"كريستيان ديور صانع الأحلام"، إنه حقاً كذلك... دخولي عالم ديور واستكشافي لتصاميمه والمصممين المحترفين الذين تولّوا قيادة الدار بعده، حلمٌ تحقق في العاصمة السعودية الرياض. هذه الماركة العالمية التي اعتدتُ أن أرى متاجرها في الأسواق الراقية أو تصاميمها على النجوم والمشاهير، أُتيحت لي فرصة الدخول إلى عالمها. تجربة أشبه بالحلم بالنسبة لشابة عشرينية عادية. فأثناء تجولي في المعرض، من غرفة إلى أخرى، شعرت وكأنني انتقلت إلى عالم آخر كأفلام ومسلسلات ديزني.
حالفني الحظ لوجودي في الرياض تزامناً مع افتتاح المعرض، خصوصاً أن مثل هذه المعارض تُقام عادةً في المدن الأوروبية أو الأجنبية. إلّا أن الهيئة العامة للترفيه وبإدارة المستشار تركي آل الشيخ قررت افتتاح معرض "كريستيان ديور: مصمم الأحلام" ضمن فعاليات موسم الرياض، بعد أن حقق نجاحاً باهراً في متحف الفنون الزخرفية في باريس. ولأنها كانت زيارة مميزة بالنسبة لي، قررت أن أشارككم مشاهداتي في اليوم الأوّل للافتتاح في المتحف الوطني السعودي بمنطقة المربع.
بدأت جولتي في المعرض الذي أشرف على إعداده المؤرخ الفني فلورنس مولر، ومصممة السينوغرافيا ناتالي كرينير، بمخطط زمني يعرض حياة كريستيان ديور، بدءاً من 21 كانون الثاني (يناير) 1905، وهو اليوم الذي وُلد فيه في مدينة غرانفيل في فرنسا، حتى أصبح أحد أهم وأشهر المصممين في العالم. وفور مروري من المدخل، انتقلنا إلى "رحلة الأحلام"، حيث استقبلني الفستان الأوّل في المعرض: فستان سهرة من التفتا المغطى بحرير مخطط من مجموعة الأزياء الراقية لربيع وصيف 1952، "سينويوز" (Sinueuse).
وعلى أنغام الموسيقى الحالمة في الخلفية، دخلت إلى غرفة مليئة بفساتين الأزياء الراقية من حقبات زمنية عدة لمصممي ديور، بدءاً من المؤسس الراحل، وصولاً إلى إيف سان لوران، مارك بوهان، جيانفرانكو فيريه، جون غاليانو، راف سيمونز، وحالياً ماريا غراتسيا كيوري. وإلى جانب ابتكارات كل مصمم، ظهرت صورة له بريشة الفنان مينغ هنا. هذا هو "إرث ديور"
"الزهور هي أروع الكائنات بعد النساء"
بعد الغرق في سحر تصاميمه الراقية للحفلات الفاخرة والألبسة الجاهزة التي أطلق المجموعة الأولى منها في أيلول (سبتمبر) 1967 تحت اسم "مس ديور"، عبرتُ من غرفة "النجوم في تصاميم ديور" إلى جزئي المفضل "حب ديور للحدائق". شدّني ارتباط الورود والطبيعة بطفولة ديور، وكيف حوّل مشاعر الحنين إلى الماضي تلك إلى تفاصيل دقيقة مطرّزة على فساتينه، واستلهام من تبعوه المشاعر نفسها في أعمالهم الخاصة.
وأستطيع أن أقول إن أبرز ما لفت انتباهي في المعرض هي الرحلة البصرية الحالمة التي عكست جمال طبيعة واحة العلا، الكنز التاريخي في منطقة المدينة المنورة. وقد استعرضت هذه الرحلة سلسلة من الفساتين الساحرة بين الصخور من رمال الصحراء، مجسدةً أناقة ديور من الماضي إلى الحاضر.
"أصمم فساتيني كهندسات أثيرية لإبراز جمال المرأة"
ابتكر ديور نهجاً شاملاً للأزياء العصرية، حيث قدّم للنساء منتجاته "من الرأس حتى أخمص القدمين"، كما كان يحلم دائماً. وقد أولى المعرض اهتماماً خاصاً لإبراز هذا الجانب، فاستعرض مجموعات دار "ديور" المتعددة في مجالات متنوعة، بما في ذلك الحقائب، وأبرزها حقيبة "ليدي ديور" الشهيرة التي جابت العالم عبر 9 نسخ ضمن مشروع "ديور ليدي آرت".
وضمّ المعرض موضوعات أخرى مثّلت إرث الدار، منها "مس ديور" (Miss Dior) و"جادور" (J’adore)، بالإضافة إلى "شغف فرساي" (Versailles Passion)، المستوحى من المقر الملكي في فرساي، مصدر الوحي الدائم لديور. أما "كولوراما" (Colorama)، فهي لوحة ألوان من دار "ديور" شملت المجوهرات، مستحضرات التجميل، الفساتين، القبعات، حقائب اليد، القفازات، العطور، والأحذية، وأبرزت بشكل أساسي إكسسوارات "ديور".
أتاح موسم الرياض فرصة استثنائية للتعرف عن كثب على ماركة عالمية عريقة مثل ديور، واستكشاف إرثها الغني الذي يمتد لعقود من الزمن.
وقبل ذلك، في الشهر نفسه، قدّم المصمم اللبناني العالمي إيلي صعب عرضاً مستوحى من عالم "ألف ليلة وليلة" في العاصمة السعودية، بالتعاون مع هيئة الترفيه برئاسة المستشار تركي آل الشيخ. هذا كله يؤكّد أن المسار المقبل يبدو مستمراً بنفس وتيرة التميز والإبداع والتطور، وهو ما يتماشى بطبيعة الحال مع رؤية السعودية 2030.
[email protected]