تفاوتت طرق تفاعل الفنانين والمشاهير مع مآسي الشعب اللبناني الرازح تحت حرب إسرائيلية همجية. البعض أشاح بنظره بعيداً، وشريحة أخرى "رفعت العتب" بعبارات نصفها إنساني، ونصفها رمادي، لا يمّكن قارئها من معرفة الجلاد فيها، بالرغم من وضوح العدوان ومرتكبه.
أما المتعاطفون مع بلد مقهور، فاختاروا أساليب عديدة كـ "الجهاد" في إحياء الأعراس، أو المساندة بصورة بالمايوه، أو الاعتذار عن عدم تقديم الحفلات الغنائية، أو التبرّع بالأجور، أو المشاركة في الحملات الإغاثية والإنسانية، وصولاً إلى الصراخ بوجه القاتل وتقديم مساعدة مادية ضخمة بلغت نصف مليون دولار أميركي في إحدى الحالات.
شمس تتحدى...
لكن النجمة شمس الكويتية تفرّدت بخيارها، على غرار تميّزها وامتلاكها موقفاً تجاه كل مهمٍّ من حولها، إذ قررت الوقوف في عين العاصفة إلى جانب بلد الأرز، بالرّغم من كلّ الضغوط والقيود التي تفرضها منصات شبكات التواصل الاجتماعي، مستندة إلى صوتها كفنانة، وإلى الإنسان في داخلها، لتقدّم عملاً فنياً يتعاطى صراحةً مع "التغريبتين" اللبنانية والفلسطينية الغائبتين عن النتاج الفني العربي بشكل شبه تام.
فقد أطلقت الفنانة الخليجية أخيراً أغنية "لماذا يا زياد؟" عبر قناتها الرسمية على موقع "يوتيوب"، مؤازرةً للبلدين العربيين لبنان وفلسطين، ومؤكدةً عدم "التنازل عن مبادئها"، بالرغم من إغلاق صفحة "أضواء" الخاصّة بها على تطبيق "سناب شات" قبل استعادتها، وبالرغم من تفكيك حروف كلمات تدويناتها على موقع "إكس".
وحملت الأغنية، من كلمات عباس الشيباني وألحان جمعة العربي، بمشاركة بسيطة من شمس، نوعاً من الحوار الافتراضيّ بين السيدة فيروز ونجلها زياد الرحباني، يحاكي بنفحة وجدانية ما يمرّ به لبنان تزامناً مع فلسطين، قبل الاستناد إلى كلمات أغنية "سألوني الناس" (كلمات الأخوين الرحباني/ ألحان زياد الرحباني) بلحن حزين يعكس الواقع الذي "يموت فيه الإنسان كل يوم"، وصولاً إلى طرح استفهامات حقيقية عن المستقبل والمصير في الأذهان القلقة.
وإلى جانب الموضوع، لا يمكن إغفال تلازم الصوت والصورة في الكليب الذي انقسم إلى لقطات أرشيفية لفيروز وزياد، إلى جانب مشاهد الحرب، وكواليس التصوير وتسجيل الأغنية. ومن أبرز ما حملته الصورة شيئاً من السوريالية، مثل مشهد لهيب القنابل مرفقاً بعبارة "طلّ من الليل قلّي ضويلّي".
الأغنية كانت في غير اتجاه
وكشفت شمس الكويتية في اتصال لـ"النهار" عن أن الأغنية، في الأساس، كانت معدّةً لتكون عاطفيةً ووجدانية بامتياز، وموضوعها زمن مختلف من الأغاني، لكنها أخذت المقدمة من "لماذا يا زياد جفوت عني" إلى "فهل فيروز باتت لا تغني"، وسارت بها في اتجاه آخر: "أنا أخذت هذه الجملة فقط وحوّلتها، كان يجب أن أضعها في إطار الموقف الذي يمرّ به لبنان".
وأوضحت بأنها أرادت التعبير خلال حوار بين هاتين الشخصيتين الأيقونيّتين، لأن "فيروز رمز راقٍ، يمثّل لبنان كبلد ووطن، وزياد يساعدها في ذلك، إذ يمثّل الشعب بطريقة أخرى"، مضيفةً: "حاولت إقامة محاكاة شبه فلسفية في حوارهما الذي يطرح أسئلة افتراضية ما إذا كانت الأزمة ستنتهي؛ وإذا توقفت فكيف ستكون النهاية؟ وهل سنُهجّر مثلما هُجّر شادي؟ وإذا انتهت المصيبة الحالية، فالدور على من غداً؟".
وختمت مؤكّدةً أنّ الأغنية والأسئلة توّلدت من "شدّة حزني واهتمامي"، على حد قولها.