في بداية عطلة الأسبوع، قرّرتُ أن أقصد المقهى المجاور لمحلّ إقامتي في العاصمة السعودية الرياض، والذي له فروع عدّة في المملكة، لاستكشاف الكوب الجديد الذي ارتفع سعره من 24 ريالاً سعودياً فبلغ أرقاماً خيالية في أقلّ من أسبوع، محدثاً ضجة كبيرة بين روّاد المقهى وعلى "السوشيل ميديا"، خصوصاً بعد دخول الكوب السوق السوداء بسعر قيل إنه وصل إلى مليون ريال سعودي!
أعترفُ بأن الضجة التي أثيرت حول كوب سلسلة مقاهي "هاف مليون" (1/2 M)، الذي يأتي بألوان مختلفة ونوعين، أحدهما حافظ للحرارة والآخر للبرودة، شدّتني للتوجّه، من باب الحشرية، إلى المقهى لاستكشاف هذا الكوب الجديد. فكوني من الـ "Gen Z"، وفق ما يُطلق علينا، تجذبني هذه الأفكار المثيرة و"الترندات"، مع حرصي على عدم الانجرار وراء الصيحات الرائجة دائماً، لأنه عادة ما ينتهي هوسها بسرعة.
أخيراً، حسمتُ أمري وذهبت إلى المقهى، ولكنني قوبلت بالإجابة المتوقعة: "إنّه غير متوفر".
تتساءلون الآن، ما هو سرّ رواج هذا الكوب؟
سأقول لكم... إنّه لون الكوب. ففي الوقت الذي أقتني اللون التقليدي منه، وهو الفيروزي، ولدى الآخرين اللون الأسود والأبيض والأخضر الداكن، أطلق المقهى لوناً جديداً هو "الوردي"، وبنفس السعر الأصلي البالغ 24 ريالاً سعودياً (6 دولارات أميركية تقريباً) مع مشروب مجاناً.
في 12 تشرين الأوّل (أكتوبر)، شاركت سلسلة المقاهي السعودية، التي يملكها رجل الأعمال الشاب عبدالله بن محمد الراجحي في حملة التوعية بسرطان الثدي، التي تقام في كل عام على مستوى العالم، لتشجيع النساء على الكشف المبكر والفحص عن سرطان الثدي، فأطلقت أكواباً جديدة باللون الورديّ الذي يرمز إلى الحملة.
بعد ذلك، أعلنت حسابات سلسلة مقاهي "هاف مليون" عبر مواقع التواصل الاجتماعي توافر الأكواب الجديدة باللون الورديّ، في كل فروع المملكة الـ 47، وفي فرع آخر خارج المملكة، مما أحضر مشهدية طوابير طويلة واكتظاظ شديد في الفروع للحصول على "الكوب الوردي المميز"، وفق ما وصفه حساب "الترند السعودي".
مصدر الصورة: إكس
عند نفاد كمية الأكواب بالكامل، بعد أيام قليلة من طرحها، بدأ البعض بعرض أكوابه على المواقع الإلكترونية المتخصصة في البيع في السعودية، وارتفع سعر الكوب الواحد من السعر الأصلي إلى مبالغ خيالية وصلت إلى ستة أصفار.
زحمة غير عاديه على مق هاف مليون 🤯! pic.twitter.com/qqChc0ZIBA
— Golden Places (@Golden_Places) October 13, 2024
بماذا تذكّرنا هذه الأكواب؟
تتشابه الضجة حول هذه الأكواب الحافظة للحرارة مع "ترند" أكواب شركة "ستانلي" (Stanley) الأميركية الشهيرة، التي نراها اليوم بأيدي معظم المؤثرين على مواقع التواصل الاجتماعي حول العالم. لكن أكواب "ستانلي" تختلف عن الأخرى في "هاف مليون" بكثرة ألوانها ومستوى الأسعار، إذ إن أسعار الشركة الأميركية باهظة الثمن مقارنة بالسلسلة السعودية.
تقودنا "ترندات" مواقع التواصل الاجتماعي في أغلب الأحيان إلى شراء العديد من الأشياء التي لا نحتاج إليها. وعلى الرغم من أن هذه الأكواب جذابة، ويمكنها استيعاب كمية معقولة من السوائل، فضلاً عن أنها تحافظ على مشروباتنا دافئة لساعات، فإن الغريب في الأمر هو المبالغة في استهلاك هذه الأشياء، سواء أكان من حيث الشعور للحصول على ألوان مختلفة منها، أمن حيث تزيين هذه الأكواب وشراء الأكسسوارات لها.