعات المطاعم في دولة الإمارات.

يعتمد نجاح "أورفلي برو" أيضاً على التعاون الوثيق بين الأخوة الثلاثة. يساعد الشيف محمد، الذي يتولّى منصب رئيس الطهاة، شقيقيه وسيم وعمر اللذين يديران قسم الحلويات، والتي تتميز بنكتها وطريقة تقديمها. انعكس هذا التعاضد إيجاباً على علاقتهم بزبائنهم الذين ينسجون معهم علاقات عائلية، لا علاقة صاحب مشروع مع زبون.

يتميز المطعم بديكور يجمع بين روحانية العصر الإيطالي القديم وسحر الشرق الأوسط، ويستند إلى أسلوب بسيط لكن عميق في التصميم، ليمنح الزوار تجربة تجمع بين الأناقة العصرية والتراث الشرقي الأصيل. تصميمه المتواضع مقارنة بمطاعم أخرى فاخرة يضفي على المكان طابعاً أكثر دفئاً، ما يعكس فلسفة الأخوة أورفلي في تقديم تجربة مميزة تستند على البساطة والجمال.