كانت الصورة كفيلة بالتعرف على حطام السفينة "تيتانيك" فوراً، إذ كانت مقدمة السفينة تلوح في أعماق المحيط الأطلسي، لكن كشفت رحلة استكشاف جديدة عن آثار التحلل البطيء، مع وجود قسم كبير من سور السفينة حالياً في قاع البحر.
فخلال سلسلة من عمليات الغطس التي قامت بها الروبوتات هذا الصيف، تم اكتشاف السور المفقود الذي خلّده "جاك وروز" في الفيلم السينمائي الشهير، وتُظهر الصور الملتقطة كيف أن الحطام قد تغير بعد أكثر من 100 عام تحت الماء.
ووفقاً لـ"توماسينا راي" مديرة المجموعات في شركة "آر إم إس تيتانيك" التي نفذت الرحلة الاستكشافية: "إن مقدمة السفينة أيقونية، وهذا ما تفكر فيه عندما تفكر في حطام السفينة، لكن لم يعد الأمر كذلك بعد الآن". وتابعت: "إنه مجرد تذكير آخر بالتدهور الذي يحدث يومياً، يسأل الناس دائماً كم من الوقت ستبقى "تيتانيك" هناك ونحن لا نعرف الجواب ولكننا نشاهدها في الوقت الحقيقي".
ويعتقد الفريق أن قسم السور البالغ طوله حوالي 4.5 أمتار (14.7 قدماً) سقط خلال العامين الماضيين، وتُظهر الصور والمسح الرقمي من الرحلة الاستكشافية المنفذة في عام 2022 من قبل شركة "ماجلان" لرسم خرائط أعماق البحار وصانعي الأفلام الوثائقية "أتلانتيك برودكشنز"، أن السور كان لا يزال متصلاً على الرغم من أنه بدأ في الالتواء.
وقالت "توماسينا" إن المعدن انهار وسقط في وقت ما، وهو ليس الجزء الوحيد من السفينة على عمق 3800 متر الذي ضاع في البحر، إذ إن الميكروبات تسبب تآكل الهيكل المعدني، ما يؤدي إلى صدئه.
وقد وجدت الرحلات السابقة أن أجزاءً من سفينة "تيتانيك" تنهار، وأظهرت عمليات الغطس التي قادها المستكشف "فيكتور فيسكوفو" في عام 2019 أن الجانب الأيمن من مسكن الضباط كان ينهار، ما أدى إلى تدمير الجناحات الفاخرة واختفاء معالم مثل حمام القبطان.
في تموز (يوليو) وآب (أغسطس) 2024، قامت شركة "آر إم إس تيتانيك" برحلتها الاستكشافية عبر مركبتين يتم تشغيلهما عن بعد من طراز (ROVs)، وقد التقطت أكثر من مليوني صورة و24 ساعة من اللقطات العالية الجودة لكل من الحطام الذي انقسم أثناء غرقه بحيث كانت المسافة بين مقدمته ومؤخرته حوالي 800 متر وحقل الحطام المحيط به. تقوم الشركة الآن بمراجعة اللقطات بعناية لفهرسة الاكتشافات وستقوم في النهاية بإنشاء مسح رقمي ثلاثي الأبعاد مفصل لموقع الحطام بأكمله، وسيُكشف عن المزيد من الصور في خلال الأشهر المقبلة.
وعلى الرغم من الصعوبات التي اعترضت الفريق، إلا أنه أُعلن عن اكتشاف آخر لقطعة أثرية كانوا يأملون العثور عليها.
وفي عام 1986، تم رصد التمثال البرونزي "ديانا فرساي" وصوّره "روبرت بالارد"، الذي عثر على حطام سفينة "تيتانيك" قبل عام، لكن موقعه لم يكن معروفاً ولم يتم توثيق التمثال الذي يبلغ طوله 60 سم منذ ذلك الوقت. على الرغم من ذلك، اكتُشف حالياً وهو ملقى في الرواسب في حقل الحطام.
ويقول الباحث في "تيتانيك" ومقدم برنامج "Witness Titanic podcast" "جيمس بينكا" في التقرير: "كان الأمر مثل العثور على إبرة في كومة قش، وإن إعادة اكتشافها في هذا العام أمرٌ بالغ الأهمية". لقد كان هذا التمثال معروضاً لركاب الدرجة الأولى على متن سفينة "تيتانيك".
تمتلك شركة "آر إم إس تيتانيك" حقوق إنقاذ السفينة، وهي الشركة الوحيدة المسموح لها قانوناً باستخراج المواد من موقع الحطام، إذ استعادت الشركة على مر السنين آلاف المواد من حقل الحطام وتم عرض مجموعة مختارة منها في جميع أنحاء العالم. كما ترغب الشركة بالعودة في العام المقبل لاستعادة المزيد من المواد إلى اليابسة، ويعتبر تمثال "ديانا" من أهمها، لكن يعتقد البعض أن الحطام هو بمثابة نصب تذكاري يجب تركه من دون تغيير. وقال "بينكا" في أعقاب ذلك: "إن إعادة اكتشاف تمثال "ديانا" هو الحجة المثالية لترك تيتانيك وشأنها".
"لقد كانت قطعة فنية من المفترض أن يتم مشاهدتها وتقديرها، والآن أصبحت تقبع في ظلام دامس في قاع المحيط... حيث كانت موجودة طيلة 112 عاماً".