لم يكن كريستوفر كولومبوس أول من اكتشف أميركا الجنوبية، فبينما يُعزى إليه اكتشاف الأميركتين عامةً من منظور الأوروبيين في العصور الحديثة، إلا أن هناك دلائل تشير إلى أن هناك اكتشافات واتصالات سابقة لأميركا من قبل شعوب وحضارات أخرى.
في اكتشاف مثير، عثر علماء الآثار مؤخراً على أدلة لحضارة مفقودة كانت تعيش في أميركا الجنوبية قبل 4000 عام على الأقل، ويتضمن هذا الاكتشاف رسومات صخرية على جبل مسطح القمة في فنزويلا، ويكشف عن تفاصيل ثقافة غامضة عاشتها مجموعات من الصيادين وجامعي الثمار. وتتضمن الرسومات تصاميم ملونة من أنماط النقاط، وزخارف أوراق الشجر وأشكال العصي التي قد تكون جزءاً من طقوس غامضة.
وقال الباحث الرئيسي خوسيه ميغيل بيريز-غوميز لموقع ديلي ميل إن الدراسات السابقة لم تجد أي علامات على نشاط بشري في المنطقة، ما يشير إلى أن حضارة غير معروفة سابقاً صنعت هذا الفن.
اكتُشف الفن الصخري في منتزه كانيما الوطني الذي يمتد على مساحة تفوق 29000 كيلومتر مربع في ولاية بوليفار، ويرى الباحثون أنه عائد لحضارة جديدة من الصيادين وجامعي الثمار الذين وصلوا إلى منطقة متنزه كانيما الوطني في نهاية العصر الجليدي على الأرجح، ويظن الباحثون أنهم استقروا هناك وتطوروا ثم انتشروا إلى باقي المنطقة، ووصلوا إلى أماكن بعيدة مثل حوض الأمازون.
استخدم الصيادون وجامعو الثمار صبغة أوكسيد حمراء طبيعية مصنوعة من الطين المطحون والكوارتز والطباشير.
وتشبه بعض الزخارف أشكال العصي، وهي رمز على شكل هراوة مع أشكال باهتة حولها قد تكون علامة على نجاح مساعي الصيد. يعتقد علماء الآثار أن الرسومات قد تكون مرتبطة بالولادة أو المرض أو الطبيعة أو الصيد وأن الموقع ربما كان ذا أهمية دينية كبرى، لكن يجب إجراء المزيد من البحوث لفهم المعنى وراء الرسومات وما تمثله.
عُثر أيضاً على كتابات باهتة على الجدار الصخري تعود إلى عام 1947، والتي يبدو أنها تعود للمستكشف الإسباني الكابتن فيليكس كاردونا بويغ الذي اكتشف المنطقة، كما تم إيجاد بقايا الفخار والأدوات الحجرية مبعثرة في المنطقة، ما يشير إلى أنها ربما كانت تستخدم من قبل الصيادين وجامعي الثمار الذين صنعوا هذا الفن. وحافظت هذه اللوحات على ألوانها ومحتوياتها في المنطقة المتدلية من الجبل رغم العوامل الطبيعية والظروف المناخية.
تشير دراسة مقارنة الأساليب إلى أنها تشبه الرسومات الصخرية بالقرب من الحدود البرازيلية، والتي تم تأريخها إلى قبل حوالي 4000 عام. ولكن الفن الصخري المكتشف حديثاً أكثر بدائية، ما يشير إلى أنه قد يكون أقدم حتى من ذلك.
ويعتبر علماء الآثار أن هذه الاكتشافات استثنائية لأنها تملأ فجوة في منطقة لم تُستكشف من قبل من الناحية الأثرية، بالإضافة إلى أنها توفر سياقاً لدراسات إقليمية أخرى في شمال البرازيل وغويانا وجنوب كولومبيا.
وبحسب فريق علماء الآثار، فإن المتنزه نفسه أكبر من بعض الدول مثل السلفادور وبلجيكا، لذا من المحتمل العثور على مزيد من الآثار إذا استمرت البحوث أعمق. ويعمل الفريق الآن مع باحثين في الدول المجاورة لتحديد ما إذا كانت المجموعات الثقافية نفسها قد أنشأت هذا الفن الصخري.
هذا الاكتشاف ليس مهماً لفنزويلا فقط، بل يشير أيضاً إلى غنى ثقافي وإثني سيعزز على مستوى العالم نظرتنا لهذه المنطقة.