في أعماق الذاكرة الجماعية، تظل سفينة التايتانيك رمزاً للفخامة والكارثة البحرية التي أودت بحياة أكثر من 1,500 شخص في عام 1912. فبعد غرقها في المحيط الأطلسي، أصبحت حطام التايتانيك موضوعاً لبحث مستمر، ورمزاً للتاريخ الغارق في الغموض والمأساة. واليوم، يتحدث العالم عن مستودع سري يضم مجموعة نادرة من الأغراض التي كانت على متن هذه السفينة الشهيرة، ما يعيد إشعال النقاش حول أهمية الحفاظ على هذه القطع التاريخية.
في منطقة غير معلنة، ربما في أعماق أحد المخازن المحصنة جيداً، هناك مستودع سري يحتوي على مجموعة من الآثار النادرة التي انتُشلت من حطام التايتانيك. هذا المستودع الذي تديره منظمة غير معلومة، يضم مقتنيات متنوعة تتراوح بين متعلقات شخصية للركاب وأوانٍ فضية، وقطع من الديكور الداخلي للسفينة، وكل ما يعرف عنه هو أنه في مكان ما في أتلانتا، جورجيا، في الولايات المتحدة.
لم يُعلن عن مكان المستودع بالضبط لأسباب أمنية وللحفاظ على سلامة الأغراض الموجودة داخله. هذه المجموعة ليست متاحة للجمهور، ويقتصر الوصول إليها على مجموعة صغيرة من الباحثين والخبراء في مجال التاريخ البحري.
وبحسب ما نشره موقع BBC، تمتلك شركة آر إم إس تايتانيك الأميركية حقوق البحث الحصري القانوني في حطام السفينة، ولكن يتعين عليها القيام بذلك في ظل ظروف صارمة، فلا يمكن بيع الموجودات منفصلةً، ويجب الحفاظ عليها صحيحةً. وقد استعادت على مرّ السنين 5500 قطعة من الموقع، تُعرض مجموعة مختارة منها في جميع أنحاء العالم.
يضم هذا المستودع آلاف القطع، منها حوض استحمام مقلوب وكوة مسننة، بالإضافة إلى الأواني الزجاجية المحفورة بدقة والأزرار الصغيرة.
وقد أتيحت لهيئة الإذاعة البريطانية فرصة نادرة لزيارة المخزن هذا واكتشاف بعض القصص من خلال المحفوظات ومنها:
1- حقيبة من جلد التمساح
الحقيبة مصنوعة من جلد التمساح، وقد بقيت بحالة جيدة لعقود من الزمان في أعماق شمال الأطلسي. كما بقيت الأغراض الموجودة بداخلها بحالة جيدة أيضاً، ما ساعد بالكشف عن تفاصيل حياة مالكتها، راكبة من الدرجة الثالثة تدعى ماريان مينويل.
ومن بين الأغراض التي وجدت داخل الحقيبة: صورة باهتة وأوراق وبطاقة الفحص الطبي.
2- عطر ما زالت رائحته نافذة
تم إيجاد قوارير صغيرة من العطر ذات رائحة قوية وفوّاحة، حتى بعد مرور عقود من الزمان في قاع البحر.
وتعود هذه القوارير إلى بائع عطور كان على متن السفينة وكان بحوزته من 90 زجاجة عطر صغيرة. كان اسمه أدولف سالفيلد وكان مسافراً كراكب من الدرجة الثانية، وكان واحداً من الناجين الـ700.
3- الشمبانيا والفخامة
تتضمن المجموعة أيضاً زجاجة شمبانيا غير مفتوحة، فالشمبانيا بداخلها ولها فلينة في الأعلى، وكان هناك الآلاف من زجاجات الشمبانيا على متن السفينة، فقد أراد مالك السفينة أن يستمتع ركاب الدرجة الأولى بأقصى درجات الفخامة، مع أجواء فخمة وأرقى أنواع الطعام والشراب.
4 - مسامير غير محكمة
كانت السفينة تايتانيك في رحلتها الأولى، من ساوثهامبتون إلى الولايات المتحدة، عندما اصطدمت بالجبل الجليدي. وقد كانت السفينة تتمتع بخصائص أمان متقدمة في ذلك الوقت، فقيل عنها إنها غير قابلة للغرق.
يحتوي المستودع على بعض مسامير السفينة، وهي عبارة عن مسامير معدنية ضخمة كانت تربط ألواح الفولاذ السميكة معاً وكان هناك أكثر من ثلاثة ملايين منها.
وعندما غرقت تايتانيك، كانت هناك نظرية مفادها أنهم ربما استخدموا مواد دون المستوى المطلوب، وهذا ما تسبب في غرقها أسرع.
5- الفوارق الاجتماعية
كانت الحياة على متن السفينة متفاوتة بالنسبة للأشخاص من مختلف الطبقات الاجتماعية، حتى في الكؤوس والأطباق التي كانوا يستخدمونها.
فالكوب الأبيض الذي استُخدم في الدرجة الثالثة بسيط ومتين، ويحمل شعار النجمة البيضاء باللون الأحمر الزاهي. أما الطبق المستخدم في الدرجة الثانية فيحمل زخرفة زهرية زرقاء جميلة ويبدو أرقى قليلاً. فيما طبق العشاء للدرجة الأولى مصنوع من الخزف الرقيق ويتضمن حافة ذهبية وزخرفة على شكل إكليل.
حتى الآن، جُمعت جميع القطع الأثرية من حقل الحطام. ولكن مؤخراً أثارت شركة آر إم إس تايتانيك المحدودة الجدل بإعلانها عن رغبتها في استعادة شيء من السفينة نفسها: معدات الراديو ماركوني التي نقلت نداءات الاستغاثة من تايتانيك ليلة الغرق.
وبينما يستمر الجدال حول مصير هذه الأغراض النادرة، يبقى المستودع السري شاهداً صامتاً على تاريخ التايتانيك الغني والمأساوي. سواء عُرضت هذه القطع في المستقبل أم لا، فإنها تظل تذكرنا بأهمية الحفاظ على التاريخ واحترامه. وتبقى قصة التايتانيك، بما تحمله من دروس وعبر، حية في ذاكرة البشرية، تعيدنا دائماً إلى تلك الليلة الباردة في عام 1912 عندما اصطدمت الفخامة بالقدر، وغرقت أحلام كثيرة في أعماق المحيط.