مراكش - كريم السعدي
في حضور نخبة من نجوم السينما العالمية، انطلقت مساء الجمعة فعاليات المهرجان الدولي للفيلم في مراكش بدورته الـ21، التي ستستمرّ حتى السابع من كانون الأول (ديسمبر)، بعرض 71 فيلماً من 32 بلداً.
وتميّز حفل الافتتاح، الذي قدّمته الإعلامية المغربية نبيلة الكيلاني، بتقديم أبرز فقرات دورة هذه السنة، بالإضافة إلى تقديم أعضاء لجنة تحكيم المسابقة الرسمية، التي يترأسها المخرج الإيطالي لوكا جوادانيينو، وتشهد حضور المخرج الإيراني علي عباسي، والمخرجة الهندية زويا أختر، والممثلة الأميركية باتريشيا أركيت، والممثلة البلجيكية فيرجيني إيفيرا، والممثل الأوسترالي جاكوب إيلوردي، والممثل البريطاني - الأميركي أندرو غارفيلد، والممثلة المغربية نادية كوندا، والمخرج الأرجنتيني سانتياغو ميتري.
إثر ذلك، عرض فيلم "الأمر" بحضور مخرجه الأسترالي جاستن كورزيل، الذي تدور أحداثه في شمال غرب المحيط الهادي بالولايات المتحدة، حيث أدّى الارتفاع المقلق للهجمات الإرهابية بالقنابل وعمليات السطو على البنوك إلى دخول ضابط متمرّس من مكتب التحقيقات الفيدرالي، ليجد نفسه في مواجهة خطيرة مع إرهابي بشخصية كاريزمية يتآمر للإطاحة بالحكومة الأميركية.
وفي كلمة أثناء تقديم أعضاء لجنة التحكيم، استحضر جوادانيينو زيارته إلى المدينة الحمراء في 2002، قائلاً: "وصلت إلى مراكش في رحلة مباشرة من روما. حطّت الطائرة في منتصف الليل، وبمجرد أن خرجت، جرفني ليل مراكش وتعرّفت فوراً إلى جذوري العميقة. والدتي جزائرية نشأت في الدار البيضاء. كانت في الواقع مغربية، لذلك أنا نصف مغربي".
وتحدث عن سحر مراكش، بالقول: "بالنسبة إليّ، مراكش والسينما هما الشيء ذاته، غموض الصورة وقوّة المونتاج وفائض الجمال، والقوة التي تحرّك السينما التي أحبّها تتطابق في رأيي مع هذه القيم التي تجسّد مراكش والمغرب بالنسبة إليّ"، مضيفاً: "لطالما رحّب بي بحفاوة في هذا البلد الرائع".
وتتوزّع الأفلام المشاركة على فقرات "المسابقة الرسمية"، و"العروض الاحتفالية"، و"العروض الخاصة"، و"القارة الحادية عشرة"، و"بانوراما السينما المغربية"، و"عروض الجمهور الناشئ"، علاوة على الأفلام المبرمجة في فقرة "التكريمات".
ويواصل مهرجان مراكش بدورة هذه السنة تكريم أسماء كبرى في السينما العالمية، إذ سيكون الموعد مع ثلاثة فنانين بارزين كان لإسهاماتهم الإبداعية، التي امتدّت على عقود عدّة، أثر كبير في المشهد السينمائي، بمنَ فيهم الممثلة المغربية نعيمة المشرقي، التي رحلت في الخامس من أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، والتي يخصّها المهرجان بتكريم بعد الوفاة، بالإضافة إلى الممثل والمخرج الأميركي شون بين، والمخرج الكندي ديفيد كروننبرغ.
وتشهد "المسابقة الرسمية" مشاركة 14 فيلماً، تُعدّ بمثابة الفيلم الأول أو الثاني لمخرجيها. وسيتنافس السينمائيون على "النجمة الذهبية" للمهرجان من خلال عرض أفلام من مختلف الأنواع السينمائية، من الميلودراما إلى الأفلام الوثائقية، مروراً بالسرد المتخيّل والكوميديا الرومانسية.
وستكون السينما المغربية حاضرة في دورة هذه السنة من خلال برمجة متنوّعة، تشمل 12 فيلماً ستعرض في مختلف أقسام التظاهرة.
وتواصل التظاهرة فتح نقاشات مفتوحة مع مخرجين وممثلين وكُتّاب سيناريو ومنتجين يقدّمون رؤيتهم للسينما وممارساتهم المهنية، ويتبادلون في إطارها خبراتهم في محادثات حرة مع جمهور المهرجان. وتضمّ قائمة المشاركين في هذه الفقرة 18 شخصية، على غرار المخرج والسيناريست والمنتج الأميركي تيم بورتون، والمخرج والسيناريست الكندي ديفيد كروننبرغ، والممثلة البريطانية جيما أرترتون، والممثل والمخرج الأميركي شون بين، والمخرج والسيناريست والمنتج الإيراني محمد رسولوف، والمخرج الموريتاني عبد الرحمن سيساكو، والمخرجة الفرنسية جوستين ترييه، والممثلة الإيطالية مونيكا بيلوتشي. وسيتمّ إجراء حلقة حوارية مع المخرجين المغاربة علاء الدين الجم، ياسمين بنكيران، إسماعيل العراقي وكمال الأزرق يتحدّثون خلالها عن أفلامهم الأولى.
ورحّب الأمير مولاي رشيد، شقيق العاهل المغربي ورئيس مؤسسة المهرجان، في كلمة تقديمية للدورة بالمشاركين، مؤكّداً رغبة أن تمثّل دورة هذه السنة "لحظة قوية لتقاسـم الخبرات، وفضاء لتلاقح الثقافات، وكذلك رسالة صادقة للحوار والسلام عبر العالم".
وقال الأمير إنّ المهرجان استطاع منذ نشأته في شـهر سبتمبر 2001، أن يستقطب ألمع نجوم السينما العالمية، معززاً بذلك "موقع المغرب كوجهة بارزة للإنتاجات الأجنبية الكبرى"، ومساهماً في "الدينامية التي تشـهدها الصناعة السـينمائية الوطنية، تنمية لمواهبها".
وتنفيذاً لتوجيهات الملك محمد السادس، إبّان تأسـيس المهرجان، شدد الأمير مولاي رشيد على أنّ الالتزام بدعم المواهب السينمائية الشابة ظلّ راسخاً عبر السنين، إذ قام المهرجان بدعم المئات من حاملي المشاريع، وتشجيع بروز جيل جديد من السـينمائيين. ورأى أن هذه التجربة، التي ستكون لا محالة مصدر إلهام للأجيال المتعاقبة، تُعدّ استمراراً للتطوّر الذي تشهده الصناعة السينمائية في المملكة، حيث بلغ عدد الأفلام المنتجة السـنة الماضية 34 فيلماً.
وتحدّث الأمير عن تطوير برنامج "ورشات الأطلس" من خلال اعتماد مجموعة مـن المبادرات، منها إطلاق "منصة الأطلس" الموجّهة إلى المهنيين المغاربة الشباب، والتي ستعمل على مواكبتهم من أجل تطوير مهاراتهم، وانفتاحهم على العالم؛ وذلك في سياق سعي يروم مواصلة تعزيز المنظومة السينمائية الوطنية.