يشبه يوسف الخال كل لبنانيٍ مصّرٍ على فعل الحياة في وجه الموت، رغم كل القهر داخله، والنار المنهمرة على وطنه، بل تزيده جيناته الإبداعية من والديه الشاعرين يوسف الخال ومها بيرقدار، ألماً بداعي فائض الوعي والإحساس لديه.
التقت "النهار" النجم اللبناني في كواليس مسلسله الجديد، إذ كشف في مقابلة لم يستطع إكمالها، سبب غيابه عن الـ "سوشيال ميديا" منذ مدة طويلة، والوجع الذي يعتريه ويسكن باطنه وظاهره، إضافة إلى جوانب من العمل الدرامي ودوره في بطولته، ورمزية عنوانه "عن الحب والكذب" من تأليف رنا الفقيه، وإخراج سيف السبيعي، وإنتاج شركة "الصدى"، والذي تشارف عمليات تصويره على الانتهاء.
يقول الخال: "الحب والكذب كلمتان تمثلان جدلية باجتماعهما، فالإنسان كثيراً ما يكذب بسبب الحب، أو يحبّ بسبب الكذب، ودوري أنا في المسافة الواقعة بينهما، وهذه الإشكاليّة التي يصنعاها والفعل الذي يوّلدانه أمران قد يقسمان الجمهور بين مؤيد ورافض، وكاد هذا أن يدفعني إلى رفض الدور في الأساس، إذ أربكني في البداية، فأنا لم أقبل الدور عشوائياً، إلّا بعد أن درست عمق الموضوع وأيقنت أبعاده، رغم أنه يتناول ما يُعدّ من التابوهات"، مضيفاً أنّه يجسّد شخصية طبيب نسائي، قّدم لها أدواتها التمثيلية الخاصة في الحركة والتعبير، والتي بالطبع لا تشبه شخصه الفعلي.
يوسف الخال وكندة حنّا من كواليس مسلسل "عن الحب والكذب"
ويُشير إلى أهمية علاقته بالممثلين المشاركين معه في المسلسل المؤلف من 15 حلقة: كندة حنّا ورشا بلال وأيمن عبد السلام ودوجا حجازي. يقول: "هناك كيمياء بين الجميع، فجميعنا نعرف ونحترم بعضنا بعضاً، وتقريباً كلّنا عملنا معاً في مسلسلات سابقة، الأمر الذي سينعكس حكماً على الشاشة"، متابعاً عن حنّا التي شكّل معها ثنائيةً مميزة في مسلسل "خاتون" (2016): "أوّجه التحيّة الى كندة، فهي فنّانة محترفة ورائعة بكل المعايير، تعمل بتفانٍ وجديّة وتعرف مهنتها جيداً. أرتاح الى العمل معها، وكلانا أصبح أنضج بعد تجربتنا الأولى معاً منذ سنوات، وللعلم... أنا أناديها خاتون".
وفي معرض ردّه على سؤال عن ملاحظة جمهوره ومتابعيه تراجع نشاطه على شبكات التواصل الاجتماعي في الآونة الأخيرة، يُعرب الخال عن استيائه من "الوهم الخادع المنتشر على هذه المنصات، إلى جانب انعدام المعايير الحقيقية" مع المستجدات التكنولوجية: "هناك سبب لكل شيء. في البداية، كنت ناشطاً على السوشيال ميديا، وإذ كنت أعتبر منصة ’إكس‘ (تويتر سابقاً) منصة إعلان وإعلام، وأستخدم منصة ’إنستغرام‘ لنشر الصور والمواقف. كان التفاعل جيداً مع الناس، تخبرهم بمعاناتك وتستمع إلى معاناتهم مثلاً، لكن فجأة تغيّر الوضع. أصبحت هناك جيوش إلكترونية، وبدأت الأمور تصبح غير واضحة. الحقيقة اختلطت بالكذب، وتولّد نوع من الفوضى في فضاء التواصل الاجتماعي. الأمور لم تعد كما كانت من قبل. هناك جنون لا أعلم كيف يمكن لجمه، بين السوشيال ميديا والذكاء الاصطناعي والحرب".
لم تخرج كلمة الحرب على لسان الممثل والزوج والأب والابن والمواطن... والإنسان، إلّا بغصّة بدت واضحة بتشنج حركاته، وعلى معالم وجهه، حيث يمكن رؤية قهرها الطاعن عميقاً في روحه، فيستدرك قائلاً بدموع يحبسها في عينيه: "بصراحة، لست سعيداً. نحن كلنا لسنا بخير، نحاول أن نبتسم ونتواصل، لكن عقولنا في مكان آخر، وقلوبنا مثقلة. هناك خوف، هناك قلق، نحن نعيش في حالة من عدم الأمان".
ويضيف: "أتمنى أن تُحلّ الأمور وتصبح أفضل بطريقة أو بأخرى"، قبل أن يخنقه الوجع، وربما أفكار سوداء تفرضها مآسي البلاد، لتختم هذه المقابلة التي قد تكتمل في يوم آخر، في وطن لا ينزف...