يرتبط حاضر تركيا بماضيها من خلال فصول جديدة ظهرت مجدداً باكتشاف أثري في مدينة طرسوس القديمة، لمقبرتين في قلب الصخر يعود تاريخهما الى 2000 عام.
تنضمّ المقبرتان إلى مجموعة قبور صخرية في المدينة القديمة، مع الإشارة إلى أن وسائل الإعلام المواكبة لهذا التنقيب لفتت الى أن كل مقبرة في هذا الاكتشاف الأثري الجديد "متوّجة" برأسي ثورين من القبر نفسه، ما يبلور رؤى جديدة عن طقوس الدفن في الحقبة الرومانية القديمة.
في التفاصيل، أفادت مجلة "العلوم والحياة" في عددها الصادر في 18 أيار (مايو) الجاري، وفقاً لتحقيق أحد صحافييها لوري هنري، أن باحثين من جامعة اسطنبول ومتحف أدمان الأثري قاموا بالتنقيب عن الآثار في هذه المدينة الرومانية القديمة الواقعة على مقربة من قرية قيولي التابعة لمحافظة أديامان في جنوب شرق تركيا.
وأشار موقع "هيرتيج دايلي" إلى أن هذا الاكتشاف الأثري المهم اليوم يُضاف إلى مجموعة من 60 قبراً محفوراً في الصخر تمّ إكتشافها في السابق وتحديداً بعد بدء الحفريات في العام 2021 .
ولفت موقع "آركيو نيوز" في مقال خاص عن هذا الاكتشاف، إلى أن المدفنين المحفورين مباشرة في الصخر يعكسان سمة نموذجية للممارسات الجنائزية المعتمدة في العصر الروماني القديم.
ووصف الموقع نفسه أن الزائر المتطفل على هذا العالم، الذي يلفّه سكون الموت، ملزم بنزول نحو 13 درجة للوصول إلى المقابر المحفورة في الصخر.
قبل الدخول في تفاصيل ما ترمز إليه رؤوس الثيران "المتوّجة" على المقبرتين الجديدتين، لا بدّ من التوقف عند الوصف العام لنائب مدير متحف أديامان الأثري مصطفى تشيليك، الذي أشار فيه الى أن هذا الإكتشاف الجديد ينضمّ الى سلسلة مقابر مماثلة تمّ اكتشافها في المنطقة نفسها، والتي تمّ التنقيب عنها في العام 2021، وهي تضمّ مدينة طرسوس القديمة المؤلفة من ثلاث مناطق اثرية رئيسية هي التل الكبير، التل الصغير ومنطقة المقبرة الكبيرة، وهي مساحة منظّمة جداً، مع ما يرافق ذلك من أدلة لا جدال فيها عن طقوس خاصة للجنازة المحلية، والتي لها دلالات رمزية ودينية منذ ذلك الوقت.
وأكّد تشيليك أن المقبرتين المكتشفتين حديثاً محاطتان في كل واحدة منهما برؤوس ثيران منحوتة بدقة من كل جزء من المقبرة، وهذا شكل من أشكال الزخرفة الشائعة الكلاسيكية في العصر الروماني القديم.
ولفت الى أن رؤوس الثيران المزينة بأكاليل وورود، وهي عناصر زخرفية شائعة في المراسيم الجنائزية الرومانية، ترمز غالباً الى التضحية والطهارة.
وعرض مقال مجلة "العلوم والحياة" نفسه لأهمية الثيران، التي احتلت مكانة مرموقة في الثقافة الرومانية القديمة من خلال تجسيدها مجموعة قيم تمثل من خلالها القوة، الخصوبة والسلطة.
الأهم أيضاً، وفقاً للمصدر نفسه، أن الثيران، التي كانت ترمز إلى السيطرة الإلهية والأرضية، ارتبطت في علاقة وطيدة مع الإله جوبيتر بصفته ملك الآلهة الرومانية، وهو من دون أي شك رمز من رموز مدينة أثينا، وصورته اعتُمدت على واجهة العديد من العملات المعدنية الأثينية.
وذكر المقال أن المقبرتين الجديدتين ومجموعة المقابر في هذه المدينة القديمة تشكّل حافزاً أساسياً لإنعاش عجلة كل من السياحة الداخلية والخارجية في تركيا.
Twitter:@rosettefadel