في اكتشاف أثري مذهل، عثر فريق من علماء الآثار على مذبح مفقود منذ فترة طويلة في في كنيسة القيامة في القدس، هو الموقع الذي قيل إن يسوع قد دُفن فيه وقام من بين الأموات، ويعد هذا الاكتشاف بمثابة نافذة جديدة تتيح لنا فهماً أعمق لأحد أهم الفصول في التاريخ الديني.
كنيسة القيامة
تُعتبر كنيسة القيامة من أقدس الأماكن المسيحية وأحد أهم المواقع الدينية في العالم، وتقع في البلدة القديمة بالقدس، ويُعتقد أنها تضم موقع صلب ودفن وقيامة يسوع المسيح، ما يجعلها مقصداً للحج ومركزاً للتاريخ الديني العريق، ويزورها حوالي أربعة ملايين زائر كل عام.
بنيت الكنيسة التي يزيد قطرها عن 5400 قدم تقريباً، فوق معبد روماني مخصص للإلهة فينوس في عام 335 م بأمر من الإمبراطور قسطنطين الكبير، بعدما اكتشفت والدته، القديسة هيلانة، الموقع الذي يُعتقد أنه مكان صلب المسيح. وتم البناء بتكليف من الإمبراطور الروماني قسطنطين الأول، وخلال عملية التحويل تم الكشف عن قبر يُعتقد أنه قبر السيد المسيح الذي توفي قبل ذلك بحوالي 300 عام.
تعرضت كنيسة القيامة للهجوم على مر القرون، حيث دمرها الجيش الفارسي عام 614م، وكادت أن تُهدم عام 1009م، ثم اشتعلت فيها النيران خلال القرن التاسع عشر، ويُعتقد أن المذبح قد ضاع، وتمثل كنيسة القيامة في القدس نقطة محورية في التاريخ المسيحي وتستمر في جذب الملايين من المؤمنين والسياح من جميع أنحاء العالم. وبفضل تاريخها العريق وأهميتها الدينية، تظل هذه الكنيسة أحد أبرز معالم القدس وأكثرها تأثيراً.
المذبح المفقود
تم اكتشاف هذا المذبح عندما قام عمال البناء بقلب لوح حجري ضخم مغطى بالكتابات على الجدران كان متكئاً على جدار كنيسة القيامة في القدس. وكان المذبح الذي يبلغ طوله ثمانية أقدام وعرضه خمسة أقدام، مزيناً بزخارف شريطية، وهي ممارسة رومانية خلال العصور الوسطى، وعلامات مميزة تقود الباحثين إلى الاعتقاد أنه المذبح الذي تم تكريسه في عام 1149.
كان يُعتقد أن المذبح قد دُمر في حريق عام 1808. وبحسب تقرير ديلي ميل، يقول الفريق من الأكاديمية النمساوية للعلوم (OeAW) الذي اكتشف هذا الاكتشاف: "بالنسبة للمؤرخين، يعتبر هذا الاكتشاف مثيراً للإعجاب من جوانب عدة، حيث إن اللوح كان من الممكن أن يظل مخفياً لفترة طويلة في مبنى تم البحث فيه بحثاً كثيفاً مثل كنيسة القيامة، خاصةً أنه كان على مرأى من آلاف الحجاج والسياح كل يوم".
لم يلاحظ الباحثون البلاطة لقرون، ويكمن السبب في أن السياح قد رسموا وكتبوا على الجزء المواجه للجانب الأمامي منها منذ فترة طويلة، إلا أن الزخارف غير الاعتيادية على الجانب المواجه للجدار قادتهم إلى ما يسمى بـ"كوزميتسك".
الفن الكوزماتيكي
الفن الكوزماتيكي هو أسلوب من الفسيفساء المعمارية الزخرفية الذي ازدهر في إيطاليا خلال القرون الوسطى، خاصة في القرنين الثاني عشر والثالث عشر، ويتميز هذا الفن بالتصاميم الهندسية المعقدة التي تتكون من قطع صغيرة من الرخام والأحجار الملونة والزجاج. ينتشر هذا النوع من الفن خاصة في الكنائس والأديرة الإيطالية، ويعتبر تعبيراً رائعاً عن الحرفية والتفاني في التفاصيل الدقيقة.
يُنسب اسم "كوزماتيكي" إلى عائلة كوزماتي (Cosmati) من روما، الذين كانوا حرفيين مشهورين في صنع هذا النوع من الزخرفة. وقد اشتق الاسم من كلمة "كوزماس" التي تعني النظام أو التنسيق في اللغة اليونانية. ومن أهم المواقع التي تحتوي على هذا الفن: كنيسة سان كليمنتي في روما، كاتدرائية مونريالي، بازيليك القديس يوحنا اللاتراني.